وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إن استمرار تراجع نسبة الأمريكيين من ذوي البشرة البيضاء يعني أنهم قد يصبحون أقلية في المستقبل. ويعتقد الخبراء أن هذا التحول الديموغرافي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الصراع بين الحزب الجمهوري والديمقراطي ويقود البلاد إلى حرب أهلية.
وذكرت الصحيفة أن مكتب الإحصاء الأمريكي سجّل انخفاضًا قياسيًا في عدد الأمريكيين ذوي البشرة البيضاء لأول مرة منذ سنة 1790. ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، تراجع عدد السكان البيض من 223.6 مليون نسمة إلى 204.3 مليون ما بين 2010 و2020، أي بنسبة 8.6 في المئة عن آخر رقم مسجّل، ليمثلوا الآن 57.8 في المئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة.
وفقًا لتحليل أجرته مؤسسة "بروكينغز" في واشنطن، فإن الانخفاض في عدد السكان ذوي البشرة البيضاء في الولايات المتحدة يفسّر بجملة من العوامل، من بينها الانخفاض في معدل المواليد. وخلال السنوات العشر الماضية، لم تتجاوز نسبة النمو السكاني 7.4 في المئة، وهو ثاني أدنى مؤشر في تاريخ البلاد لم يسجل منذ فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي. كما يرتبط تراجع عدد البيض بأزمة المسكنات شبه الأفيونية التي ظهرت في الولايات المتحدة في أوائل التسعينيات وما زالت مستمرة حتى اليوم، في ظل عدم وضع واشنطن بعد استراتيجية موحّدة لمكافحة المخدرات.
هل يصبح البيض أقلية؟
نشرت مؤسسة بروكينغز في سنة 2018 دراسة تفيد بأن البيض سيصبحون أقلية في الولايات المتحدة بحلول سنة 2045 في حال بقي الوضع الديموغرافي على حاله. وحتى سنة 2060، من المتوقع أن يظل النمو السكاني للبيض بطيئا مقابل تسجيل زيادة في عدد السكان من مجموعات الأقليات العرقية الموحدة بنسبة 74 في المئة.
ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير فاسيليف، أنه ينبغي مراجعة هذه التوقعات؛ ولعل ذلك ما تؤكده بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي لسنة 2020. وأضاف فاسيليف أنه "يسجل سنويا انخفاض في عدد البيض ما يعني أنهم يتناقصون في جميع الولايات. وووفقًا لتعداد 2010، كان أغلب سكان هاواي وكاليفورنيا ونيو مكسيكو وتكساس من ذوي البشرة السمراء. وقد انضمت إليها حاليا كل من ولاية نيفادا وماريلاند.
اظهار أخبار متعلقة
وتعتبر مين الولاية الوحيدة التي تتجاوز فيها نسبة السكان البيض 90 في المئة، وهم ينحدرون من أصل إسباني وأفريقي وآسيوي".
وحذّر الباحث من أن نفور نسبة هامة من البيض من أيديولوجيا تفوق البيض وكونهم السكان الأصليين للبلاد لا تخدم مصالح من يريدون أن يمثل البيض أغلبية. ستكون السنوات العشر القادمة حاسمة بالنسبة للمجتمع الأمريكي، وستحدد التوجه الذي ستتبعه الولايات المتحدة: إذا كانت ستظل دولة ذات أغلبية بيضاء أو دولة أغلبية سكانها من ذوي البشرة السمراء، لأول مرة في تاريخها".
شبح الحرب الأهلية
أشارت الصحيفة إلى أن الانخفاض في نسبة السكان البيض يهدد الحزب الجمهوري الذي يُعتبر تقليديًا ملاذًا للناخبين البيض. وفي انتخابات 2020، صوّت 57 في المئة من البيض في الولايات المتحدة لصالح المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب. في المقابل، نجح خصمه الديمقراطي جو بايدن في الحصول على أكثر من 40 في المئة من أصوات البيض و87 في المئة من أصوات الأمريكيين الأفارقة، مقابل 66 في المئة من الأمريكيين من أصول إسبانية، و63 في المئة من الأمريكيين الآسيويين.
يرى الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي أليكسي نعوموف أن تسجيل تراجع إضافي في نسبة البيض لا يعني بالضرورة أن هذا الأمر يضمن انتصار الديمقراطيين. فعلى سبيل المثال، حظي الجمهوريون في ولاية فلوريدا خلال انتخابات السنة الماضية بدعم الأمريكيين اللاتينيين المحافظين، وذلك كان مدفوعًا بتوجه الحزب الجمهوري نحو القيم المحافظة. وهو يعتقد أن انخفاض عدد السكان البيض قد يكون له عواقب كارثية بالنسبة للبلاد ككل. فقد تؤدي العمليات الديموغرافية إلى تغيير القيم الأمريكية.
اظهار أخبار متعلقة
إلى جانب تراجع نسبة البيض، نبّه فاسيليف من أن الولايات المتحدة تخسر حاليا أيديولوجيتها ومكانتها التي اكتسبتها بعد الحرب العالمية الثانية، ودورها الريادي العالمي. في المقابل، تفتقد الأقليات إلى هذا النوع من الأيديولوجيا وتركز على الشؤون الأمريكية الداخلية وغير مهتمة بالعالم الخارجي".
وأشار فاسيليف إلى أن "اشتداد الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين يمكن أن يقود البلاد إلى منزلق الحرب الأهلية". ومحاولات الحزب الديمقراطي تغيير قوانين الهجرة وتسهيل دخول المهاجرين غير البيض إلى البلاد، سيزيد الخلافات الاجتماعية والعرقية، ويتسبب في تفكك الولايات المتحدة وإضعاف العلاقات الفيدرالية.