ويقول القائمون على هذه الفعالية إنها تهدف إلى التعريف بالتراث المشترك لمنطقة غرب الصحراء الإفريقية وتعميق العلاقات بين الشعوب، حيث تشارك فيها وفود هامة من فنانين وباحثين وأدباء.
وقال وزير الثقافة الجزائري زُهير بَللو، إن اختيار الجزائر عاصمةً للثقافة الحسانية "يعدّ احتفاءً بالتراث اللامادي، وتجسيدًا لحرص الدولة على صون التنوع الثقافي" مشدّدًا على أهمية جعل هذه التظاهرة منصة دائمة للتبادل الثقافي وبناء الجسور بين الشعوب.
ماهي الحسانية؟
هي لجهة محلية يتحدث بها سكان موريتانيا والعديد من سكان الجزائر والمغرب ومالي والنيجر.

وتُعدّ الثقافة الحسانية جزءًا أصيلًا من النسيج الثقافي لثلاث من دول المغرب العربي هي موريتانيا والمغرب والجزائر، وتمثل هوية مميزة لشعوب الصحراء الكبرى بشكل عام.
يقول وزير الثقافة الموريتاني الحسين ولد مدو، إن "الحسانية هي ذلك اللسان الجميل المكتنز مجازا ورمزا، الذي رسمته ألسنة الرمل وظلال الخيام وحنين النوق وأريج الكتب وصهيل الخيل؛ إنه شذا الصحراء حين تنثر في القلوب نشيد البادية والأصالة والانتماء والجمال".
"جوهرة لغوية نادرة"
وفي كلمة له أمام المشاركين في افتتاح فعاليات "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية 2025" قال ولد مدو، إن الحسانية "هي جوهرة لغوية نادرة تتجاوز مهمة التواصل والتعاطي لتشكل منظومةً متكاملةً من الأخلاق والقيم والمثل والمفاهيم، حاملة صفاء وصدق الصحراء في دواوين الشعر والأمثلة والحكمة والسرديات، وفي متون الفقه والأصول واللغة والتاريخ والفلسفة".

وأضاف: "الثقافة الحسانية لا تعتبر امتدادًا فقط للغة؛ وإنما هي امتداد -أكثر من ذلك- للكينونة، واستحضارٌ للتاريخ والماضي، عبر أحاديث الفتوة وأشجانها، إنها نمط حياة تسوسه المروءة والكبرياء والأنفة والعزة والشجن والبوح والأريحية والإرادة والنزوع إلى الحياة".
أبرز حواضن الحسانية
وتعتبر موريتانيا أحد أهم حواضن الحسانة ومعقلها ورباطها، ومركز إشعاعها العلمي والأدبي، حيث واكبت الحسانية حركة التدوين والبحث العلمي في موريتانيا، فصدرت عنها عشرات البحوث والأطروحات والكتب والمعاجم والمقاربات النقدية، مما أتاح فهماً أعمق لبنياتها المعجمية والدلالية والأسلوبية.
وتعد اللهجة الحسانية هي اللهجة العربية المحكية الأساسية في موريتانيا، ويتحدث بها غالبية سكان البلد، فيما يعتبر الشعر الحساني والموسيقى الحسانية جزء لا يتجزأ من حياة الموريتانيين.
فضاء حر رسمته القوافل
يقول وزير الثقافة الموريتاني الحسين ولد مدو، إن اختيار الجزائر "ذات الإرث الثوري والثقافي العريق، لتكون عاصمة للثقافة الحسانية، هو اختيار بليغ الدلالة؛ لأنه يؤكد أن الحسانية موروث مشترك لأبناء هذا الفضاء الحر الذي لم تعرف حدوده القيود الإدارية إلا حديثا؛ وإنما رسمته القوافل والقصائد والمجالس، والعلاقات الأخوية الإنسانية الضاربة في الجذور".
وتحدث ولد مدو في كلمة أمام المشاركين في فعالية "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية 2025" عن تحديات تواجه الثقافة الحسانية تتجلى في الزحف الجارف للعولمة، وتآكل الذاكرة، وتراجع أدوات التوريث الشفهي.

وأشار إلى أن هذه التظاهرة "تمثل فرصة ثمينة لتجديد العهد مع هذا الموروث، وتطوير أدوات صونه وتوثيقه ونقله، وتمكين الأجيال الجديدة من التفاعل معه ليس كتراث جامد؛ بل كمصدر للهوية، وأفق للإبداع، ومجال للإنتاج الثقافي والفني والتنموي".
وقال إن موريتانيا تعكف على تنفيذ استراتيجية وطنية للنهوض بالثقافة الحسانية، تشمل التوثيق، والدعم المؤسسي، وتطوير الصناعات الإبداعية ذات الصلة، وتعزيز حضور الحسانية، وتشجيع البحوث الأكاديمية، وتنظيم المهرجانات المتخصصة.

