ماذا تعرف عن الغجر ومن أي البلاد جاؤوا؟.. هذه خارطة انتشارهم حول العالم

GettyImages-635936653
ينتشر الغجر في أماكن عديدة حول العالم - جيتي
  • عربي21 لايت
  • الثلاثاء، 14-01-2025
  • 01:43 م
نشرت صحيفة "إندبندنت" بنسختها التركية مقالا للكاتبة ديوغو تشاغلا بايرام تتحدث فيه عن تاريخ الغجر وانتشارهم بالإضافة إلى موطنهم الأصلي ومكان انحدارهم والذي يعتقد بأنه شمال غرب الهند خلافًا لما هو سائد من اعتقاد أنهم من بقايا رعايا روما؛ حيث إن هذا الشعب بدأت هجرته من الهند عبر بلاد فارس ثم الإمبراطورية البيزنطية ومن هناك بلغوا أوروبا في العصور الوسطى تاركين خلفهم آثارًا ثقافية واجتماعية وسط جهود حثيثة للاعتراف بهم كأقلية ثقافية وحقوقية في وطنهم الأم الهند. 

وقالت الكاتبة، في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، إن كلمة "غجري" غالبًا ما تُستخدم لوصف أنماط الحياة الحرة أو البدوية، لكنها في الأصل تشير إلى مجتمع انتقل من موطنه في آسيا وانتشر حول العالم. ورغم أن الكلمة أصبحت تُعتبر اليوم مهينة وعنصرية، إلا أنها لا تزال تُستخدم كمفهوم عام لوصف هذه المجتمعات المتنوعة.

اظهار أخبار متعلقة



الغجر هم في الواقع شعب "الرومان" كما يُسمون في تركيا، غير أنهم لا يرتبطون بروما أو رومانيا، بل يعود أصلهم إلى شبه القارة الهندية. اسم "روم Rom" يعني "إنسان" ويُعتقد أنه مشتق من الكلمة السنسكريتية "دوم Dom"، التي كانت تشير إلى طبقة اجتماعية أدنى تعتمد على الغناء والرقص لكسب العيش.

وأكدت الكاتبة على أن الغجر، الذين تعود أصولهم إلى شبه القارة الهندية، قد بدأت هجرتهم نحو فارس (إيران اليوم) في القرن التاسع. هناك عُرفوا بأسماء مثل "لولي Luli" و"زوت Zott". استقروا لفترات طويلة في إيران وأرمينيا، كما يظهر من المفردات الفارسية والأرمنية في لهجاتهم. لاحقًا، دخلوا الأناضول ثم الإمبراطورية البيزنطية، حيث أُطلق عليهم اسم "تسيجاني Tsigane" المشتق من كلمة يونانية تعني طائفة مهرطقة.

وعبر الغجر من الأناضول إلى البلقان في القرن الرابع عشر، وبدأوا بالانتشار في جميع الاتجاهات، ووصلوا إلى رومانيا والمجر ومنها إلى أوروبا الوسطى والغربية. وبحلول القرن الخامس عشر، كانوا قد وصلوا إلى أراضي الإمبراطورية الرومانية المقدسة، حيث أُطلق عليهم أسماء مختلفة مثل "زيجونر Zigeuner" (في ألمانيا)، "بوهيميون Bohémien" (في فرنسا)، و"جيبسي Gypsy" (في إنجلترا).

وأفادت الكاتبة أنه رغم اعتقاد البعض بارتباطهم بمصر أو التتار، فإن الدراسات الحديثة تنفي هذه الصلات. وكانت هجرة الغجر نحو أوروبا مرتبطة جزئيًا بالتوسع العثماني في المنطقة. ومع ذلك، بقيت غالبية الغجر في تركيا، وجنوب شرق أوروبا، والمجر، حيث لا يزال وجودهم الأبرز حتى اليوم.

وأضافت الكاتبة أن هجرة الغجر إلى أوروبا تمثل عملية تاريخية معقدة ومتشعبة، تأثرت بعوامل عديدة مثل الاضطرابات السياسية والاقتصادية. لم تكن هذه الهجرة موجهة لهدف محدد، بل كانت نتيجة حركات عفوية استمرت بين القرن التاسع والقرن الخامس عشر.

