وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الناس غالبًا ما يشعرون بأن نطاق أفكارهم ومشاعرهم الداخلية أكبر بكثير مما يستطيعون التعبير عنه.
اظهار أخبار متعلقة
وقد تحدث إيلون ماسك عن مشكلة "ضيق نطاق التردد العقلي" مبديًا انزعاجه منها، لدرجة أنه جعل أحد أهدافه على المدى الطويل ابتكار تقنية تسمح للدماغ البشري بالتواصل مباشرة مع الكمبيوتر، دون أن يعيقه بطء سرعة التحدث أو الكتابة.
لكن فكرة إيلون ماسك قد لا تكون قابلة للتطبيق، فوفقًا لبحث جديد نُشر في مجلة "نيورون"، يفكر البشر بسرعة ثابتة وبطيئة للغاية تبلغ حوالي 10 بت في الثانية، بينما تجمع الحواس البشرية البيانات بسرعة مليار بت في الثانية. وحسب الدراسة، فإن هذه المفارقة البيولوجية تسهم في الشعور الزائف بأن عقولنا يمكن أن تتعامل مع الكثير من الأفكار في وقت واحد، وهي ظاهرة أطلق عليها مؤلفو الدراسة اسم "وهم ماسك".
سرعة الإدراك
ويقول المؤلف المشارك في الدراسة ماركوس مايستر، عالم الأعصاب في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: "الدماغ البشري أقل إثارة للإعجاب مما قد نعتقد، فهو أبطأ بشكل مثير للسخرية من أي من الأجهزة التي نتفاعل معها".
وقالت جييو تشنغ التي شاركت بدورها في هذه الدراسة، إن الدماغ البشري يمكنه القيام بشيء واحد فقط في وقت محدد وبشكل بطيء، لذلك حتى لو تمكن ماسك من توصيل دماغه بجهاز كمبيوتر فإنه لن يتمكن من التواصل معه بشكل أسرع مما لو استخدم الهاتف.
جمع مايستر وتشنغ بيانات من دراسات في مجالات مختلفة، بما في ذلك علم النفس وعلم الأعصاب والتكنولوجيا والأداء البشري، وقد استخدما تلك البيانات لإجراء مقارنات بين مختلف الدراسات.
وقد وجدت الدراسة أن سرعة الإدراك البشري تترواح بين 5 و20 بت في الثانية، وقد كان هذا الرقم مفاجئاً للغاية؛ إذ يمكن أن يتم تخزين كل المعلومات التي قد يتعلمها شخص ما طوال حياته على وحدة تخزين صغيرة.
كما وجدت الدراسة أن الحواس البشرية مثل البصر والشم والسمع تعمل بسرعة أكبر بكثير تعادل حوالي 100,000,000 ضعف معدل الإدراك، ما يعني أن هناك فجوة هائلة بين عمل الحواس وعملية الإدراك.
اظهار أخبار متعلقة
يعني ذلك أن الكم الكبير من المعلومات التي تنقلها حواسنا يعزز الاعتقاد الخاطئ بأننا نرصد التفاصيل الدقيقة حولنا بشكل مستمر، لكن هذا غير صحيح حسب ما تُظهره الدراسة. فعندما يُطلب من الأشخاص وصف ما يرونه خارج نطاق تركيزهم البصري، فإنهم "يجدون صعوبة كبيرة في وصف أي شيء" وفقًا لمايستر.
ولكن بسبب قدرة أعيننا على التركيز على كثير من التفاصيل من حولنا يوهمنا عقلنا بأن هذه الأشياء موجودة في أذهاننا باستمرار وفي وقت واحد، رغم أننا في الواقع نحتاج إلى التركيز على تفاصيل بصرية محددة لإدراكها، وهذه ظاهرة مشابهة لما يحدث على مستوى قدرة الدماغ على التفكير؛ حيث يمكننا من حيث المبدأ التفكير في أمور مختلفة وتوجيه عقولنا بطرق متعددة، لكننا عمليًا لا نستطيع التفكير إلا في فكرة واحدة في وقت محدد.
أسئلة كثيرة
ومن الأسئلة التي أثارت فضول مؤلفي الدراسة هو سبب احتواء القشرة الأمامية للدماغ - التي يُعتقد أنها مركز الشخصية والتحكم السلوكي - على مليارات الخلايا العصبية، بينما لا تتجاوز سرعتها في معالجة المعلومات 10 بت في الثانية. ويعتقد المؤلفان أن السبب قد يكون مرتبطًا بحاجة الدماغ إلى تغيير المهام بشكل متكرر ودمج المعلومات عبر دوائر مختلفة.
هناك أيضًا سؤال آخر مهم لم تتم الإجابة عليه، وهو لماذا تقتصر قدرة الدماغ البشري على القيام بمهمة واحدة فقط في كل مرة؛ ويقول مايستر إنه لو كان بإمكاننا التركيز على 1000 فكرة في وقت واحد، كل منها بمعدل 10 بت في الثانية، لما كان التناقض بهذا الحجم.
اظهار أخبار متعلقة
وعلّقت نيكول رست، عالمة الأعصاب في جامعة بنسلفانيا، على الدراسة الجديدة قائلة إنها يمكن أن تعيد تشكيل طريقة تعامل علماء الأعصاب مع الدراسات المستقبلية؛ حيث يمكن لأي نظرية تسعى إلى تفسير قدرات الدماغ الرائعة، مثل التخطيط وحل المشكلات، أن تأخذ في الحسبان هذا التناقض بين سرعة استقبال المعلومات وسرعة التفكير.