ويعد العلاج الجديد اختراقا في مجال علاج أمراض الشبكية، التي تؤدي في أغلب الأحيان إلى فقدان البصر بشكل دائم.
ويعتمد هذا العلاج على آلية مبتكرة تختلف تماما عن الأساليب الحالية التي تقتصر على إبطاء تدهور الشبكية دون إصلاح التلف الحاصل، والفكرة الأساسية في هذا العلاج، هي تحفيز شبكية العين على تجديد خلاياها التالفة بشكل ذاتي، وهي آلية يمتلكها بعض الكائنات الحية مثل الأسماك، لكنها مفقودة في العين البشرية.
وعكف الباحثون على تحديد البروتين "PROX1"، الذي يعد العامل الرئيس في منع خلايا الشبكية البشرية من التجدد، وباستخدام أجسام مضادة متخصصة، تمكن الفريق من تعطيل عمل هذا البروتين، ما سمح للخلايا التالفة في الشبكية بأن تبدأ عملية التجدد بشكل طبيعي.
وأظهرت التجارب المخبرية على الفئران نتائج مدهشة؛ فقد استعادت الحيوانات قدرتها البصرية، واستمر التحسن لأكثر من ستة أشهر، وهذا التحسن المستمر يشير إلى أن التأثير قد يكون طويل الأمد، مما يعزز من تفاؤل الباحثين بشأن إمكانية تطبيق هذا العلاج على البشر.
وبعد هذا النجاح الكبير، تعمل الشركة الناشئة "سيلاياز"، التي أسسها الفريق البحثي، على تطوير العلاج ليكون جاهزا للتجارب السريرية على البشر بحلول عام 2028، وإذا تم التحقق من فعالية العلاج وسلامته في هذه التجارب، فإنه يمكن أن يشكل نقلة نوعية في علاج أمراض الشبكية المستعصية، مثل: التهاب الشبكية الصباغي والضمور البقعي المرتبط بالعمر، اللتين تؤديان إلى العمى التدريجي.
ولا تقتصر فائدة هذا الاكتشاف على علاج أمراض العين فقط، بل يمكن أن يكون له تطبيقات أوسع في علاج أمراض أخرى تصيب الجهاز العصبي، حيث يعتمد العلاج على تحفيز الخلايا على التجدد بعد التلف، ويعد هذا الاكتشاف بمنزلة لحظة فارقة في طب العيون، إذ للمرة الأولى يصبح من الممكن استعادة البصر بشكل فعلي، وليس مجرد إبطائه أو تأجيل فقدانه.
وتم تمويل البحث بدعم من الحكومة الكورية، وتم نشر نتائجه في مجلة Nature Communications في 26 آذار/ مارس، مما يعزز من مصداقيته وأهميته في الأوساط العلمية.
وبينما يواصل العلماء تطوير العلاج، يترقب الملايين حول العالم نتائج التجارب المستقبلية، على أمل أن يصبح فقدان البصر شيئا يمكن علاجه بشكل كامل في المستقبل القريب.