في الواقع لم يدرك الكثيرون مدى أهمية التلامس بالنسبة للعديد من الجوانب الصحية -بما في ذلك صحتنا العقلية- إلا بعد أن فقدنا القدرة على معانقة الأصدقاء والعائلة.
الآن وبعد بدأ تخفيف القيود في جميع أنحاء العالم، سيحرص الكثير على عناق أحبائهم، ولكن الخبر السار هو أن للعناق العديد من الفوائد الصحية.
السبب وراء شعورنا بالرضا يعود إلى حاسة اللمس لدينا. إنه شعور بالغ الأهمية يسمح لنا باستكشاف العالم من حولنا جسديًا والتواصل مع الآخرين من خلال إنشاء روابط اجتماعية والحفاظ عليها.
اظهار أخبار متعلقة
ويتكون اللمس لدينا من نظاميين مختلفين. الأول هو "اللمس السريع" وهو نظام من الأعصاب يسمح لنا باكتشاف أي اتصال سريع (مثلاً ذبابة اقترب من أنفك، أو لمست شيئًا ساخنًا). النظام الثاني وهو "اللمس البطيء" وهي أعصاب تم اكتشافها حديثًا وتسمى الوصلات اللمسية "c-tactile afferents"والتي تعالج المعنى العاطفي للمس.
لقد تطورت هذه الوصلات اللمسية لتصبح "أعصابًا للعناق" ويتم تنشيطها في العادة عن طريق نوع محدد من التحفيز: لمسة لطيفة بدرجة حرارة الجلد، وهو النوع النموذجي للعناق أو الملاطفة.
اللمس هي أول حاسة تبدأ بالعمل في رحم الأم، ومنذ لحظة ولادتنا تتمتع مداعبة الأم اللطيفة لمولودها بفوائد صحية متعددة، مثل خفض معدل ضربات القلب، وتعزيز نمو اتصالات خلايا الدماغ.
اظهار أخبار متعلقة
عندما يعانقنا شخص ما فإن تحفيز الوصلات اللمسية في جلدنا يرسل إشارات عبر الحبل الشوكي إلى شبكات معالجة المشاعر في الدماغ. مما يحفز سلسلة من الإشارات الكيميائية العصبية والتي أثبتت فوائدها الصحية.
تتضمن بعض المواد الكيميائية العصبية هرمون الأوكسيتوسين الذي يلعب دورًا مهمًا في الترابط الاجتماعي ويبطئ معدل ضربات القلب ويقلل من مستويات التوتر والقلق.
كما يدعم إطلاق الإندورفين في مسارات المكافأة في الدماغ، الشعور الفوري بالسعادة والرفاهية المستمدة من العناق أو الملاطفة.
للمعانقة تأثير مريح ومهدئ لدرجة أنه يفيد صحتنا أيضًا بطرق أخرى إليك أربعة فوائد إضافية للعناق.
يحسن نومنا
من فوائد النوم المشترك مع الأطفال أو احتضان شريك الحياة، هي أن اللمسة اللطيفة تنظم نومنا، لأنها تخفض مستويات هرمون الكورتيزول. ويعد الكورتيزول هو المنظم الرئيسي لدورة النوم والاستيقاظ لدينا ولكنه يزداد في الجسم عندما نشعر بالتوتر. لذلك فلا عجب أن تؤدي المستويات المرتفعة من التوتر إلى تأخير النوم والتسبب في الأرق أو النوم المتقطع.
يقلل من التفاعل مع الإجهاد
بالإضافة إلى المشاعر المهدئة والممتعة الفورية التي يوفرها العناق فإن اللمسة الاجتماعية لها فوائد طويلة المدى لصحتنا مما يجعلنا أقل عرضة للتفاعل مع التوتر وأكثر قدرة على بناء المرونة.
اظهار أخبار متعلقة
تعمل اللمسة التنموية أو الإجتماعية خلال فترات النمو المبكرة على إنتاج مستويات أعلى من مستقبلات الأوكسيتوسين ومستويات أقل من الكورتيزول في مناطق الدماغ التي تعتبر حيوية لتنظيم المشاعر. فمثلاً الرضع الذين يتلقون مستويات عالية من الاتصال الجسدي أثناء تنشئتهم يكبرون ليكونوا أقل تفاعلًا مع الضغوطات ويظهرون مستويات أقل من القلق.
يزيد من المتعة
طوال حياتنا تربطنا اللمسة الاجتماعية بالعديد من أحبائنا وتساعدنا في الحفاظ على علاقاتنا. لاحظ العلماء أن هذا بسبب الإندورفين الذي يجعلنا نرى العناق واللمس كمكافأة. وبالتالي فإن اللمس هو بمثابة "الغراء" الذي يجمعنا معًا ويدعم صحتنا الجسدية والعاطفية ويحصل الفائدة كلا الشخصين.
في الواقع حتى مداعبة حيوانك الأليف يمكن أن يكون له فوائد على الصحة والرفاهية مع زيادة مستويات الأوكسيتوسين لكل من الحيوان الأليف وصاحبه.
يساعدنا في محاربة العدوى
من خلال تنظيم هرموناتنا -بما في ذلك الأوكسيتوسين والكورتيزول- يمكن أن يؤثر اللمس والعناق على استجابة الجسم المناعية. ففي حين أن المستويات العالية من التوتر والقلق يمكن أن تكبح قدرتنا على مكافحة العدوى فإن العلاقات الوثيقة والداعمة تفيد الصحة والرفاهية.
اظهار أخبار متعلقة
تشير إحدى الأبحاث إلى أن الحضن في السرير يمكن أن يحمينا من نزلات البرد. بعد أن قاموا بمراقبة وتيرة العناق لما يزيد قليلاً عن 400 بالغ تعرضوا بعد ذلك لفيروس البرد الشائع، وجد الباحثون عندها أن الذين كانوا يكثرون من "العناق" كانوا أقل عرضة للإصابة بنزلة برد. وحتى عند إصابتهم ظهرت عليهم أعراض أقل حدة.
في حين أنه من المهم أن نستمر في الحفاظ على سلامتنا، من المهم بنفس القدر ألا نتخلى عن العناق إلى الأبد. من المعروف أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يزيدان من فرصنا في الموت المبكر. اللمس هو غريزة مفيدة في كل مكان لصحتنا العقلية والجسدية لذلك يجب أن نحتفل بعودتها مجددًا.
بالطبع لا يتوق الجميع للعناق. لذلك بالنسبة لأولئك الذين لا يفضلون العناق لا يوجد سبب للقلق بشأن فقدان فوائده حيث أن منح نفسك عناقًا قد ثبت أيضًا أنه ينظم العمليات العاطفية ويقلل من التوتر.