لماذا يستسلم الرجال للتخدير بسهولة أكبر من النساء؟

pexels-rdne-stock-project-6129237
CC0
  • عربي21 لايت
  • الأربعاء، 03-04-2024
  • 11:43 ص
نشر موقع "سيانتفيك أميريكان" تقريرًا تحدث فيه عن دراسة كشفت أن الرجال يستجيبون للتخدير بسهولة أكبر من النساء، حيث توصّل الباحثون إلى أن هرمون التستوستيرون يؤثر على حساسية الذكور للتخدير العام.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه في سنة 1846، أظهر ويليام مورتون، وهو طبيب أسنان شاب مقيم في بوسطن، أن استنشاق الأثير بجرعة مناسبة يمكن أن يجعل الشخص غير حساس للألم دون التأثير على وظائفه الفسيولوجية الحيوية.

اظهار أخبار متعلقة


وقد أحدث هذا العرض العام الناجح الأول للتخدير الحديث ثورة في مجال الطب.

واليوم، تُمكّن أدوية التخدير العام الأطباء من إجراء أكثر من 300 مليون عملية جراحية كل سنة. وقد أظهرت أدلة متزايدة أن هذه الأدوية تؤدي إلى فقدان الوعي جزئيا من خلال التأثير على منطقة ما تحت المهاد، وهو الجزء من الدماغ الذي يتحكم في دورة النوم والاستيقاظ في الجسم. مع ذلك، فإن الآلية الدقيقة التي تعمل بها هذه الأدوية في الدماغ لا تزال غير مفهومة بشكل جيد.

وذكر الموقع أنه من خلال تسليط الضوء على هذه الفجوات الأساسية في المعرفة، فقد اكتشف مجموعة من الباحثين مؤخرًا سبب استجابة الفئران الذكور والإناث بشكل مختلف للتخدير العام. وأظهرت الدراسة أن هرمون التستوستيرون ينظم القابلية للتخدير العام المتطاير الذي يتم إعطاؤه عن طريق الاستنشاق، ما يجعل الذكور أكثر حساسية لتأثير التخدير العام مقارنة بالإناث. وتضيف هذه النتيجة إلى المجموعة المتزايدة من الأدبيات التي تدعم الحاجة إلى إدراج كلا الجنسين في البحوث البيولوجية.

اظهار أخبار متعلقة


وقال مؤلف الدراسة أليكس بروكت، الأستاذ المشارك في علم التخدير والرعاية الحرجة في جامعة بنسلفانيا، إن العثور على اختلافات بين الجنسين في الاستجابة للتخدير كان "مصادفة". فقد كان الباحثون يدرسون التقلبات في نشاط دماغ الفئران تحت جرعة مخدرة ثابتة عندما لاحظوا أن إناث الفئران استغرقت وقتًا أطول للتخدير واستعادت وعيها بشكل أسرع من الفئران الذكور.

لفهم أساس هذه الاختلافات، عالج الباحثون الفئران بمجموعة من أدوية التخدير على غرار: إيزوفلوران، وسيفوفلوران، وهالوثان، وديسفلوران. وقارنوا تركيز مواد التخدير في أدمغة الذكور والإناث ووجدوا كميات مماثلة. ويشير هذا إلى أن الاختلافات لم تنشأ من توزيعات مختلفة للأدوية لدى ذكور وإناث الفئران.

لذلك تحولوا إلى الاحتمال التالي الواضح إلى حد ما والذي قد يفسر هذا الاختلاف بين الذكور والإناث وهي الهرمونات الجنسية. كرروا تجاربهم مع الفئران الذكور المخصية ووجدوا مقاومة متزايدة للتخدير. وقد أدى حقن التستوستيرون في ذكور الفئران المخصية إلى زيادة حساسيتها للتخدير، وأظهرت الحيوانات استجابات مماثلة للذكور غير المخصيين.

اظهار أخبار متعلقة



خضعت هذه الفئران للتخدير بشكل أسرع وخرجت من حالة التخدير بشكل أبطأ من إناث الفئران، ما يؤكد أن هرمون التستوستيرون يعدل تأثير التخدير.