الغجر، الذين ينقسمون إلى فرعين رئيسيين (سنتي ورومان)، غادروا شمال غرب الهند (راجيستان والبنجاب) عبر ثلاث موجات كبيرة من الهجرة:

السنتي: غادروا خلال الفتوحات الإسلامية في السند (القرنين السابع والثامن) واتجهوا عبر فارس وأرمينيا، ومن هناك إلى البلقان، ثم إلى وسط وغرب أوروبا.

الرومان: هاجروا نتيجة فتوحات الغزنويين في شمال غرب الهند (القرنين العاشر والحادي عشر)، واستقروا في البداية ببلاد الشام وشمال أفريقيا، بينما توجه البعض إلى أوروبا عبر بيزنطة.

المرحلة العثمانية: مع صعود الإمبراطورية العثمانية، انتقل الغجر إلى أوروبا الشرقية والغربية، ليصلوا إلى بولندا، المجر، إسكندنافيا، وإنجلترا.

وبحلول القرن السادس عشر وحتى القرن التاسع عشر، انتشر الغجر بشكل أوسع نتيجة الطرد والاستعمار الأوروبي، ليصلوا إلى الأمريكتين، أستراليا، جنوب أفريقيا، وغيرها.

وتشير الدراسات الجينية واللغوية إلى أن أصول الغجر تعود إلى شمال غرب الهند، حيث تربطهم صلة وثيقة بقبائل راجبوت الهندية. وتظهر أبحاث أخرى أنهم كانوا جزءًا من نظام الجنود العبيد (غلام) ضمن جيوش الغزنويين، مما يعزز فكرة أن هجرتهم لم تكن بسبب الاضطهاد فقط، بل شملت أيضًا أدوارًا عسكرية واجتماعية.

اليوم، يعيش في أوروبا حوالي 10-15 مليون غجري، أغلبهم في دول مثل بلغاريا، رومانيا، المجر، وصربيا، حيث يشكلون حوالي 10 بالمئة من السكان.

وسلطت الكاتبة الضوء على تاريخ الاضطهاد الذي تعرض له الغجر في أوروبا، حيث ظلّت أصولهم غامضة عبر القرون المتتالية، ولفترة طويلة اعتُقد أنهم ينحدرون من مصر. هذه الفكرة الخاطئة دعمتها تسميات مثل "جيبسي Gypsy" و"جيتانو Gitano" و"جيتانس Gitans"، التي تعني "مصريين" باللغة الإنجليزية.

وساهم هذا الاعتقاد في قبول الغجر في أوروبا، حيث اعتُبرت أصولهم المصرية أسطورة ذات مكانة دينية. غير أن العلماء اكتشفوا في القرن الثامن عشر أن أصول الغجر تعود إلى الهند. وفي القرن العشرين، بدأت علاقة محدودة من التضامن بين الغجر والهنود.

وعلى مر العصور؛ تعرض الغجر في أوروبا للاضطهاد الشديد، بما في ذلك انتزاع أطفال الغجر قسرًا من عائلاتهم في عهد ماريا تيريزا. أما في هولندا وسويسرا، فكانت هناك حملات "صيد الغجر"، حيث دُفعت مكافآت لقاء رؤوسهم المقطوعة. وأثناء الحرب العالمية الثانية، قُتل ما بين 500,000 و800,000 غجري في معسكرات الاعتقال النازية.

وفي تشيكوسلوفاكيا، خضعت نساء الغجر للتعقيم القسري دون موافقتهن. وبالحديث عن فرنسا وإيطاليا، تم تدمير مخيمات الغجر وطُرد الآلاف منهم، دون توفير مساكن دائمة لهم.

وواجه الغجر والمجتمعات المشابهة لهم، مثل السنتي، عبر التاريخ التمييز والاضطهاد، مما أثر على لغتهم وهويتهم الثقافية. ورغم أنهم أصبحوا جزءًا من دول مختلفة، إلا أن هذا لم ينهِ التمييز الذي استمر لعقود.

وقالت الكاتبة إن معاناة الغجر و"السنتي" في أوروبا، تعود إلى طبيعة ثقافتهم التي كانت تُعتبر "غريبة" و"مختلفة"، مما أدى إلى اضطهادهم. وساعدت العزلة الاجتماعية التي عاشوها في الحفاظ على جزء كبير من تراثهم الثقافي والجيني الهندي، مما جعلهم يُعتبرون غريبين وغير مقبولين في نظر الأوروبيين. وكانت مهنة الحدادة التي مارسها الغجر أيضًا تشكل تهديدًا اقتصاديًا للغالبية الأوروبية، مما دفعهم لربط هذه المهنة بالشر، بل وصل الأمر إلى اتهامهم بتحمل مسؤولية صنع المسامير التي استخدمت في صلب المسيح.

