ونقل الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21 لايت"، ما جاء على لسان سابرينا رومانوف، أخصائية علم النفس السريري في مستشفى لينوكس هيل، التي أفادت أن الضحك يحمل العديد من الوظائف الأساسية للحياة اليومية منذ سن مبكرة. وفي الواقع، يُلاحظ الضحك عند الأطفال في عمر الثلاثة إلى أربعة أشهر.
وأضافت رومانوف قائلة: "يعد الضحك أداة أساسية لمكافحة التوتر والترابط والانضمام إلى الآخرين، وتحسين الصحة. وغالبا ما نأخذ هذه التأثيرات كأمر مسلم به، حيث ينبغي أن نكون أكثر وعيا بالتأثير القوي للضحك للاستفادة من هذه الفوائد وتوظيفها بشكل متكرر في الحياة اليومية".
لماذا يضحك الناس؟
أوضح الموقع أن الضحك يعدّ سلوكا اجتماعيا يحدث غالبا عندما نكون مع الآخرين. وفي هذا الصدد، قال رومانوف إن السبب في ذلك يعود إلى أن الضحك يُعتبر بمثابة إشارة للتواصل الاجتماعي وتكوين العلاقات. ووجدت دراسة أجريت سنة 2013 أن الفكاهة والضحك مهمان في تكوين انطباع أول جيد مع شخص لم تقابله من قبل. فضلا عن ذلك، ارتبط الضحك بتسهيل التواصل مع شخص غريب، حيث يمكن أن يقوي الترابط الاجتماعي، وبالتالي يجعلك أكثر جاذبية للآخرين.
وفسر الموقع أن الدماغ قد يتعرف على الضحك المرتبط بأشخاص آخرين ويعالجها بشكل مختلف. كما حددت دراسة صغيرة نشرت سنة 2013 ثلاثة أنواع من الضحك، وهي الضحك القائم على الدغدغة والضحك البهيج المتأتي من الضحك مع شخص ما والسخرية أو الضحك على شخص ما.
اظهار أخبار متعلقة
من الممكن أن تكون عدة عوامل قد دفعت البشر إلى تطوير العمليات المعرفية المعقدة اللازمة لخلق روح الدعابة، بما في ذلك تطور اللغة والروحانية. وفي سنة 2015، وجدت دراسة نشرت وجود صلة بين متغير من جين "5-إتش تي تي إل بي آر" وبين وجود تعبيرات أكثر إيجابية، على غرار الابتسام والضحك. ويشير ذلك إلى أن المشاعر الإيجابية لها مكون وراثي، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث.
تميل بعض المجموعات إلى الضحك أكثر من غيرها. ووفقا لجوزيف موسكيرا، الخبير الطبي على موقع آر إكس سايفور، لا يضحك البالغون تقريبا مثل الأطفال. ويضحك البالغ العادي 17 مرة في اليوم مقارنة بالطفل الذي يضحك حوالي 300 مرة. في المقابل، قال جوليان لاغوي، وهو طبيب نفسي على موقع "كوميونيتي سايكايتري"، إن التوتر قد يساهم في هذا التفاوت.
وأوضح لاغوي قائلا: "من المرجح أن يستمتع الطفل الذي يتحمل مسؤوليات قليلة بحياته ويضحك أكثر من شخص بالغ في منتصف العمر. ومن المرجح أن يعمل شخص في الأربعينات بجد لإعالة أسرته وقد يكون أكثر توترا ويضحك أقل". وأفاد لاغوي أن بعض الثقافات تُعدّ أكثر استعدادا للضحك. ووجدت دراسة نشرت سنة 2019 أن الشرقيين كانوا أقل احتمالا لأن يكون لديهم رؤية إيجابية للفكاهة من الغربيين وكانوا أقل احتمالا لاستخدام الفكاهة كآلية للتكيف.
