وحثّت البلديات الفرنسية الحكومة، والاتحاد الأوروبي على خفض الحد القانوني للزئبق في التونا، بما يتماشى مع الحد القانوني لأنواع الأسماك الأخرى.
وجاء هذا القرار استجابة لبيانات صادرة عن منظمتي "بلوم" و"فوود ووتش" غير الحكوميتين.
وبعد تحقيق أجري العام الماضي، نبهت المنظمتان إلى ارتفاع مستويات الزئبق في التونا المعلبة في جميع أنحاء أوروبا.
وفقًا لتحقيقهم، احتوت علبة واحدة من كل عشر علب، خضعت لاختبارات مختبرات مستقلة، على مستويات زئبق أعلى من الحد القانوني المسموح به للتونا، بينما سجلت أحد العلامات التجارية الفرنسية الشهيرة مستويات زئبق أعلى بـ 13 مرة من الحد المسموح.
والحد الأقصى لمحتوى الزئبق الذي يسمح به الاتحاد الأوروبي للأسماك الطازجة، بما في ذلك سمك القد والسردين والأنشوجة والماكريل والرنجة، هو 0.3 ملغم/كغم، ووقد وجد تقرير "بلوم" أن تركيز الزئبق في التونا المعلبة يمكن أن يصل إلى 2.7 ملغم/كغم حيث يرتفع مستوى الزئبق في الأسماك بعد تجفيفها وتعليبها.
وكشفت دراسة حديثة نشرت في مجلة ساينس أدفانسز عن حقيقة مثيرة للقلق تتعلق بمياه كوكب الأرض، فمنذ عام 1850 وحتى الآن، تضاعفت مستويات الزئبق في الأنهار.
وكشفت الدراسة أن مستويات المواد التي تنقلها الأنهار إلى المحيطات قد زادت من حوالي 390 طنًا إلى أكثر من 1000 طن اليوم، أي أكثر من ضعف ما كانت عليه قبل عصر الصناعة.
ما هي أضرار الزئبق؟
بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الزئبق عنصر طبيعي موجود في الهواء والماء والتربة.
وقد يُسبب التعرض للزئبق، بحسب المنظمة، - حتى بكميات صغيرة - مشاكل صحية خطيرة، ويُشكل تهديدًا لنمو الجنين في الرحم وفي المراحل المبكرة من الحياة.
قد يكون للزئبق آثار سامة على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي والجهاز المناعي، وعلى الرئتين والكلى والجلد والعينين.
تصنف منظمة الصحة العالمية الزئبق من بين أكثر عشر مواد كيميائية تُشكل مصدر قلق كبير على الصحة العامة.
يتعرض الناس بشكل رئيسي لميثيل الزئبق، وهو مركب عضوي، عند تناول الأسماك والمحاريات التي تحتوي على هذا المركب.
كيف يصل إلينا؟
يوجد الزئبق بشكل طبيعي في قشرة الأرض. وينطلق في البيئة نتيجةً للنشاط البركاني، وتآكل الصخور، ونتيجةً للنشاط البشري.
يُعد النشاط البشري السبب الرئيسي لانبعاثات الزئبق، وخاصةً محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وحرق الفحم في المنازل لأغراض التدفئة والطهي، والعمليات الصناعية، ومحارق النفايات، ونتيجةً لتعدين الزئبق والذهب والمعادن الأخرى.
بمجرد وصول الزئبق إلى البيئة، يمكن للبكتيريا أن تحوله إلى ميثيل الزئبق. ثم يتراكم ميثيل الزئبق بيولوجيًا في الأسماك والمحاريات. على سبيل المثال، من المرجح أن تحتوي الأسماك المفترسة الكبيرة على مستويات عالية من الزئبق نتيجةً لتناولها العديد من الأسماك الصغيرة.
وأدى استمرار إطلاق الزئبق في البيئة نتيجةً للأنشطة البشرية، ووجوده في السلسلة الغذائية، والآثار الضارة المُثبتة على البشر، إلى اعتماد اتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق عام 2013 . تُلزم الاتفاقية الحكومات الأطراف باتخاذ مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك معالجة انبعاثات الزئبق في الهواء والتخلص التدريجي من بعض المنتجات المحتوية على الزئبق.
ويحظر تعديلٌ أُدخل على اتفاقية ميناماتا عام 2023 تصنيع أو استيراد أو تصدير بعض المنتجات المُضاف إليها الزئبق بعد عام 2025. تشمل قائمة المنتجات البطاريات، والمفاتيح الكهربائية، والمصابيح الفلورية، ومستحضرات التجميل، وغيرها.
ما هو بديل التونا؟
يُعد سمك السردين أكثر كثافةً من حيث العناصر الغذائية من التونا.
وبحسب موقع "فود ستراكت" المتخصص، يحتوي السردين على نسبة أعلى من الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء بالإضافة إلى فيتامينات ب2، ب5، ب9، وب12.
والسردين غني بالكالسيوم والحديد والفوسفور والصوديوم والزنك والنحاس والمنغنيز، بينما تحتوي التونا على نسبة أعلى من المغنيسيوم والبوتاسيوم والسيلينيوم.

والسردين سمك صغير الحجم، ودورة حياته أقصر من التونا، لذلك يحتوي على كميات ضئيلة من الزئبق، في المقابل، التونا أكبر حجماً وأعلى في السلسلة الغذائية، فتحتوي على مستويات أعلى من الزئبق كونها تفترس أسماك أخرى أصغر منها وتراكم الزئبق في لحمها.
وتوصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ووكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، بإطعام الأطفال أسماكا تحتوي على نسبة زئبق قليلة وهذه الأسماك هي: السردين، والأنشوجة، والماكريل الأطلسي، وسمك السلور، والمحار، وسرطان البحر، وجراد البحر، وسمك المفلطح، وسمك الحدوق، وسمك البوري، وسمك السلمون.