وساهمت النظرة السلبية إلى حياتهم المتنقلة في زيادة الاضطهاد ضدهم. وعلى الرغم من ذلك، أصبح الرقص الفلامنكو المستوحى من الغجر الأندلسيين مشهورًا عالميًا اليوم. أيضًا، "الموضة البوهيمية" الحديثة مستوحاة من أسلوب حياة الغجر.

بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الشخصيات الشهيرة مثل تشارلي شابلن، بابلو بيكاسو، إلفيس بريسلي، والأم تيريزا، التي يُقال إن لهم أصولًا غجرية، رغم أن إثبات هذه الروابط كان صعبًا قبل القرن العشرين بسبب رغبة الغجر في البقاء بعيدًا عن البيروقراطية.

وأكدت الكاتبة أن العديد من العلماء يعتقدون أن أصول الغجر تعود إلى الهند. يُعتقد أنهم من وسط الهند ثقافيًا، لكن تأثيرهم الثقافي كان أقوى في شمال الهند وباكستان.

يُعتقد أن اسمهم يأتي من الكلمة السنسكريتية "دوم"، التي تشير إلى طبقة اجتماعية في الهند. كما يُعتقد أنهم يتحدثون لغات هندية مرتبطة مثل "راجستاني"، "البنجابية" و"الهندية".

وظهرت المجتمعات الرومانية في الهند كموسيقيين وفنانين وعمال معادن، حيث تعرضوا للتمييز وتم طردهم من المعابد. بعد ذلك، تم إرسالهم إلى إيران حيث انقسموا إلى مجموعتين: إحداهما اتجهت شمالًا نحو أرمينيا وروسيا لتصبح الغجر الرومان، بينما اتجهت الأخرى جنوبًا نحو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

أكبر مجموعة غجرية في الهند هي "لامبادي"، لكن هناك أيضًا مجموعات أخرى مثل التاميل، كانجاري وبايغا. العديد من هذه المجتمعات تُعتبر منبثقة عن "الراجبوت"، وهم مجموعة فقيرة في الهند كانوا يعملون كحمالين وصانعي أسلحة. اليوم، يُعتقد أن الغجر المعاصرين هم من نسلهم، وما زالوا يعيشون كقبائل رحل أو شبه رحل.

وقالت الكاتبة إن معظم الغجر في الهند هم من الهندوس، بينما دمج بعضهم العديد من الممارسات الهندوسية مع معتقداتهم الخاصة. هناك أيضًا مجموعتان من الغجر المسلمين في باكستان، مثل "أرهاغار" الذين يمارسون الإسلام.

وينقسم الغجر في الشرق الأوسط إلى مجموعتين: "قرباطي أو غرباتي" وهي مشتقة من كلمة "غربة" بالعربية، و"ناواري" أو "زوت" الذين ينتشرون في العالم العربي.

وينتشر الغجر في منطقة البلقان، الذين يُعرفون أيضًا باسم "رومان"، في بعض مناطق شرق أوروبا وآسيا الغربية مثل يوغوسلافيا ومولدافيا وتركيا وإيران وأوكرانيا، ورغم اختلاف أماكن إقامتهم، يحافظ الغجر على خصائصهم المشتركة، خاصة نمط حياتهم الغامض.

وتشمل مجموعات الغجر في الهند فئات مختلفة مثل "لامبادي" و"تاميل"، ويعمل الكثير منهم في المصانع أو في المهن المتنوعة مثل تنظيف الشوارع أو العمل كمديرين في المتاجر.

واختتمت الكاتبة التقرير بالقول إنه فيما يخص الاندماج مع المجتمع الهندي، عقدت الحكومة الهندية العديد من المؤتمرات لدعم الاعتراف بالغجر كأقلية وطنية. على سبيل المثال، في 2016، تم تنظيم مؤتمر من قبل مجلس العلاقات الثقافية الهندي للاحتفاء بالجذور الهندية للغجر، حيث أكد وزير الخارجية سوشما سواراج أهمية إعادة اكتشاف تاريخهم المرتبط بالهند. وتضمنت المبادرات أيضًا تقديم منح للطلاب الرومانيين في الهند وتعزيز الروابط الثقافية بين الغجر في الهند والمجتمعات الرومانية في الخارج.



شارك
التعليقات