هكذا تخفي قواعد الزي والشعر في مدارس اليابان التمييز وتقتل الفردية 😮

stephanie-hau-vJ3CFY8iI9c-unsplash
CC0
  • بلال ياسين
  • الثلاثاء، 16-03-2021
  • 05:09 م
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لرئيس مكتبها في طوكيو، سايمون دينير قال فيه إن هناك قول مشهور في اليابان: "عندما توجد قواعد، يجب التقيد بها".



ويقول علماء الاجتماع والناشطون إن هناك بالتأكيد القليل من القواعد التي لا طائل من ورائها، ومثيرة للانقسام، وقاسية مثل اللوائح المطبقة على نطاق واسع والتي تنص على أن أطفال المدارس اليابانيين يجب أن يكون لديهم شعر أسود حالك أملس (غير متجعد).

من المفترض أن تمنع هذه اللوائح الطلاب المتمردين - البنات والأولاد على حد سواء - من صبغ أو تجعيد شعرهم وتشجيعهم على التركيز على دراستهم. ولكن كما هو الحال مع القواعد الأخرى هنا، بما في ذلك حظر التواعد واشتراط أن يرتدي الطلاب ملابس داخلية بيضاء، فإن النتيجة غالبا ما تغذي التمييز وتسحق الفردية وتفرض التزاما صارما يعيق اليابان، وفقا للمنتقدين.

اظهار أخبار متعلقة



واشتعلت معركة تغيير القواعد من جديد بحكم قضائي في مدينة أوساكا الغربية الشهر الماضي بمنح طالبة سابقة 3000 دولار مقابل "الألم العاطفي" الذي تعرضت له بعد أن تم اضطرارها ترك المدرسة الثانوية لأن شعرها لم يكن أسودا بدرجة كافية. لكن المحكمة دعمت بشكل مثير للجدل الحق القانوني للمدرسة في فرض القانون.

وقال محامي الشابة، يوشيوكي هاياشي، إن موكلته، البالغة من العمر الآن 21 عاما، تعتزم الاستئناف، قائلة إن طفولتها قد دمرت عندما دخلت مدرسة كايفوكان الثانوية بالمحافظة. وبحلول الفصل الدراسي الثاني، طُلب منها صبغ شعرها باللون الأسود كل أربعة أيام، لكنها مُنعت من الدراسة بل واستُبعدت من رحلة مدرسية لأن المدرسين قرروا أن شعرها "ليس أسودا بما يكفي"، كما يقول هاياشي.

وعندما رفضت الطالبة الاستمرار في صبغ شعرها، قيل لها ألا تكلف نفسها عناء الحضور إلى المدرسة. وفي وقت لاحق، حاول والداها التفاوض بشأن طريقة للعودة إليها، فقط ليجد أن درجها قد تمت إزالته من الفصل الدراسي ومنح رقمها في المدرسة لتلميذة أخرى.

اظهار أخبار متعلقة



قال هاياشي: "لقد تعرضت التلميذة لصدمة نفسية شديدة". "في مرحلة ما، كان الأمر سيئا للغاية لدرجة أن مجرد رؤية نفسها في المرآة أو رؤية شعرها كان يتسبب لها الانفعال المفرط".

وقال إن المرأة، التي رفضت التعليق بنفسها، كانت تريد دائما الالتحاق بالجامعة، "لكنها أصبحت لا تثق بالناس بشكل كبير" لدرجة أنها لا تتفاعل مع العديد من الأشخاص خارج عائلتها. وأضاف: "لقد بدأت الآن وظيفة بدوام جزئي، لكنها ما زالت تعاني".

في مؤتمر صحفي بعد الحكم، قال مدير المدرسة ماساهيكو تاكاهاشي إن المدرسة لن تغير سياسة الشعر الأسود لكنها "ستهتم أكثر". لاحظت حكومة محافظة أوساكا أن المحكمة أيدت قواعد المدرسة لكنها قالت إنه كان لا ينبغي شطب اسم الفتاة من دليل المدرسة.

اظهار أخبار متعلقة



تطلب ما يقرب من نصف المدارس الثانوية العامة في طوكيو من الطلاب الذين شعرهم ليس أسودا وأملسا تقديم شهادة لإثبات أنه طبيعي وليس مصبوغا أو مجعدا، وفقا لتقرير صادر عن هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية (NHK)، بينما وجدت صحيفة Mainichi النسبة أعلى في أوساكا.

ذهبت ميوكي نوزو، وهي امرأة تبلغ من العمر 32 عاما وتعمل الآن مع اللاجئين، إلى مدرسة خاصة تطلب من الطلاب ذوي الشعر البني أو الأجعد أن يحملوا شهادة معهم في جميع الأوقات تثبت ذلك. كما كان يتم فحص الحواجب بانتظام للتأكد من أنه لم يتم حفها، بينما يجب أن تكون الجوارب بيضاء ومطوية ثلاث مرات.

