لهذه الأسباب يمكن للبلدان النامية صنع لقاحات كورونا الخاصة بها 💉

vaccine-g824416580_1280
CC0
  • أروى بن نصر
  • الثلاثاء، 26-10-2021
  • 06:05 ص
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن إمكانية تصنيع البلدان النامية لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) ضد فيروس كوفيد-19، دون الحاجة إلى انتظار المساعدات من الدول الغنية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم النامي لا يستطيعون الحصول على لقاح لحماية أنفسهم من المخاطر المتعلقة بكوفيد-19، وقد أصيب الملايين منهم بالفعل بالفيروس وماتوا.

ويقول خبراء الصحة العامة إن الاعتماد على الدول الغنية للتبرع بمليارات الجرعات لا يجدي نفعًا. ويعتقد الكثيرون الآن أن الحل هو أن تقوم البلدان النامية بصناعة اللقاح بنفسها ولكن صانعي لقاح (mRNA) الأمريكيين يقولون إن ذلك غير ممكن.

اظهار أخبار متعلقة



وذكرت الصحيفة أن الرؤساء التنفيذيين لشركتيْ موديرنا وفايزر رفضوا منح ترخيص تقنية (mRNA) الخاصة بهم في البلدان النامية، بحجة أنه ليس من المنطقي القيام بذلك. ويقولون إن العملية معقدة للغاية، وأن إنشاء مرافق يمكنها القيام بذلك يتطلب وقتا وعمالة مكثفة للغاية، وأنهم لا يستطيعون توفير الموظفين بسبب الحاجة الملحة إلى تعظيم الإنتاج في شبكة المرافق الخاصة بهم. لكن خبراء الصحة العامة في كل من البلدان الغنية والفقيرة يجادلون بأن توسيع الإنتاج إلى المناطق الأكثر احتياجا ليس ممكنا فحسب، بل إنه ضروري لحماية العالم من المتغيرات الخطيرة للفيروس وإنهاء الوباء.

وأوردت الصحيفة أن الخبراء في تطوير وإنتاج اللقاحات يقولون إن لقاحات الرنا تتطلب خطوات ومكونات وقدرة بدنية أقل من اللقاحات التقليدية. لدى الشركات في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وأجزاء من آسيا بالفعل الكثير مما تحتاجه لصنعها، ويمكن تسليم التكنولوجيا الخاصة بعملية إنتاج (mRNA) كمجموعة معيارية جاهزة للاستخدام.

تقدر تكلفة إنشاء إنتاج اللقاحات من 100 مليون دولار إلى 200 مليون دولار. ويمتلك عدد قليل من منتجي الأدوية الكبار في البلدان النامية هذه الأموال في متناول اليد، بينما سيحتاج الآخرون إلى قروض أو مستثمرين. لدى كل من شركة تمويل التنمية الدولية الأمريكية ومؤسسة التمويل الدولية مليارات الدولارات كتمويل متاح لهذا النوع من المشاريع، في شكل قروض منخفضة الفائدة أو حصة من حقوق الملكية.

وأفادت الصحيفة بأنها أجرت مقابلات مع العشرات من المديرين التنفيذيين والعلماء في شركات اللقاحات والأدوية والتكنولوجيا الحيوية في جميع أنحاء العالم النامي، ومن تلك المحادثات، وجدت 10 مرشحين أقوياء لإنتاج لقاحات ضد فيروس كوفيد في ست دول في ثلاث قارات. وتشمل المعايير الرئيسية المرافق القائمة ورأس المال البشري والنظام التنظيمي للأدوية والمناخ السياسي والاقتصادي.

اظهار أخبار متعلقة



من بين المرشحين هناك الشركات التي تصنع بالفعل لقاحات أخرى ضد كوفيد، مثل معهد سيروم الهندي الذي يعد أكبر صانع للقاحات في العالم؛ والمؤسسات العامة التي تختبر بالفعل لقاحات (mRNA) الخاصة بها ضد فيروس كورونا؛ والشركات التي اختارتها منظمة الصحة العالمية لتكون مراكز إقليمية لتطوير (mRNA).

تقوم شركتان في آسيا بالفعل بصنع لقاحات خاصة بهما ضد فيروس كوفيد، إحداهما هي شركة جينوفا للأدوية الحيوية في بيون في الهند، ولديها تجربة في المرحلة الثانية والثالثة من التجارب السريرية. وتقول الشركة إنه على عكس لقاحات (mRNA) المستخدمة حاليا، يمكن تخزين لقاحها في درجة حرارة الثلاجة الطبية القياسية.

