تعرف إلى تأثير التغير المناخي ودرجات الحرارة العالية على السلوك البشري 😨

thermometer-4353328_1280
CC0
  • أحمد حسن
  • الأحد، 05-09-2021
  • 07:39 ص
من الناحية الفسيولوجية فإن جسم الإنسان غير مهيأ للتعامل مع درجات الحرارة التي تتجاوز درجات حرارة "المصباح الرطب" - وهو مقياس مشترك للحرارة والرطوبة- التي تبلغ حوالي 35 درجة مئوية.

وتظهر الأدلة المتزايدة أنه عندما ترهق الحرارة أجساد البشر فإن أدائهم يختلف في المهام المناطة بهم. وربط الباحثون بأن الحرارة الشديدة تزيد من العدوانية، وتخفض من القدرة المعرفية وتقلل من الإنتاجية.

ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتزايد موجات الحرارة غير القياسية في جميع أنحاء العالم، يمكن أن تشكل تأثيرات الحرارة الشديدة على السلوك البشري مشكلة متنامية.

يقول الباحثون إن الأشخاص والبلدان ذات الدخل المنخفض أو الموارد المحدود ستعاني أكثر من غيرها، ويقول الخبير الاقتصادي آر جيسونغ بارك من جامعة كاليفورنيا "قد تكون التأثيرات الفسيولوجية للحرارة عالمية لكن المعاناة ستكون غير متكافئة إلى حد كبير".

اظهار أخبار متعلقة



قبل عدة عقود حاول العلماء توثيق الصعوبات التي يواجهها البشر في التأقلم مع درجات الحرارة الشديدة، لكن الكثير من الدراسات تمت في ظروف معملية للسماح بدرجة عالية من التحكم. كان من الصعب إثبات "فرضية العدوان الحراري" خارج المختبرات لأن دراسة تأثير الحرارة من المتغيرات البيئية أو البيولوجية المرتبطة بالعدوانية أمر صعب في عالمنا الواقعي والفوضوي.

إلا أن ورقة عمل صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية تمكنت من إعادة إنشاء مستوى التحكم الموجود في المختبر من خلال التركيز على السجناء في سجون ميسيسيبي والسجون التي تفتقر إلى مكيفات الهواء. وقام كلًا من أنيتا موخيرجي من جامعة ويسكونسن-ماديسون ونيكولاس ساندرز من جامعة كورنيل بدراسة معدلات العنف عبر 36 منشأة إصلاحية من 1 يناير 2004 إلى 31 ديسمبر 2010. ووجد الباحثان أنه في الأيام التي تزيد درجة الحرارة عن 27 درجة مئوية ارتفعت احتمالات العنف بين النزلاء بنسبة 18%.

ومع أنها ليست درجات حرارة مرتفعة جدًأ إلا أن العديد من المرافق الإصلاحية القديمة تفتقر إلى مكيفات الهواء والتهوية المناسبة وغالبًا ما تتجاوز درجات الحرارة داخل المنشآت درجات الحرارة في الخارج. وبحسب نتائج الدراسة فإن الحرارة تولد 4000 عمل عنف إضافي كل عام في المنشآت الإصلاحية الأمريكية.

اظهار أخبار متعلقة



وتمتد العلاقة بين درجات الحرارة والسلوك البشري إلى ما هو أبعد من العنف، حيث قام بارك في دراسة بتسليط الضوء على الطلاب في مدينة نيويورك الذين يقدمون امتحانات الثانوية الموحدة، والتي غالبًا ما تكون في أيام تتراوح فيها درجات الحرارة ما بين 15 درجة مئوية إلى ما يقرب من 37 درجة مئوية.

وعندما نظر بارك في نتائج ما يقرب من مليون طالب من عام 1999 إلى 2011، وجد أن الطلاب الذين أدوا الامتحان في الأيام الحارة 32 درجة مئوية وما فوق كان أدائهم أقل بنسبة 10% من غيرهم الذين خضعوا لنفس الاختبار في درجات حرارة منخفضة.

هذا النوع من التراجع في الأداء لا يحدث فقط في الأوساط الأكاديمية بل يمتد إلى القوى العاملة أيضًا. تشير دراسة إلى أن العمال في الهند انخفض متوسط الإنتاج اليومي لديهم في النسيج بنحو 2 % وخياطة الملابس بنسبة تصل إلى 8 % عندما تجاوزت درجات الحرارة 35 درجة مئوية مقارنة بالأيام التي تقل عن 30 درجة مئوية بحسب تقديرات الباحثين في مجلة يونيو للاقتصاد السياسي.

اظهار أخبار متعلقة



وتشير حسابات الباحثين إلى أن متوسط الإنتاج السنوي سينخفض بنسبة 2.1٪ إذا كان متوسط درجات الحرارة اليومية دافئة بمقدار 1 درجة مئوية، إضافة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي السنوي أو قيمة السلع والخدمات المنتجة في عام واحد سينخفض بنسبة 3 %.

غالبًا ما يتحمل سكان البلدان الأشد فقرًا أعباء ارتفاع درجات الحرارة. تميل التأثيرات إلى أن تكون أسوأ في الأحياء الفقيرة بسبب الكثافة العالية والمساحات الخضراء المحدودة والظل ووفرة الطرق المعبدة والأسطح التي تمتص الحرارة بدلاً من عكسها.

وبالنظر إلى أوجه عدم المساواة، فإن أبسط خيار هو تزويد جميع سكان العالم بالتكييف الهوائي. ومع أن هذا الأمر لن يكون بالمجان إلا أنه شكلت معدات التبريد ومكيفات بشكل أساسي حوالي 17% من إجمالي الطلب العالمي على الكهرباء في عام 2018، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة لعام 2020. وتشير التقديرات إلى ان استخدام مكيفات الهواء وحدها سيؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة إلى 33 ضعف بحلول عام 2100. مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظم هذه الطاقة تأتي من مصادر غير متجددة وبصورة رئيسية من النفط والفحم والغاز وهذا من شأنه أن يساهم في زيادة الاحتباس الحراري.

وقالت مينو تيواري من جامعة نورث كارولينا، هناك العديد من خيارات التبريد الجيدة والمستدامة بما في ذلك الحفاظ على الغطاء الشجري في المدن وزيادته، واستخدام مواد بناء تعكس ضوء الشمس مشيرة إلى أن "مكيفات الهواء ليست مستدامة، هناك آليات تخطيط حضري يمكنها أن تقلل من درجات الحرارة المحيطة".

وأضافت "من حق الفقراء الحصول على مكيفات هواء، والحل طويل الأمد يتمثل في تسريع الجهود إلى إنتاج شبكة طاقة خضراء، حتى نتمكن من تحقيق مجتمع عادل".

شارك
التعليقات