وتشهد مواكب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ظهور مواهب فنية شعبية، وإبداع فني في غناء التراث الشعبي والديني والسيرة والمدائح النبوية في ريف وصعيد مصر، وهي العادة التي لا تنقطع سنويا إلا للظروف الأمنية فقط.
ورصدت كاميرا "عربي21 لايت"، بعض نماذج الإبداع في الغناء الشعبي والديني والتراثي من إحدى قرى محافظة الشرقية شمال القاهرة.
ومن خلال موكب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي تنظمه الطريقة البرهانية الشاذلية الشهيرة في مصر، برز 3 من المنشدين أنشدوا عدة قصائد في حب نبي الإسلام الكريم في يوم مولده.
"موهبة فطرية"
أحد المنشدين الثلاثة الذي رصدتهم كاميرا "عربي21 لايت"، في الموكب الصوفي للطريقة البرهانية الحاج أحمد، يقول: "هذه موهبة فطرية من الله تعالى بها علي وعلى هؤلاء المنشدين، ولحبنا الشديد لآل البيت للنبي الكريم، نحاول تطوير تلك الموهبة بالسماع للمنشدين الكبار".
اظهار أخبار متعلقة
ويضيف لـ"عربي21 لايت": "ننتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر طوال العام، وكل منا يجهز ما لديه من قصائد وأناشيد ويقوم بمراجعتها قبل الموكب ويوم الزفة، وهو ما ينتظره أيضا كثير من الأهالي لسماع الأناشيد وسط تصفيق الشباب، وزغاريد النساء، وفرحة الأطفال".
ويجزم بأنهم لا يحصلون على أجر مقابل إنشادهم هذا، وموضحا أن "هناك حضرة أسبوعية غالبا تكون يوم الخميس، ينشدون فيها أجمل الأناشيد والمدائح النبوية؛ لكن ليوم المولد النبوي مشاعر خاصة واستعدادات أخرى وفرحة أكبر".
"في حب النبي"
أحد مشايخ الطريقة البرهانية الدسوقية الشاذلية يقول: "سنويا نقيم الاحتفال بمولد النبي الكريم، في قريتنا والقرى المجاورة، ويجري الاتفاق بين القرى لتسيير موكبها في يوم مختلف عن الأخرى حتى يتسنى للجميع مشاركة كل قرية فرحتها بمولد الرسول الكريم".
الشيخ صلاح، يضيف: "نذبح الذباح ونطعم الطعام لكل أهالي القرية ويفرح الكبير والصغير على مدار يومين كاملين، حتى تأتي لحظة انطلاق الموكب بالأعلام والرايات، في مشهد يزيد من بهجته بعض المنشدين المتطوعين في حب النبي الأكرم".
اظهار أخبار متعلقة
ويؤكد أنهم "من عشاق النبي الكريم ولا يتقاضون أجرا على إنشادهم"، موضحا أن "جمال صوتهم واختيارهم للأناشيد يزيد من بهجة الموكب وفرحة القرية التي تعلوها الزغاريد وتوزع نساءها الحلوى على الموكب والأطفال فيه".
ويوضح أن "الإنشاد الديني يتطور بالفعل عبر هذا المواكب وأصبح الأهالي ينتظرون ما يقدمه المنشدون كل عام، حتى يسجلونه بالهواتف المحمولة وينشرونه عبر الإنترنت، ما يعطي المنشدين شهرة واسعة، وهو الأمر الذي لم يكن موجودا في السابق".
"ندرة المداحين"
وبالحديث إلى الشيخ توفيق، خادم ضريح الشيخ متولي الشربيني في مصر، يؤكد أنه "وقبل مولد النبي الكريم بنحو شهر، نقوم بغسل الضريح وعمل الاستعدادات لاستقبال محبي آل البيت، وعمل الزفة والموكب والليلة الكبيرة".
ويضيف أن "الزفة والموكب تكون قبل يوم المولد بيوم واحد، وفيها نجهز الرايات والأعلام والسيارات التي تحمل مكبرات الصوت، ونحضر بعض العازفين على الدف والمزمار وبعض الآلات بجانب المنشدين، الذين ينشدون الأناشيد في حب الرسول".
وعن الليلة الكبيرة يقول: "هي مسك الختام حيث يتجمع الأهالي من كل حدب وصوب بجوار ضريح الشيخ للذكر والاستماع إلى المنشدين وقصاصي السيرة النبوية والسير الشعبية، ويسبقها 7 ليالي يُنصب فيها الذكر وسط فرحة الأهالي والأطفال والنساء".
وبشأن اختلاف مواكب مولد النبي الآن عن سابقاتها يوضح أنها "قبل 20 عاما كان هناك شيخ بالقرية من نسل أحد الصالحين بها وكان يركب فرسه ويسير أمام الموكب ويطوف القرية وحوله الأهالي وسط الطبل والمزمار البلدي".
اظهار أخبار متعلقة
"كانت النساء تتبرع بالنقود للشيخ وللفرقة التي تعزف خلفه، كما يتبرعن الآن للزفة والموكب وللمنشدين، وينثرون الشيكولاتة والحلويات على الموكب والسائرين فيه"، يضيف الشيخ.
ويؤكد أنه "في السابق كانت الأناشيد والأغاني كل ليلة ولمدة أسبوع كامل، ويُختم في الليلة الكبيرة بأحد القصاصين الشعبيين الذي يُلقي قصة شعبية مع فرقته حتى الساعات الأولى من الفجر".
ويختم حديثه: "لكن الآن تقلصت تلك القصة بعض الشيء مع تراجع الغناء الشعبي ووفاة الكثير من القصاصين والمداحين وعدم وجود جيل جديد يحيي هذه المهنة، مع ارتفاع أجر الموجودين الآن لمبالغ لا نستطيع تحملها".