عانى العاملون في جميع أنحاء العالم من إجهاد العمل من المنزل وضغط العمل والأجور الزهيدة مقابل الحفاظ على الاقتصادات العالمية من الانهيار في خضم جائحة تحدث لأول مرة.
وبعد دراسة آثار التحول من خمس أيام عمل إلى أربع أيام عمل، ربما وجدت آيسلندا حلاً مذهلاً لبعض هذه المشاكل، بحسب صحيفة "أصنيوز".
فكرة تقليل عدد أيام العمل ليست فكرة جديدة، حيث أن رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن كانت قد اقترحت فكرة أربع أيام عمل لتعزيز السياحة الداخلية في بداية الوباء، وكان قد اقترح المرشح الرئاسي السابق للولايات المتحدة أندرو يانغ الأمر نفسه لتعزيز الصحة العقلية للموظفين والعمال.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21"، فإنه استجابة للمطالبة بمزيد من التوازن بين العمل والحياة من النقابات العمالية والمنظمات الشعبية اختبرت أيسلندا الفكرة مع أجزاء من سكانها العاملين.
وقام مجلس مدينة ريكيافيك والحكومة الوطنية الأيسلندية بإجراء سلسلة من التجارب بين عامي 2015 و2019 لاختبار فعالية فكرة عدد أيام عمل أقصر. وخلال التجارب التي شملت حوالي 1 ٪ من السكان العاملين في آيسلندا عبر مجموعة متنوعة من جداول العمل والصناعات المختلفة، تحول العمال من 40 ساعة عمل في الأسبوع إلى 35 أو 36 ساعة دون أي تخفيض في الأجور.
وبعد أن كشفت التجارب أن أسبوع العمل الأقصر أدى إلى تحسين رفاهية العمال، انتقل 86٪ من عمال البلاد إما إلى ساعات عمل أقصر أو القدرة على التفاوض على ساعات عمل أقصر في أماكن عملهم، وفقا لتقرير صادر عن جمعية الديمقراطية والاستدامة ومركز الفكر المستقل.
تطبيق فكرة تقليل أيام العمل جاء بطرق مختلفة كلٌ بحسب مكان عمله. ففي بعض الأماكن كان ذلك من خلال تقليل فترات الاستراحة، بينما في حالات أخرى كان من خلال ضبط وقت حضور الموظفين وانصرافهم.
إلى جانب إنتاج عمال أكثر سعادة عبر مقاييس مختلفة لرفاهية العمال -مثل الإجهاد المتصور، والصحة، والتوازن بين العمل والحياة- كشفت التجارب أيضا أن الإنتاجية لم تتأثر بساعات العمل الأقصر.
وعلى الرغم من أن أيسلندا كان لديها في السابق ساعات عمل أطول من العديد من بلدان الشمال الأوروبي الأخرى، إلا أن إنتاجيتها كانت أقل من العديد منهم في المنطقة ذاتها، كما أشار التقرير.
وخلال فترة التجارب، وفي بعض أماكن العمل زادت الإنتاجية فعليًا بعد تنفيذ خطة أيام عمل أقصر.
وبعد النتائج الإيجابية للتجارب على مدى عدة سنوات، جرت سلسلة من المفاوضات بين النقابات العمالية والحكومة الأيسلندية من عام 2019 إلى عام 2021، حيث تم إبرام عقود تضمن أيام عمل أقصر لعشرات الآلاف من العمال ودخلت معظم أحكام العقود حيز التنفيذ منذ ذلك الحين.
وقد يكون عدم رضا العمال في آيسلندا عن التوازن بين العمل والحياة قبل العقود الجديدة مفاجأً للبعض لأن آيسلندا معروفة بجودة شبكة الأمان الاجتماعي التي توفرها لمواطنيها، وأحكام الرعاية الصحية والإنصاف العام في الدخل.
ومع ذلك، على الرغم من الأحكام الخاصة بالعاملين، فقد احتلت آيسلندا مرتبةً سيئة بين دول الشمال فيما يتعلق بالتوازن بين العمل والحياة بسبب ساعات العمل الطويلة وقلة الوقت المخصص للرعاية الشخصية أو الترفيهية وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي للتشغيل والتطوير.
الآن وكما كشفت التجارب، أن العمل لساعات أقصر يعمل على تحسين الروح المعنوية ويسمح للعمال باستخدام وقتهم بكفاءة أكبر أثناء العمل، مع استمرار امتلاك الطاقة والنشاط الكافيين للقيام بالأشياء بأنفسهم خلال وقتهم الشخصي.