ما هي فوائد الضحك؟
أفاد الموقع أن الضحك يوفر الكثير من الفوائد الصحية، حيث ترتبط العديد منها، بما في ذلك الحد من التوتر وتعزيز جهاز المناعة لديك، بالكمية الهائلة من المواد الكيميائية التي تبعث على الشعور بالرضا التي يطلقها دماغك عندما تضحك. وتشمل هذه المواد الكيميائية:
●السيروتونين: وهي مادة كيميائية تعزز الحالة المزاجية في الدماغ وتنتج مشاعر الهدوء والسعادة. ووقع ربط المستويات المنخفضة من السيروتونين بالاكتئاب والقلق.
●الأوكسايتوسين: يعزز إطلاق هذا الببتيد العصبي الترابط الاجتماعي بين الأسرة والآخرين. كما ثبت أن الأوكسيتوسين يزيد التعاون والعمل الجماعي.
●الدوبامين: لهذه المادة الكيميائية دور في المتعة والمكافأة. من خلال الضحك، يساعد إفراز الدوبامين على تقليل الشعور بالقلق.
●الإندورفين: يساهم الإندورفين في تعزيز المشاعر الإيجابية والاسترخاء، وهي المواد الكيميائية نفسها التي تسبب النشوة لدى العداء.
ونقل الموقع ما جاء على لسان موسكيرا أن الضحك يعد عملية تساعد بشكل غير مباشر جهاز المناعة المجهد. ووفقا لدراسة صغيرة نشرت سنة 2020، قد يؤدي الضحك إلى زيادة عدد الخلايا القاتلة الطبيعية في جسمك، وهي خلايا الدم البيضاء التي تلعب دورا مهما في الدفاع ضد الفيروسات والبكتيريا.
قد تكون فوائد الضحك بمثابة تمرين صغير. في الواقع، سجلت دراسة صغيرة سنة 2006 معدل ضربات قلب 45 مشاركا شاهدوا مقاطع كوميدية مدتها 10 دقائق. وقام الباحثون بقياس تكوين أجسامهم ووجدوا أن الضحك الحقيقي يزيد من معدل ضربات القلب بنسبة تصل إلى 20 بالمئة، ويمكن أن يحرق ما يصل إلى 40 سعرة حرارية في جلسة ضحك مدتها 10 إلى 15 دقيقة.
ماذا يمكنك أن تفعل لتضحك أكثر؟
اقترح الموقع بعض الطرق التي يمكنك تجربتها التي قد تساعدك على الضحك أكثر، ومنها:
يوغا الضحك: إحدى طرق دمج المزيد من الضحك في الحياة اليومية هي من خلال يوغا الضحك. ويتكون هذا النوع من اليوغا من الضحك التطوعي والتصفيق وتقنيات التنفس العميق من البطن.
التسكع مع الأصدقاء المضحكين: نظرا لأن الضحك مهم لبناء العلاقات الاجتماعية، ينصح لاغوي بتكوين صداقات مع أشخاص مرحين وتجنب الأفراد الذين غالبا ما يكونون سلبيين أو سامين.
شاهد المواد الكوميدية: بالنسبة لأولئك الذين يفضلون قضاء الوقت بمفردهم، يمكن أن يحسن تشغيل المسرحية الهزلية المفضلة لديك أو قراءة كتاب قصص مصورة كوميدية أو مشاهدة مقاطع فيديو مضحكة للقطط الحالة المزاجية، بالإضافة إلى زيادة الطاقة والضحك.
لا تخف من الضحك على نفسك: وفقا لرومانوف، يميل الناس إلى قمع ضحكاتهم في الأماكن العامة بسبب مخاوفهم من الشعور بالغباء أو الحكم عليهم. وتتمثل إحدى طرق تدريب نفسك على الضحك في أن تتبنى عقلية طفل. وفي هذا الصدد، قال لاغوي: "لا تخف من الضحك والسخرية من نفسك. ولا تكن دائما سلبيا أو تفكر في السلبيات، وحاول أن تكون مثل الطفل من خلال الضحك على الأشياء العادية والاستمتاع باللحظات الصغيرة والممتعة في الحياة".