ويتطلّع الجميع في العاصمة الفرنسية إلى جني الأموال تزامنا مع الألعاب الأولمبية، بدءا من السكان الذين يؤجرون شققهم، وصولا إلى منظومة النقل التي رفعت أسعار التذاكر، حتى إنّ الناشطين في عالم الجريمة المنظمة يسعون إلى الاستفادة من هذا الحدث الرياضي.
إظهار أخبار متعلقة
ويقول تاجر باريسي لوكالة فرانس برس: "نحن مستعدون دائما في هذا المجال"، مكررا ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال هذا الأسبوع، عن أنّ بلاده جاهزة بشكل تام للألعاب الأولمبية.
ويضيف التاجر الذي فضّل إبقاء هويته طيّ الكتمان: "سيكون هناك دائما شخص جاهز، هكذا تسير الأمور في حال كان هناك فرصة لجني الأموال".
ومع انتشار نحو 45 ألف عنصر أمن في الشوارع، يتوقع الخبراء أن تشهد خدمات التوصيل ارتفاعا في عدد زبائنها.
وفي الواقع، سبق أن شهدت فرنسا ازدهارا في تطبيقات المراسلة ومنصات التواصل الاجتماعي المخصصة لعمليات توصيل المخدرات، منذ أن أدت إجراءات الإغلاق الناتجة من الجائحة إلى توجيه التجارة نحو العمليات الرقمية، وإبعادها عن صيغتها التقليدية في الشوارع.
وفي الوقت نفسه، شهدت فرنسا قلقا متزايدا بشأن ازدهار تجارة المخدرات، وتزايد عمليات القتل بين العصابات المتنافسة.
ويقول المحامي المتخصص في القضايا الجنائية أدريان غابو: "ثمة نوع من الاتجار بالمخدرات مشابه لعمليات توصيل الركاب عبر تطبيق أوبر، مع إتاحة عروض رقمية على تطبيقات مثل تلغرام أو توفير عروض ترويجية".
"الشرطة بالمرصاد"
في المرحلة التي سبقت الألعاب الأولمبية، أطلع التجار زبائنهم على ما يمكنهم توقّعه خلال الحدث الرياضي، الذي ينطلق الجمعة ويستمر حتى 11 آب/أغسطس.
وكتب أحد التجّار للزبائن: "ستُعَدَّل أسعار خدماتنا بسبب حركة المرور الكثيفة والطلب الكبير".
وستُغلَق مساحات شاسعة في وسط باريس خلال الاحتفالات، مما سيؤدي إلى تعطّل حركة السيارات والمشاة، لدرجة أنّ التاجر الباريسي قال؛ إنّ الأمر لا يستحق العناء، حتى لمشاهدة الفعاليات.
إظهار أخبار متعلقة
وفي عملية بيع كانت تجري بين تاجر وزبون، اطّلعت عليها وكالة فرانس برس، يحذّر التاجر من أنّ التبادلات لا يمكن أن تتم في العلن. ويقول في رسالة: "الشرطة بالمرصاد".
إلا أنّ عددا من التجار الآخرين يبعثون برسائل لزبائنهم بهدف طمأنتهم، كرسالة كُتب فيها: "أبلغكم أنّ خدمة التوصيل ستستمرّ كما هي عليه، رغم إقامة الألعاب الأولمبية".
ومن الباكر الجزم ما إذا كانت الأسعار سترتفع أم لا، لكنّ المحامي المتخصص في القضايا الجنائية دافيد كورييل يتوقّع ارتفاعا في الأسعار.
ويقول: "يتراوح سعر غرام الكوكايين في باريس بين 50 و60 يورو (55 و65 دولارا)، لكن من المحتمل أن يرتفع راهنا إلى 80 يورو (86,79 دولارا)".
كمية كبيرة جدا
وتعهّدت فرنسا اتخاذ إجراءات صارمة ضد المبيعات الرقمية للمخدرات، ونشرت أعدادا كبيرة من عناصر الشرطة لإجراء دوريات في باريس خلال الألعاب الأولمبية، التي يُتوقّع أن يحضرها 15 مليون شخص.
وبعدما أجرت وكالة فرانس برس تدقيقا لأسعار مبيعات المخدرات المعلن عنها عبر تطبيقات المراسلة، لم تتوصّل إلى ارتفاع مفاجئ في الأسعار، فيما شككت مصادر في الشرطة أيضا في أن تكون الأسعار قد ارتفعت بشكل سريع.
ويقول محقق في مكتب مكافحة المخدرات لم يذكر اسمه، في حديث عبر وكالة فرانس برس: "لم نلاحظ بعد أي تأثير للألعاب الأولمبية" على زيادة مبيعات المخدرات. وأضاف: "ثمة أصلا كمية كبيرة جدّا من المخدرات المعروضة للبيع".
ويبدو أنّ الشرطة والتجار يتفقون على أنّ الكمية كبيرة. ويقول التاجر الباريسي: "كان الأمر مختلفا خلال مرحلة كوفيد-19. سُجّل ارتفاع لا يصدق في الأسعار، إذ تضاعفت أسعار المخدرات أو حتى ارتفعت ثلاث مرات. وكان العثور على أي مخدّر ينطوي على تحدّ"، مضيفا: "لقد كان الوضع جيّدا قبل الألعاب الأولمبية".
إظهار أخبار متعلقة
لن يكون التأثير الفعلي على سوق المخدرات في باريس وفرنسا عموما واضحا على الفور، لكنّ الباحثين بدؤوا يفكّرون في هذا التأثير.
ويقول الخبير الاقتصادي ناصر العلم: "يتم تعبئة أجهزة إنفاذ القانون بشكل كبير من أجل الألعاب الأولمبية، ولكن هل ذلك سيوفّر فرصا إضافية للتجار لمتابعة نشاطهم في أماكن أخرى في فرنسا؟".
ويضيف: "ثمة شيء لن نعرفه إلا بعد الحدث".