مستقبل الحياة الأسرية: كيف تبدو العائلات بحلول سنة 2100؟

أسرة  - CC0
التأثيرات المجتمعية للتغيّر الديمغرافي لن تقتصر على الصين بل إنها ستطال بقية العالم- CC0
  • عربي21- هبة مخلوفي
  • الأحد، 26-05-2024
  • 09:05 ص
يتغير هيكل الأسرة حول العالم من عام لآخر، ومن المتوقّع أن يتوقّف النمو السكاني للبشرية على الأرض ما يُنهي مئات الآلاف من السنين من الانتشار والتطوّر.

ونشر موقع "بيغ ثنك" الأمريكي تقريرًا قدّم توقّعات حول التغيّرات التي ستطرأ على الحياة الأسريّة بحلول نهاية القرن، حيث ستتقلص شبكة علاقات الأسرة وستتّضمن أكثر من جيل مقابل وجود أقارب أقلّ.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن دراسة نُشرت مؤخرا في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" أظهرت كيف سيتغيّر حجم الأسر وبنيتها بحلول سنة 2100.

وبحسب تقديرات الباحثين فإن امرأة تبلغ من العمر 65 عاما عاشت في سنة 1950 لديها 41 من الأقارب الأحياء في عائلتها الممتدة. لكن من المتوقّع أن يكون لامرأة في نفس العمر في سنة 2100 فقط 25 من الأقارب الأحياء. وقد يتعرّض البالغون في منتصف العمر لضغوط متزايدة، مع الاضطرار إلى رعاية أطفالهم ووالديهم الأكبر سنًا في نفس الوقت.

وبحسب الموقع، فإن من المرجّح أن يتغيّر هيكل الأسرة بشكل جذريّ بحلول سنة 2100، مع ما يترتّب على ذلك من تداعيات كبيرة على المجتمعات في جميع أنحاء العالم. ومع نهاية هذا القرن، فإن من المتوقّع أن يتوقّف النمو السكاني للبشرية على الأرض ما يُنهي مئات الآلاف من السنين من الانتشار والتطوّر الذي شهده جنسنا البشري من العيش في مجموعات متفرّقة إلى إعمار كل منطقة من الكوكب تقريبًا.

مستقبل الحياة الأسريّة
في دراسةٍ نُشِرت مؤخرًا في دوريّة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، استكشف فريق من علماء الديموغرافيا كيف سيتغيّر حجم الأسرة وبنيتها بحلول نهاية القرن. وفي هذا الصدد، صمّم الباحثون نموذجًا من خلال مجموعة البيانات التي تقوم عليها التوقعات السكانية العالمية للأمم المتحدة، وهي التوقّعات السكانية الرسمية للمنظمة التي تشمل 237 دولة.

ومن خلال هذا النموذج أعادوا وضع تقديرات لعدد الأقارب الذين يمكن أن يحظى بهم الشخص عندما يكون رضيعًا، وعندما يكون في سنّ الـ35 عامًا، وفي سن الـ65 عامًا في سنة 1950 واليوم وفي سنة 2100.

اظهار أخبار متعلقة


قدّر الباحثون أن امرأة تبلغ من العمر 65 عامًا تعيش في سنة 1950 قد يكون لديها 41 من الأقارب على قيد الحياة في عائلتها الممتدة من الأبناء والأحفاد وبنات وأبناء الإخوة وأبناء العمومة والأشقاء والآباء والعمات والأعمام والأجداد والجدات. لكن وجدوا أنه سيكون لدى امرأة في نفس العمر في سنة 2100 فقط 25 من الأقارب. وهذا التدهور العائلي سيكون ملحوظًا في جميع أنحاء العالم، لكن حجمه يختلف من بلد آخر.

وبالنسبة لامرأة تبلغ من العمر 35 عاما تعيش في الولايات المتحدة، مثلا، حيث من المتوقع أن يصل عدد السكان إلى 370 مليون نسمة بحلول سنة 2080 قبل أن يتراجع إلى 366 مليون نسمة في سنة 2100، فإنه من المرجّح أن يكون لديها 33 من الأقارب الأحياء في عائلتها الممتدة لو عاشت في سنة 1950، وفي المتوسط 24 قريبًا فقط اليوم، وحوالي 18 من الأقارب الأحياء إذا كانت تعيش في سنة 2100.

