إنه لأمر مروع بلا شك أن يتوفى أكثر من 2.8 مليون شخص بسبب فيروس كورونا خلال سنة ونصف. ومع ذلك وفي نفس الفترة تقريباً توفي عدد هائل نتيجة تلوث الهواء ما يقرب من 8.7 مليون شخص سنوياً وفقاً لدراسة حديثة. ومع ذلك فإنه يتم تجاهلهم وكأنهم أرقام غير مهمة.
اظهار أخبار متعلقة
لطالما تجاهل العالم العديد من أشكال الموت والدمار، واعتبروها كنوع من الضجيج الأخلاقي. لكن ماذا لو تعاملنا مع 8.7 مليون حالة وفاة سنوية ناجمة عن تلوث الهواء كحالة طارئة وأزمة عالمية! وأدركنا أن التأثير التنفسي الناتج عن فيروسات ليس سوى جزء صغير من التأثير المدمر لحرق الوقود الأحفوري؟
بالنسبة للوباء، نجحنا في شل حركة أعداد كبيرة من سكان العالم، وتقليل الحركة الجوية بشكل جذري، وتغيير الطريقة التي يعيش بها العالم أجمع، فضلاً عن دفع مبالغ مالية طائلة كمساعدات للأشخاص الذين دمرتهم الأزمة. يمكننا فعل ذلك من أجل ظاهرة تغير المناخ أيضاً، بل يجب علينا فعل ذلك.
بالنسبة للأشخاص الذين يعملون على جذب انتباه الرأي العام إلى مثل هذه الأزمات، يتمثل الجزء الأكبر من المشكلة في محاولة إشراك الناس في شيء يمثل جزءاً من الوضع الراهن. نحن كبشر مصممين للاستجابة بحذر للشيء الجديد، ولكن ليس للأشياء التي تحدث منذ عقود واعتدنا عليها.
تتمثل المهمة الأولى لمعظم حركات البيئة في جعل ما هو غير مرئي، مرئياً للجميع. وجعل ما تم قبوله لسنوات أمراً غير مقبول.
اظهار أخبار متعلقة
يعتبر تغير المناخ أمراً غير مرئي في الوعي السياسي اليوم، لأنه يحدث على نطاق واسع جداً في الزمان والمكان، ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة. يمكننا فقط رؤية آثاره - حيث بلغت أزهار الكرز في كيوتو باليابان ذروتها في وقت مبكر من هذا العام أكثر من أي وقت مضى منذ عام 812 بعد الميلاد، إضافة إلى حرائق غابات كاليفورنيا التي أصبحت أكبر وأقوى وأسرع الآن من أي وقت سابق-.
ومن بين الظواهر اللافتة للنظر في الأسابيع الأولى من وباء فيروس كورونا جودة الهواء وزقزقة العصافير.
أثناء توقف النشاط البشري، أبلغ العديد من الناس عن سماع زقزقة العصافير، وانخفضت مستويات تلوث الهواء في جميع أنحاء العالم بشكل كبير. في بعض الأماكن في الهند ظهرت جبال الهيمالايا مرة أخرى، والتي لم تكن تظهر منذ عقود. ووفقاً لـ CNBC في بداية الوباء "سجلت نيودلهي انخفاضاً بنسبة 60% في الجسيمات الدقيقة التي تدعى PM2.5 من مستويات 2019، وسجلت سيوول انخفاضاً بنسبة 54%، أما في ووهان فكانت نسبة الانخفاض 44%".
اظهار أخبار متعلقة
وبالتالي فإن العودة إلى ما كنا عليه سابقاً يعني القضاء على الطيور، وطمس الجبال وقبول 8.7 مليون حالة وفاة سنوياً بسبب تلوث الهواء.
وحتى لا يتم اعتبار هذه الوفيات تحصيل حاصل، يجب تذكير الناس بأن العالم يتغير بشكل كبير، وأن اتخاذ قرارات طارئة وحاسمة هي التي ستحد من التغيرات الفظيعة التي نشهدها و سنشهدها.
خلال الفترة الماضية انهارت صناعة الفحم في أجزاء كثيرة من العالم، وصناعة النفط والغاز آخذة في التدهور. وفي نفس الوقت تنتعش مصادر الطاقة المتجددة لأنها أكثر فعالية وكفاءة وأقل تكلفة من الطاقة المولدة من الوقود الأحفوري.
نأمل بعد إنتهاء جائحة كورونا أن تزول الأعذار القديمة فيما يتعلق بأمور المناخ. ولنتذكر بأننا قمنا بإنفاق تريليونات الدولارات وغيرنا طريقة عيشنا وعملنا استجابة لذلك، نحن بحاجة إلى الإرادة لفعل الشيء نفسه للتعامل مع أزمة المناخ.
ومع أن إدارة بادين اتخذت خطوات مشجعة لكن هناك الحاجة إلى المزيد على الصعيد الوطني والصعيد الدولي.
مع انخفاض انبعاثات الكربون والتحرك نحو طاقة نظيفة، يمكن للعالم أن يتغير ونشهد عدد أكبر من الطيور ومناظر الجبال، ووفيات أقل من الوفيات الناجمة حاليا ًعن التلوث.
لكن علينا أولاً أن ندرك حجم المشكلة التي نواجهها والإمكانيات التي لدينا.