وتقول إن القواعد تجعل من الصعب على الأطفال المهاجرين والأعراق المختلطة الشعور بالانتماء.

وقالت: "المدارس تفترض دون أي تفكير أن جميع اليابانيين لديهم شعر أسود أملس وأن الفتيات يجب أن يتصرفن بطريقة معينة .. لكن اليابان لم تعد دولة ذات عرقية واحدة. لا تدرك المدارس أن المجتمع قد تغير وأنهم يفرضون نموذجا عفا عليه الزمن على الطلاب. هذا يثبت أنه ليس لديهم نية أو قدرة على تعليم الطلاب حول التنوع".

اظهار أخبار متعلقة



قالت نوزو إن إحدى زميلاتها وصفت بأنها "مثيرة للشغب" لأنها وجدت صعوبة في اتباع القواعد، لكنها درست وتخرجت متفوقة على زملائها في جامعة طوكيو للفنون. ومع ذلك، قالت: "هناك الكثير من الأشخاص الذين يتعرضون للقمع ويفقدون إبداعهم".

تقول كايوكو أوشيما، أستاذة القانون في جامعة دوشيشا والتي تركز على هذه القضية، إن بعض الطلاب "يتضررون عاطفيا ويفقدون ثقتهم بأنفسهم" ويمكن أيضا عزلهم والتنمر عليهم من قبل زملائهم في الفصل المقتنعين بهذه المبادئ – وهي أن الذي لا يلتزم لا تنتمي إلى المجتمع الياباني.

وقالت: "في اليابان، لدى الناس انطباع بأنه عندما يختلف شخص ما [عن الآخرين]، فسيتم استهدافه أو التنمر عليه .. لذلك يتعلم الناس ألا يبرزوا، ويرى الشباب هذا على أنه وسيلة للبقاء. يتحدث المعلمون عن تفرد الأشخاص، ومع ذلك يتم سحق هذا التفرد".

وقالت أوشيما ونوزو إن هذا بدوره يخلق في الشركات اليابانية جوا يخشى فيه الناس التحدث علانية، خاصة في الاجتماعات، وخاصة إذا كانوا من النساء.

في المدارس، لا يتوقف الأمر عند لون الشعر. أفادت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية أن ما يقرب من 60% من 238 مدرسة عامة في مدينة ناغازاكي تطلب من التلاميذ ارتداء ملابس داخلية بيضاء، حيث أخبر أحد الطلاب المذيعين أن المعلمين يقومون بفحص ملابسهم الداخلية بانتظام عند تغييرهم لدروس الرياضية.

وذكرت صحيفة أساهي أن 57 مدرسة من أصل 69 شملتها الدراسة أجرتها نقابة المحامين في فوكوكا لديها قواعد بشأن لون الملابس الداخلية. وبحسب ما ورد طلبت بعض المدارس من التلاميذ خلع ملابسهم الداخلية إذا خالفوا القواعد.

ومع ذلك، فإن الضغط يتزايد من أجل التغيير.

قامت شابة يابانية برفع دعوى قضائية ضد مدرستها الثانوية في طوكيو لإساءة استخدام سلطتها من خلال مطالبتها "بالانسحاب طوعيا" بعد أن انتهكت القواعد من خلال مواعدة صبي في فصلها. ذكرت صحيفة Japan Today أنه على الرغم من أنها كانت على بعد بضعة أشهر فقط من التخرج، إلا أنها شعرت بأنها مضطرة للتوقف عن الدراسة.

في عام 2018، عندما وصلت قضية أوساكا إلى المحكمة لأول مرة، كان يوجي سوناغا غاضبا للغاية لدرجة أنه ساعد في بدء حملة من أجل "إيقاف قواعد المدرسة المتطرفة" وجمع 60 ألف توقيع على عريضة تطالب الحكومة باتخاذ إجراء ما.

ويقول إن القواعد لا تنطوي على تمييز فحسب، بل يمكن أن تؤدي أيضا إلى تحرش جنسي. تفرض السياسات الموحدة الصارمة أعباء مالية على الآباء الفقراء، والقواعد التي تتطلب من الأطفال أخذ جميع كتبهم المدرسية إلى المنزل يمكن أن تسبب مشاكل في الظهر  وقواعد حظر الملابس الشتوية أو الأوشحة يمكن أن تلحق الضرر أيضا بصحة الأطفال. ويقول إن بعض الأطفال قد يُدفعون إلى الانتحار.

وقال أيضا: "بسبب القواعد، يمارس الأطفال أنفسهم الضغط على بعضهم بالحاجة إلى الالتزام، ويستمر هذا إلى مرحلة البلوغ مثل الهوس .. احترام الأطفال لذاتهم آخذ في التراجع، وفي بعض الحالات يكون منخفضا لدرجة أنهم يفقدون إرادتهم في العيش".


شارك
التعليقات