وتؤكد النتائج أن الضوء الاصطناعي يسبب طيرانًا غير منتظم، ويجعل المخلوقات تصحح مسار طيرانها باستمرار، ما يؤدي إلى دوار الحشرة وإنتاج ما نعتبره انجذابا للضوء الاصطناعي.
من المعروف لدينا أن الضوء الاصطناعي يجذب الحشرات الطائرة لسنوات عديدة، مع سجلات مكتوبة من الإمبراطورية الرومانية تصف استخدام الضوء لاصطياد الحشرات.
ومع ذلك، فإن السبب وراء ذلك لم يكن واضحًا، حيث اقترحت الأبحاث السابقة أن الحشرات ربما تفسر الضوء الاصطناعي على أنه طريق للهروب، أو أن القمر له دور يلعبه.
اظهار أخبار متعلقة
وقال مؤلف الدراسة صموئيل فابيان، من جامعة إمبريال كوليدج في لندن: "نعتقد أن الرحلة الغريبة ناجمة عن خلط الحشرات بين الضوء والاتجاه "للأعلى""، مضيفا أنه "على مدى 370 مليون سنة، كانت الحشرات تحلق حولنا، وكانت السماء دائمًا أكثر سطوعًا من الأرض".
وتابع: "تستخدم الحشرات، من بين الحيوانات الأخرى بما في ذلك الأسماك، المنطقة الأكثر سطوعًا (لا أقصد مصادر صغيرة مثل الشمس ولكن عبر مجالات رؤية كبيرة) كمؤشر على مكان السماء، وبالتالي الاتجاه إلى الأعلى".
وأشار إلى أن معرفة الاتجاه للأعلى أمر بالغ الأهمية للطيران، حيث يجب عليك توجيه قوى الطيران لإلغاء التسارع الناتج عن الجاذبية. ومع ذلك، فقد بدأنا بإفساد هذه القاعدة العامة من خلال إنشاء أضواء ساطعة في الليل.
و"تعتقد الحشرات أن هذه البقع المضيئة هي السماء، فتميل ظهورها نحوها (وتسمى الاستجابة الظهرية للضوء) لإعادة توجيه قوات طيرانها إلى حيث تعتقد أن الجاذبية يجب أن تكون".
وبين أنه "لسوء الحظ، فإنهم مخطئون بشأن مكان الجاذبية، وهذا الخلل يقودهم إلى جميع أنواع مسارات الطيران الغريبة"، موضحا أن "المثال الأكثر وضوحًا على ذلك هو أنه عندما تطير الحشرات مباشرة فوق الأضواء، فإنها تقلب نفسها رأسًا على عقب وتهبط على الأرض".
و"لا تستطيع الحشرات قياس الجاذبية بدقة مباشرة أثناء وجودها في الهواء لأنها تسحب جميع أنواع التسارعات التي تشبه الجاذبية ولا يمكن تمييزها (كما هو الحال في الطائرة)".
اظهار أخبار متعلقة
"إن استخدام اتجاه الضوء هو طريقة بسيطة وجميلة لحل هذه المشكلة. حتى يبدأ شخص ما في إنارة أضواء الشوارع الكبيرة في كل مكان ليلاً".
استخدم الباحثون كاميرات عالية السرعة تعمل بالأشعة تحت الحمراء لتتبع رحلات الحشرات، بما في ذلك العث واليعسوب وذباب الفاكهة والعث الصقري، في ظل مجموعة من ظروف الإضاءة. ووجدوا أن الحشرات تصحح مسار طيرانها بحيث يكون ظهرها متجهًا نحو مصدر الضوء. مع مصادر الضوء الطبيعية مثل الشمس، فإن هذه الاستجابة تجعل الحشرة تحافظ على مسار طيران ثابت موجه بشكل صحيح مع أفقها.
ويقول الباحثون إن أحد الآثار المترتبة على نتائجهم هو أن الحشرات لا تنجذب تمامًا إلى الأضواء في الليل. وبدلاً من ذلك، فإن الحشرات التي يراها الناس متجمعة بالقرب من الأضواء هي تلك التي وقعت في فخ حسي بسبب رد فعل سلوكي قديم.
ومع ذلك، نظرت الدراسة فقط في التسجيلات على بعد متر إلى مترين من الضوء، وقد تختلف الملاحظات على المدى الأطول.
وأشار الدكتور فابيان: "تؤكد هذه الورقة على أن الضوء في الليل هو تلوث - فمجرد تشغيل الضوء في السماء يجعل حياتنا البرية، وساعات أجسامنا، وعلماء الفلك لدينا غير سعداء على الإطلاق".
وتابع: "مع ذلك، لا يمكننا العيش بدونها. لذلك قد تكون بعض الأفكار مفيدة مثل جعل أعمدة الضوء والمصابيح الخارجية تعمل بالحركة وبالتالي يمكن أن تقلل من كمية الضوء مع إبقائها لأنها مفيدة لنا".