وأشار الموقع إلى أن تجربة امرأة تبلغ من العمر 65 عامًا تعيش في الصين ستكون مختلفة بشكل جذري، ذلك أنها لو كانت تعيش في سنة 1950 لكان لديها 61 من أقاربها الأحياء بما في ذلك 15 حفيدًا، مقابل 49 اليوم، و14 فردًا فقط من أفراد الأسرة في سنة 2100. ومن المؤكّد أن الصين تمثل استثناءً ذلك أنه نظرًا لسياسة الطفل الواحد التي انتهجتها البلاد لعقود من الزمن، والنمو الاقتصادي المحتشم، وارتفاع تكاليف تربية الأطفال، والهجرة الدولية شبه المعدومة، فإن من المتوقع أن يتراجع عدد سكانها من 1.4 مليار نسمة اليوم إلى أقل من 800 مليون نسمة في سنة 2100.

اظهار أخبار متعلقة


وبحسب الموقع، فإن من شأن انهيار ديموغرافي مماثل أن يفرض على الصين إعادة النظر في العقد الاجتماعي الحالي داخل الأسر. وفي حين أن من الشائع حاليًا أن يقوم الأحفاد والأبناء البالغون والأشقاء وأبناء العمومة برعاية كبار السن، فإن ذلك لن يستمر في غضون بضعة عقود.

العائلات العمودية والأفقية

أشار الموقع إلى أن التأثيرات المجتمعية للتغيّر الديمغرافي لن تقتصر على الصين فحسب بل سوف تطال أيضا بقية دول العالم تقريبا، وإن كانت بدرجات أقل. ويتوقّع الباحثون أن تصبح العائلات "عمودية" أكثر من "أفقية"، أي إنها سوف ستتوزّع على طول الطيف العمري مع تقلص عدد أبناء العمومة والأشقاء وتزايد عدد أبناء الأحفاد والأجداد.

نقل الموقع عن الباحثين أنه "في إيطاليا، على سبيل المثال، من المتوقّع أن يرتفع متوسّط عمر جدة تبلغ من العمر 77.9 عامًا في سنة 1950 إلى 87.7 عامًا في سنة 2095". وبالعودة إلى الولايات المتحدة، فقد تصبح حفلات العشاء والتجمعات مع العائلة الممتدة، التي كانت ذات يوم عنصرًا أساسيًا في الحياة الأمريكية، نادرةً بشكل متزايد خاصة بالنظر إلى أن أفراد الأسرة يعيشون الآن منفصلين عن آبائهم أكثر مما كانوا من قبل.

بناء على ذلك، فقد أوضح الموقع أن البالغين في منتصف العمر في معظم البلدان من المرجّح أن يتعرضوا لضغوط متزايدة. فبالنظر إلى أن الأفراد يؤخّرون إنجاب الأطفال حتى وقت لاحق من حياتهم، فإن الفجوات العمرية بين الأجيال آخذة في الارتفاع. وهذا يعني أن الأجداد أصبحوا أكبر سنًا بكثير مما كانوا عليه من قبل، وبالتالي أقل قدرة على أداء دور رعاية الأطفال. الآن وفي المستقبل، فقد يحتاج كبار السنّ إلى تلقي الرعاية من أبنائهم الذين يقومون في نفس الوقت برعاية أطفالهم. وقد يصبح هذا الوضع غير مقبول على نحو متزايد بالنسبة للبالغين في مقتبل العمر الذين من المتوقع أن يساهموا في بناء اقتصاد البلاد بينما يقومون برعاية الصغار والكبار في الوقت نفسه.

اظهار أخبار متعلقة


وفي استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث في صيف سنة 2023 حول ديناميكيات الأسرة المتغيّرة، فقد صرّح الأمريكيون بأنهم يعتقدون بأن انخفاض الخصوبة سيؤثر بشكل إيجابي على الحياة المهنية للمرأة والبيئة، لكنه يؤثر سلبًا على الضمان الاجتماعي والاقتصاد بشكل عام. وقال المؤلفون إن الحكومات قد تحتاج إلى المساعدة في تعويض الأدوار التي كان يضطلع بها أفراد الأسرة الممتدة إذ تدعم النتائج التي توصلوا إليها "دعوات إلى مزيد من الاستثمار في رعاية الأطفال ورعاية المسنين للتخفيف من هذا العبء عن كاهل الأفراد الذين يتقدمون في السن والذين لديهم موارد أقل للاعتماد عليها". وقد يعني ذلك توظيف الأفراد الذين ليس لديهم أطفال وربما حتى الروبوتات.
شارك
التعليقات