أما الشركة الأخرى فهي "بيونت ـ آسيا"، وهي شركة تصنيع الأدوية التايلاندية، تقوم بإنتاج مجموعات اختبار من لقاح (mRNA) ضد كوفيد الذي تم تطويره في مركز أبحاث اللقاحات في جامعة شولا في بانكوك، والذي هو في المرحلة الثانية من التجارب. وقال كيات روكسرونغثام، رئيس فريق البحث الذي يصنع لقاح "شولا كوف19"، إنه إذا استمرت النتائج إيجابية، فقد يذهب اللقاح إلى هيئة تنظيم الأدوية في تايلاند بحلول شهر آذار/ مارس، وستكون شركة بيونت جاهزة للإنتاج التجاري بعد الموافقة.

وأوضحت الصحيفة أن شركات الأدوية الأخرى ترغب في ترخيص أحد لقاحات (mRNA)الموجودة والبدء في صنعه في أسرع وقت ممكن. وقال ستيفن سعد، الرئيس التنفيذي لشركة أسبن فارماكير في ديربان بجنوب إفريقيا، إنه من خلال استثمار يقدر بنحو 100 مليون دولار، يمكن أن تنتج شركته مليار جرعة من لقاح (mRNA) في غضون سنة، وهي كمية أكثر من كافية لتزويد إفريقيا بأكملها.

اظهار أخبار متعلقة



بالإضافة إلى ذلك، فإن بيوـ مانغينهوس، ذراع علم الأحياء المناعي لمنظمة أبحاث الصحة العامة البرازيلية، ستبدأ قريبا التجارب السريرية للقاح كوفيد القائم على الحمض النووي الريبي، وفقا لسوتيريس ميساليديس، نائب مدير تطوير التكنولوجيا لمركز البحوث. هذه السنة، ضاعفت شركة بيوـ مانغينهوس قدرتها الإنتاجية تقريبا من اللقاحات الأخرى، بما في ذلك لقاح أسترازينيكا، والذي تنتجه بموجب عقد. يوجد في البرازيل هيئة تنظيمية طبية تحافظ على نفس معايير إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ووكالة الأدوية الأوروبية.

وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعة من العوامل أدت إلى تقييد الوصول إلى اللقاحات في البلدان النامية، بما في ذلك سلسلة التوريد واختناقات الشحن والسياسة. كان من المفترض أن يقوم معهد سيروم بتزويد منظومة كوفاكس باللقاحات، لكن حكومة الهند حظرت الصادرات في ذروة الموجة الثانية من الفيروس في البلاد. وفازت شركة أسبن في جنوب إفريقيا بعقد لتعبئة لقاح جونسون أند جونسون، لكن كان عليها تصدير العديد من الجرعات إلى أوروبا وكندا إلى أن أثار النشطاء غضبا عامًا.

لقد حققت لقاحات (mRNA) ضد فيروس كوفيد أرباحا في سنة واحدة أكثر من أي منتج سابق في التاريخ الصيدلاني، وهي في طريقها لتحقيق إيرادات تزيد عن 53 مليار دولار هذه السنة وحدها.

وأوضحت الصحيفة أن الجدل حول تصنيع لقاحات (mRNA) ضد فيروس كوفيد يشبه ما حدث قبل عقدين حول علاجات فيروس نقص المناعة البشرية. مات مئات الآلاف من الأشخاص بسبب الإيدز في إفريقيا بعد فترة طويلة من توفر الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية على نطاق واسع في الدول الغنية، لأن الأدوية الحاصلة على براءة اختراع كانت تُباع بسعر مرتفع للغاية لدرجة يصعب على الحكومات في البلدان الأكثر تضررا شرائها.

اظهار أخبار متعلقة



وقد نظم دعاة الوصول إلى العلاج حملة عالمية تطالب صانعي الأدوية بإعطاء ترخيص للمنتجين ذوي التكلفة المنخفضة أو التخلي عن حقوق ملكيتهم الفكرية للسماح لشخص ما بسد الفجوة.

