ويقول عدد من القائمين على الصناعة الحرفية التقليدية بموريتانيا، إن تدفق المنتجات الأجنبية والصينية بشكل خاص، زاد من معاناة هذه الصناعة، محذرين من أنها قد تندثر بشكل كامل خلال سنوات، إذا لم تكن هناك جهود حقيقية لحمايتها والمحافظة عليها.
جهود رسمية
وفي محاولة منها على ما يبدو للمحافظة على هذه الصناعة الحرفية، نظمت السلطات معرضا في العاصمة نواكشوط، من أجل تسليط الضوء على هذه الصناعة والترويج لها.
وأشرف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ورئيس حكومته المختار ولد اجاي، على افتتاح المعرض الذي ضم مختلف أنواع هذه الصناعة.
اظهار أخبار متعلقة
ويتضمن المعرض تفاصيل بشأن تاريخ كل مجال من مجالات الصناعة التقليدية، والمراحل التي مرت بها ووضعيتها الحالية، ودورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومدى ارتباطها بثقافة وعادات البلد.
وعكس المعرض الأزياء التقليدية وأنواع الحرف وأشكال الصباغة والنسيج، ومختلف الأدوات المصنوعة من الجلود المزينة بزخارف تقليدية، والقطع الخزفية، والمجوهرات الذهبية والفضية المحلية، إضافة إلى عرض نماذج أبرزت تعدد مجالات وطبيعة هذه الصناعات في مختلف مناطق البلاد.
أفلام تحكي التفاصيل
ويوفر المعرض لزواره فرصة متابعة أفلام تحكي قصة الحرف الموريتانية، وشروح حول فنيات وأساليب عمليات التصنيع مع مقاطع فيديو تظهر الورش التي تتم فيها هذه العمليات.
ويهدف هذا المعرض – وفق القائمين عليه - إلى إبراز أهمية الحرف الموريتانية والترويج لها وتسليط الضوء على دورها في الحفاظ على التراث الثقافي، ومساهماتها التنموية، مؤكدين أنه يشكل فرصة لتعزيز الشراكات الوطنية والدولية وتشجيع التبادل والتعاون بين الحرفيين الموريتانيين ونظرائهم في باقي بلدان العالم، إضافة إلى تشجيع التميز والابتكار ومكافأة الحرفيين الأكثر موهبة.
ويقول وزير الصناعة التقليدية والحرف، محمد ماء العينين ولد أييه، إن الصناعة التقليدية تشكل نسيجا اقتصاديا كبيرا ومتنوعا.
وأضاف في كلمة خلال افتتاح معرض الحرف التقليدية: "نسعى لنفض الغبار عن هذا الموروث الثمين، ووضع قواعد للنهوض بالصناعة التقليدية باعتبارها قطاعا اقتصاديا واعدا".
وأشار إلى أن استحداث هذا المعرض السنوي يهدف للاحتفاء بالصناعة التقليدية والرفع من شأنها لتكون حاضرة في العديد من المحافل الدولية كسفير لثقافة هذه البلاد وتراثها.
ذاكرة تقاليد مجتمع
ويرى الخليفة أحمد – وهو مهتم بالتراث الموريتاني – أنه من الضروري المحافظة على الصناعة الحرفية الموريتانية لأن هذه الصناعة تعتبر ذاكرة حية لتقاليد المجتمع الموريتاني.
وأشار في تصريح لـ"عربي21 لايت" أن الصناعة الحرفية التقليدية تعتبر تراثا يحكي تاريخ هذا البلد الغرب إفريقي، والمحافظة على هذه الصناعة هي محافظة على تقاليد المجتمع الموريتاني.
نماذج من الصناعة الحرفية
تتنوع الصناعة الحرفية بموريتانيا من منطقة لأخرى، حيث إنه بفعل العزلة ووعورة المسالك الصحراوية فقد كان سكان موريتانيا مضطرين إلى ابتكار أدوات خاصة بهم تستجيب لكل نواحي الحياة اليومية.
وتركزت هذه الصناعة على الجلود والأخشاب والمعادن المختلفة: الذهب، والفضة، والنحاس.
ويمكن ملاحظة أشكال مختلفة من الصناعات التقليدية كالحصائر والأواني، والنسيج ومستلزمات ركوب الجمال والخيل، وخياطة الخيم التراثية وصناعة المستلزمات المنزلية، مثل الأواني والملابس والمطرزات والسجاد والحصير والفخار.
بالإضافة إلى الأدوات الموسيقية التي هي جمع بين الجلود والأخشاب، والصناديق الموريتانية الأصلية والأقفال المختلفة الأشكال والمفاتيح، وأنواع من الحلي المختلفة الأوزان والأحجام.
اظهار أخبار متعلقة
وتقول وزارة الثقافة الموريتانية، إن كل هذا "حري بالتثمين وإبراز قيمته الفنية والجمالية بغية توفير مادة علمية وجمالية للأجيال القادمة وإثراء المؤسسات التراثية التي تقوم بعملية العرض والحفظ، وتوفير هذه المواد كأداة تعرض للبحث من طرف جمهور الباحثين والمهتمين".
الصين تضايق الحرفيين
ووفق معطيات رسمية فإن الكثير من هذه الأدوات القيمة قد فقدت أو تلاشت بفعل تقدم الصناعات التحويلية العصرية وكذا تحول حاجة الزبناء إلى الصناعة المتطورة.
ويرى عدد من العاملين في مجال الصناعة الحرفية، أن الصين باتت المنافس الرئيس لهم، إذ إن بعض التجار الموريتانيين يستوردون من الصين منتجات مُقلدة لمنتجات موريتانية، وبأسعار منخفضة للغاية، ما ساهم بشكل كبير في ركود سوق الصناعة الحرفية التقليدية الموريتانية.
ويقول العاملون في الصناعة التقليدية، إنه "حين يتم تصنيع أي منتج فإن التجار يبادرون إلى تقليده في مصانع صينية، ثم يجلبونه بأسعار منخفضة للغاية" مطالبين بحماية منتجاتهم من التقليد.