2300 وفاة خلال موجة حر قاتلة في أوروبا.. وأصابع الاتهام تتوجه لـ"تغير المناخ"

باريس حر الصيف  جيتي
علماء: موجة الحر في أوروبا أودت بحياة 2300 شخص - جيتي
  • لندن- عربي21
  • الأربعاء، 09-07-2025
  • 10:18 ص
كشفت دراسة علمية نُشرت الأربعاء عن حصيلة صادمة لوفيات موجة الحر الشديدة التي ضربت أوروبا في أواخر حزيران/يونيو الماضي، حيث قُدّر عدد الضحايا بـ2300 شخص في 12 مدينة أوروبية، وسط تحذيرات متزايدة من تفاقم أزمة المناخ التي باتت تضرب القارة بوتيرة متسارعة.

وأوضحت الدراسة، التي أعدّها باحثون من جامعة "إمبريال كوليدج لندن" وكلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، أن نحو 1500 حالة وفاة من أصل 2300 تُعزى مباشرة إلى ظاهرة تغيّر المناخ، التي ساهمت في جعل موجة الحر الأخيرة أكثر تطرفاً وخطورة.

وقال الدكتور بن كلارك، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إن "تغير المناخ زاد من سخونة هذه الموجة بشكل كبير عمّا كان ينبغي أن تكون عليه، وهو ما جعلها أشد فتكاً وخطورة". 

وأضاف أن درجات الحرارة خلال تلك الفترة ارتفعت في بعض المناطق بمقدار أربع درجات مئوية بفعل الانبعاثات الحرارية الناجمة عن النشاط البشري.

بيانات ميدانية وتحليل فوري
وركز التحليل العلمي على الفترة ما بين 22 حزيران/يونيو الماضي و2 تموز/يوليو الجاري، والتي شهدت خلالها أجزاء كبيرة من غرب أوروبا موجة حر قاسية. 

واعتمد الباحثون على أساليب تحليل سريعة خضعت لمراجعة علمية لتقدير عدد الوفيات، في ظل غياب البيانات الرسمية في كثير من الدول، وعدم الإبلاغ عن معظم الحالات المرتبطة بالحرارة.

وشملت المدن التي ركزت عليها الدراسة كلا من: برشلونة، مدريد، لندن، وميلانو، في حين تم رصد تأثيرات واسعة النطاق في فرنسا، البرتغال، إسبانيا، ألمانيا، المملكة المتحدة، وإيطاليا، حيث فاقت درجات الحرارة 40 درجة مئوية في بعض المناطق، وتجاوزت في مناطق أخرى 46 درجة، محطّمة الأرقام القياسية لشهر حزيران/يونيو الماضي.

حرائق وجفاف وتحذيرات حمراء
في إسبانيا، التهمت النيران آلاف الهكتارات من الغابات في إقليم كاتالونيا، وأسفرت الحرائق عن مصرع عدة أشخاص، بينهم أطفال، بينما سجّلت بلدة "إل جرنادو" رقماً قياسياً جديداً بلغ 46 درجة مئوية، وفق بيانات الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية.

أما في البرتغال، فقد سجّلت مدينة "مورا" حرارة بلغت 46.6 درجة، وهو أعلى مستوى يُرصد في حزيران/يونيو الماضي منذ بدء التوثيق المناخي، ما دفع السلطات لإعلان حالة الطوارئ في عدد من المناطق.

وفي فرنسا، تجاوزت الحرارة حاجز الـ38 درجة مئوية في عدة مدن، حيث أُطلقت التحذيرات الحمراء، وأُغلقت المدارس والمعالم السياحية – بما في ذلك برج إيفل، الذي أغلق أبوابه بسبب ارتفاع درجة حرارة هيكله المعدني.

وتكرّر المشهد في إيطاليا التي أعلنت حالة تأهب قصوى في أكثر من 20 مدينة، كما وصل تأثير الموجة إلى ألمانيا والمملكة المتحدة، وسط تداعيات واسعة النطاق شملت الحرائق والانهيارات الحرارية المفاجئة.

اظهار أخبار متعلقة


تحذيرات من "صيف كارثي"
من جهتها، ذكرت خدمة "كوبرنيكوس" الأوروبية لتغير المناخ، في نشرتها الشهرية أن شهر حزيران/يونيو الماضي كان ثالث أشد شهور يونيو حرارة على الإطلاق على مستوى كوكب الأرض، مقارنة ببيانات الأعوام السابقة، وخاصة 2023 و2024.

ويؤكد علماء المناخ أن هذه الظواهر الحادة أصبحت "أكثر شيوعاً وفتكاً" نتيجة للتغيرات المناخية المتسارعة بفعل النشاط البشري، محذرين من أن "الصيف الأوروبي لم يبدأ بعد فعلياً"، وأن ما جرى في حزيران/يونيو الماضي قد لا يكون إلا مقدمة لموسم أكثر دموية.

أزمة المناخ تخرج عن السيطرة
ويرى مراقبون أن الموجة الأخيرة تشكّل جرس إنذار إضافياً على عمق الأزمة البيئية التي تواجهها أوروبا، حيث تتعرض دول حوض المتوسط لدرجات حرارة غير مسبوقة، ما يؤدي إلى ازدياد معدلات الوفاة، تراجع الأمن الغذائي، اشتداد موجات الجفاف، واندلاع حرائق متكررة.

وتُشير التقديرات إلى أن هذه الظواهر المناخية المتطرفة – إذا لم تُواجه بخطط جذرية – قد تدفع الأنظمة الصحية في القارة إلى حافة الانهيار، وتؤدي إلى تغيّرات ديموغرافية واجتماعية واقتصادية خطيرة خلال العقد المقبل.

وعلى الرغم من التحذيرات، يُلاحظ تقاعس في استجابة الحكومات الأوروبية، سواء على مستوى الوقاية الصحية أو تحديث البنية التحتية للتكيّف مع التغيرات المناخية. 

وبحسب منظمات حقوقية وبيئية، فإن "غياب الإرادة السياسية" يشكّل العقبة الأكبر في طريق التصدي للكارثة المناخية المحدقة.

ويخلص الباحثون في الدراسة إلى دعوة عاجلة للسلطات الأوروبية لاتخاذ إجراءات فورية، تتضمن تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، تحسين خدمات الطوارئ، وتوسيع الوصول إلى التكييف في المناطق المعرّضة للخطر، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الحرارية والوفاء بالتزامات اتفاق باريس للمناخ.
شارك
التعليقات