ألغاز الطبيعة.. كيف تهتدي فراشات صغيرة بالنجوم لعبور أستراليا؟

حيوان فراشة ورد - جيتي
العامل الحاسم في هذه القدرة الملاحية يكمن في بروتين كريبتوكروم- جيتي
  • لندن- عربي21
  • الخميس، 28-08-2025
  • 03:36 م
كشفت دراسة علمية حديثة عن سر واحدة من أكثر الظواهر الطبيعية إثارة للدهشة في عالم الحشرات، حيث تقطع فراشات "بوغونغ" الأسترالية رحلة سنوية مذهلة لمسافة تصل إلى ألف كيلومتر، مسترشدة بالنجوم والمجال المغناطيسي للأرض في آن واحد.

وبحسب البحث الذي نشرته مجلة Nature، تنطلق ملايين الفراشات كل ربيع من مناطق السهول الدافئة في أستراليا متجهة نحو جبال الألب الأسترالية، حيث تقضي فصل الصيف القائظ مختبئة في كهوف باردة توفر لها مناخًا ملائمًا للبقاء.

وتعد هذه الهجرة الجماعية من أطول وأعقد الرحلات في عالم الحشرات، نظرًا لغياب أي أدوات ملاحية تقليدية واعتماد الكائن الصغير على دماغ لا يتجاوز حجم بذرة الخشخاش.

وقال البروفيسور إيريك وارانت من جامعة لوند السويدية، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة: "ما تقوم به فراشات بوغونغ يعادل الدوران حول الأرض مرتين عند خط الاستواء من دون خرائط أو أجهزة ملاحة. إنه إنجاز مذهل بالنسبة لحشرة بهذا الحجم."

اظهار أخبار متعلقة


واعتمدت الدراسة على تجارب فريدة داخل مختبر خاص، حيث أنشأ العلماء سماء نجمية اصطناعية وأدخلوا تعديلات على المجال المغناطيسي للأرض، وعندما غير الباحثون مواقع النجوم بشكل مفاجئ، بدلت الفراشات اتجاهها فورا نحو الاتجاه المعاكس، ما أثبت اعتمادها على الخرائط النجمية في الملاحة، وفي غياب الرؤية الليلية، أظهرت التجارب أن الفراشات تلجأ إلى "بوصلة داخلية" تعتمد على المجال المغناطيسي للأرض لتوجيه مسارها.

وكشف البحث أن العامل الحاسم في هذه القدرة الملاحية يكمن في بروتين كريبتوكروم الحساس للضوء، والذي يعمل كبوصلة بيولوجية طبيعية. هذا البروتين يحول المعلومات المتعلقة بالضوء والمجال المغناطيسي إلى إشارات عصبية، تساعد دماغ الفراشة على رسم مسارها بدقة رغم صغر حجمه.

لكن على الرغم من هذا الاكتشاف، لا تزال هناك أسئلة جوهرية دون إجابة، منها: كيف تحدد الفراشات أنها وصلت بالفعل إلى الهدف؟ وكيف يتمكن نظامها العصبي البسيط من معالجة هذه البيانات المعقدة؟

ويؤكد العلماء أن هذه النتائج لا تسلط الضوء فقط على قدرة مذهلة في عالم الحشرات، بل قد تفتح آفاقًا جديدة لفهم أنظمة الملاحة البيولوجية وربما الاستفادة منها في تطوير تقنيات ملاحية مستقبلية للبشر.
شارك
التعليقات