وبحسب الموقع، فإن هرمون التستوستيرون زاد من حساسية التخدير خلال ساعة من الحقن، وهو ما أدرك الباحثون أنه كان سريعًا للغاية بالنسبة للاستجابة التي تتغير عن طريق تشغيل الجينات. لذا، فقد بحث الباحثون في ما إذا كانت الطريقة الأخرى التي يعمل بها هرمون التستوستيرون في الدماغ يمكن أن تكون مسؤولة عن هذه الاستجابة. وأدى تثبيط إنزيم الأروماتيز لدى ذكور الفئران إلى تقليل حساسية التخدير، في حين أدى حقن الإستراديول إلى زيادة الحساسية. وهذا يدل على أن هرمون التستوستيرون يتوسط الحساسية للتخدير من خلال تحويله إلى إستراديول بواسطة إنزيم الأروماتيز في أدمغة ذكور الفئران.

وقال بروكت إن هذه النتائج كانت بمثابة "مفاجأة حقيقية" فهي تتحدى أيضًا التحيز المتأصل المتمثل في أن الدورات الهرمونية لدى إناث الحيوانات تساهم في الاختلافات بين الجنسين، وهو ما يدفع الباحثين غالبًا إلى إجراء التجارب على الذكور حصريًا.

لإلقاء نظرة خاطفة على أدمغة الحيوانات المخدرة لمعرفة ما يحدث، قام الباحثون بقياس النشاط القشري باستخدام مخطط كهربية الدماغ، الذي يُستخدم لمراقبة عمق التخدير في البيئات السريرية. ولم يكشف هذا التحقيق عن أي اختلافات بين الجنسين في القشرة الدماغية، ما يشير إلى أن أي اختلافات قد تكمن في مكان آخر. وباستخدام رسم خرائط الدماغ بالكامل لتصور الخلايا العصبية النشطة لدى الحيوانات المخدرة، وجدوا أن الخلايا العصبية المعززة للنوم في منطقة ما تحت المهاد لدى الإناث كانت أقل نشاطًا من تلك الموجودة لدى الذكور.

من خلال البحث في الأدبيات السريرية لمعرفة ما إذا كانت الإناث من البشر أكثر مقاومة للتخدير من الذكور، وجد فريق بروكت نتائج متناقضة على نطاق واسع. وفي حين أشارت الأبحاث المبكرة إلى عدم وجود فروق بين الجنسين، فقد أشارت الدراسات الأحدث إلى أن النساء أكثر عرضة للاحتفاظ بالوعي بمحيطهن تحت التخدير والخروج من حالة اللاوعي بشكل أسرع من الرجال. 

وأعاد فريق بروكت تحليل البيانات من تجربة سريرية قديمة قام فيها الباحثون بتقييم سلوك ونشاط الدماغ لدى 30 شخصًا تعرضوا للآيزوفلورين. وأظهرت إعادة التحليل نتائج مماثلة لدى البشر كما في الفئران، حيث استغرقت النساء وقتًا أطول للتخدير وخرجن من تلك الحالة بشكل أسرع من الرجال. وتماشيا مع النتائج التي تم إجراؤها على الفئران، لم يُظهر مخطط كهربية الدماغ  للرجال والنساء أي فروق ذات دلالة إحصائية بين الجنسين في نشاط الخلايا العصبية في القشرة الدماغية تحت التخدير، ما يشير إلى أن أي تباينات قد تكمن في مكان آخر.

وقد لاحظ المؤلفون أن هذه الأفكار تسلط الضوء على أهمية جمع المزيد من البيانات حول متطلبات جرعات النساء عند استخدام أدوية التخدير. وقال بروكت إن الاختلافات غير المستكشفة بين الجنسين يمكن أن تساهم في استيقاظ النساء في وقت أقرب بعد الجراحة. وتعتبر الهرمونات الجنسية مهمة في تحديد الحساسية للتخدير، وهو ما تتفق عليه نيشا غواني، طبيبة التخدير في عيادة روبي هول في الهند، التي أضافت عوامل أخرى لكون بعض الأشخاص أكثر وعيا بمحيطهم أثناء التخدير.

وقالت أليسا بورغارت، طبيبة التخدير وأخصائية الأخلاقيات الحيوية في جامعة ستانفورد، التي لم تشارك في الدراسة، إن هذا البحث يسلط الضوء على الحاجة إلى النظر بجدية في المتغيرات الجنسية. وقالت: "يتم وضع العديد من الافتراضات حول النساء بناءً على الدراسات التي أجريت على الرجال فقط".  وفي حين أن بورغارت لم تلاحظ أي اختلافات كبيرة بين الجنسين لدى مرضاها، فقد لاحظت غواني أن النساء عادة ما يخضعن للتخدير بشكل أسرع من الرجال. ويؤكد كلاهما أن هذا يسلط الضوء على أن الهرمونات الجنسية ليست سوى أحد العوامل التي تتحكم في الاستجابة للتخدير.


شارك
التعليقات