وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بعض المعلقين يرون أن استقرار "مؤشّر السعادة" في فنلندا أمر ممل، بينما يحاول البعض الآخر فهم سبب تصدّر هذا البلد دائمًا لهذه القائمة.
وفيما يلي، يوضّح الفيلسوف والكاتب الفنلندي فرانك مارتيلا أبرز الأسباب التي تقف وراء إساءة فهم بعض العناصر المتعلّقة بترتيب الدول الأكثر السعادة:
اظهار أخبار متعلقة
*يعتمد الترتيب بأكمله على سؤال واحد
جميعنا يعتقد أن تصنيف السعادة يعتمد على عوامل مثل الدعم الاجتماعي والدخل والصحة والحريّة ومؤشر الفساد، ولكن مارتيلا يشير إلى أن الأمر ليس كذلك.
وفي الواقع، يُطرح السؤال التالي على حوالي ألف شخص من كل بلد في استطلاعات تحديد أسعد بلد في العالم: "على سُلّم من 0 إلى 10، حيث يمثّل الجزء الأعلى من السُلَّم أفضل حياة ممكنة بالنسبة لك والجزء السفلي أسوأ حياة ممكنة، يرجى أن تُخبرنا بالدرجة التي تمثّلك الآن على الصعيد الشخصي". واستنادًا إلى إجابات هذا السؤال، يتم احتساب المتوسط الذي يكون مؤشر السعادة للبلد المعني.
*ليس فقط فنلندا، وإنما كل الدول الاسكندنافية
في تقرير السعادة العالمي، تصدّرت فنلندا القائمة بمتوسط نقاط 7.80، تليها الدنمارك بـ 7.59 وأيسلندا بـ 7.53.
وقد توصّل مارتيلا إلى أن المشاركين من الدول الإسكندنافية يعطون إجابات مماثلة لهذا السؤال، مشيرًا إلى أن "نجاح الدول الإسكندنافية المُستقر مُذهل، ذلك أن خمس دول إسكندنافية (وهي فنلندا والسويد والنرويج والدنمارك وأيسلندا) تحتل المراكز السبع الأولى لقائمة أسعد الدول في العالم".
وبحسب الكاتب الفنلندي، فعند تفسير نجاح فنلندا تركز الدراسة على ما قامت به الدول الإسكندنافية بشكل صحيح مقارنةً بالبلدان الأخرى".
اظهار أخبار متعلقة
*المؤسسات وليس العادات الثقافية
عندما تفوقت فنلندا على الدنمارك، تم التركيز على ثقافة الساونا الفنلندية و"السيسو" وهي الصفة الثقافية الغامضة.
ويعتقد مارتيلا، أن السر ليس في هذه العناصر، فعند النظر إلى مؤشرات الفساد وحرية الصحافة وسيادة القانون والديمقراطية، تظهر فنلندا وبقية الدول الإسكندنافية باستمرار بين أفضل الدول في العالم من حيث الأداء.
و يعزو الفيلسوف الفنلندي هذا النجاح إلى وجود مؤسسات موثوقة في هذه البلدان، موضحًا "إذا جمعت بين سياسات الرفاهية (الرعاية الاجتماعية) الشهيرة للدول الإسكندنافية (مثل الخدمات الصحية المجانية والتعليم المجاني وإعانات البطالة ورواتب المتقاعدين)، ستبدأ في رؤية الصورة الكبيرة".
اظهار أخبار متعلقة
*لا يتعلق الأمر بإسعاد الناس، بل بالقضاء على مصادر التعاسة
بيّن مارتيلا أن "الدولة لا يمكن أن تجعل المواطن سعيدًا.
في المقابل، يمكن للمؤسسات التي تعمل بشكل جيد وخدمات الرعاية الاجتماعية أن تقضي على العديد من مصادر التعاسة في حياة الناس".
ولهذا السبب، يوجد عدد قليل من الأشخاص غير السعداء في فنلندا والدول الاسكندنافية بشكل عام مقارنة بأي مكان آخر في العالم.
*يجب أن يكون ترتيب السعادة هدفا سياسيا جادا وليس مجرد تسلية
أشارت الصحيفة إلى أن صنّاع السياسات لفترة طويلة ركزوا على المعايير الاقتصادية عند تقييم نجاح وتقدم البلاد.
وأكد مارتيلا أن "ازدهار الاقتصاد عامل مهم في القضاء على الفقر، ولكن كلما كانت الدولة أكثر ثراءا، كانت سعادة الناس وجودة حياتهم أقل ارتباطًا بالاقتصاد".
وشدّد الكاتب الفنلندي على أن سعادة فنلندا تعتمد على قاعدة بسيطة ولكن صعبة التطبيق في الواقع وهي "بناء مؤسسات تخدم المواطنين عمومًا وليس فقط مجموعة من النخبة الضيقة".