وعلى الرغم من إصرار شركات الأدوية الغربية الكبرى على أنه لا توجد طريقة لجعل الأدوية أرخص، إلا أن شركات الأدوية الهندية والبرازيلية والتايلاندية وجنوب إفريقيا قالت إنها تستطيع فعل ذلك. وقد أجرت الشركات الهندية الجنيسة هندسة عكسية للعديد من الصيغ، واليوم يتم تصنيع الجزء الأكبر من أدوية الإيدز في العالم في هذه البلدان.

الآن، تواجه منظمة الصحة العالمية تحديا مماثلا. قال مارتن فريد، الذي يدير مبادرة أبحاث اللقاحات في منظمة الصحة العالمية، إنه بسبب فشل الجهود المبذولة للفوز بصفقات الترخيص أو أي تعاون آخر من شركتي فايزر وموديرنا، تدعم المنظمة جهدا لعكس هندسة لقاح موديرنا في مركز نقل التكنولوجيا في جنوب إفريقيا. وستقوم شركة التكنولوجيا الحيوية "أفريجن بيولوجيكس" بتصنيع (mRNA) وسيقوم معهد بيوفاك بتصنيع اللقاحات.

بدلا من منح الترخيص، أعلنت شركة موديرنا في وقت سابق من هذا الشهر أنها ستنفق ما يصل إلى 500 مليون دولار لبناء مصنع لقاحات خاص بها في إفريقيا. وأعلنت شركة بيونتيك، مخترعة عملية (mRNA) لشركة فايزر، عن خطط لبناء مصانع في إفريقيا في السنوات الأربع المقبلة. في المقابل، تقول صناعة الأدوية الغربية، وبعض خبراء سلسلة التوريد والصحة، إن أسرع طريق لسد فجوة لقاح كوفيد هو التركيز على توزيع أكثر إنصافا للقاحات التي يصنعها اللاعبون الحاليون.

لنشر الطاقة الإنتاجية في جميع أنحاء العالم النامي، تعمل منظمة الصحة العالمية أيضا على مسار ثان يسعى إلى إقامة شراكات مع مؤسسات مثل مركز أبحاث الدكتور روكسرونغثام في بانكوك. وقد يكون إنتاج هذه اللقاحات أرخص، والأهم من ذلك أنه لا يتطلب تخزينا شديد البرودة، وبالتالي يكون أكثر ملاءمة للاستخدام في الأماكن منخفضة الموارد، حسب ما أكده الدكتور فريد.

اظهار أخبار متعلقة



تنتج بعض الشركات ابتكارات يمكن أن تفيد مناطقهم بما يتجاوز الوباء الحالي. لقد عملت شركة جينوفا في الهند مع شركة ناشئة في سياتل تدعى "إتش دي تي بيو" لتطوير طريقة جديدة لتوصيل (mRNA) بجزيئات نانوية دهنية، وهي طريقة لا تتطلب التخزين البارد الشديد.

وقال الدكتور سينغ، الرئيس التنفيذي لجينوفا، إن الشركة تلقت تمويلا أوليا من حكومة الهند، وتخطط لاستخدام الموارد الداخلية والشراكة المحتملة التي تتفاوض بشأنها مع وكالة كبيرة متعددة الأطراف، للمضي قدما في صنع لقاحها.

وفي حين أن جينوفا لديها التكنولوجيا، فإن المنتجين الآخرين مثل صانعي اللقاحات البرازيليين والأرجنتينيين سيحتاجون إلى بنية تحتية - مثل الأدوات التي استخدمتها شركة موديرنا لبدء الإنتاج في سويسرا. أما بالنسبة للمنتجين الذين لم يعملوا بعد مع تقنية (mRNA) ، فإن أسرع طريقة لبدء صنع لقاحات كوفيد ستكون شراكة مع فايزر أو موديرنا، لكن عملية نقل التكنولوجيا ستشمل مئات الخطوات، حسب قول براشانت ياداف، خبير سلسلة التوريد في مركز التنمية العالمية.

وقدر الدكتور ياداف أن الحصول على لقاح (mRNA) جاهز للاستعمال سيستغرق من أحد المنتجين في جنوب إفريقيا أو البرازيل ما يصل إلى 18 شهرا. كما يجب أن تكون هناك عملية موازية لتعزيز قدرة الهيئات التنظيمية الوطنية والتي ستكون حاسمة للحفاظ على جودة اللقاحات.
شارك
التعليقات