بالفيديو 🎥 | "المزمار البلدي".. إبداع مصري يصطاد الأفراح على أبواب الصاغة 😍

  • محمد السهيلي
  • الأربعاء، 27-10-2021
  • 04:55 م

 لم تغب عن ذاكرة الطفولة لأي من المصريين الذين تجاوزا الثلاثين مشهد "الزمّار" أو نافخ "المزمار البلدي" في حفلات الزفاف والحناء وحتى النجاح في الثانوية العامة والجامعة، وأيضا في بعض الأحيان العودة من فريضة الحج.

ومع تغير ذائقة المصريين في الغناء وسيطرة ألوان غربية، وأخرى شعبية لا تستعين بالمزمار البلدي؛ تراجع دور المزمار في صناعة الألحان والأغاني، برغم استعانة كبار الملحنين والمطربين المصريين به في أفضل أغانيهم طوال سنوات.

اظهار أخبار متعلقة



كما أنه ومع تغير طريقة احتفالات المصريين، وإقامة الأعراس على الأغلب في قاعات مغلقة بدلا من الشوارع أو الساحات المفتوحة؛ غاب بشكل لافت دور المزمار البلدي في تلك الأفراح بعدما كان الحاضر الأول والمبهج الأكبر للحاضرين.

"البديل المتبقي"

ومع ما يعانيه من تغييب على الساحة الفنية وما لحق بالمزمار البلدي من ركود وتراجع وانتهاء لأغلب أدواره؛ يحاول الزمارون من غير المشهورين البحث عن باب رزق لهم في المدن والقرى المصرية أمام محلات "الصاغة"، وبخاصة أيام الخميس والجمعة حيث تكثر الأفراح.

يقف الزمار بصبحة الطبال وبقيادة "الريس" –زمار قديم- بمنطقة الصاغة التي تشمل محلات متجاورة لبيع الذهب، وينتظرون قدوم عريس وعروسة ومجموعة من الأهالي لشراء الشبكة ويقومون بالعزف صانعين بهجة كبيرة بين الأهالي  والمارة.




ذلك العزف يجري بالاتفاق مع أحد أطراف العُرس في مقابل بعض النقود من الحاضرين عبارة عن "النقطة" (مبلغ مالي بسيط) يمثل لهم آخر ما تبقى من فرص العيش وإحياء دور المزمار البلدي وموسيقاه الضاربة في عمق التاريخ المصري وأنغامه القادمة من عبق زمن الفن الأصيل.

"عربي لايت"، توجهت إلى منطقة الصاغة بمدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية شمال القاهرة، ورصدت إحدى حفلات المزمار البلدي وتأثيره المبهج على الأهالي والمارة.

"على قارعة الطريق"

الريس عبده، كان يجلس على الأرض بمواجهة محل الصاغة وخلفه محل عصير قصب سكر، وبجواره اثنين من الشباب أحدهما زمار بيده مزمار من خشب شجرة المشمش الشهيرة، والثاني طبال يُمسك بعصا صغيرة ويعلق طبلة كبيرة فوق كتفه، في انتظار عُرس قادم.

يقول الريس عبده لـ"عربي لايت": "كانت مهنتنا من المهن الرائجة لسنوات طويلة وكانت حاضرة في جميع الاحتفالات الشعبية والأفراح بكل أنواعها، كما كان المزمار حاضرا قبل عقود في أغلب الأغاني ويستعين به كثير من كبار الملحنين، والمطربين".

ويضيف: "أما الآن فلم يعد للمزمار إلا دور بسيط في الأغاني، وغاب عن الأفراح التي تستعين بـ(الدي جي)، والقاعات المخصصة للأفراح، ولم يعد أمامنا باب كي نتكسب أرزاقنا إلا بالتواجد هنا أمام محالات الصاغة، لنحدث بهجة وفرحة للعريس والعروسة مقابل بعض النقود".




ويقول صاحب محل "المصطفى" للذهب: "مهنة الزمار قديمة، ولأنها تعاني وتندثر نسمح للعازفين بالتواجد أمام المحل لإحداث بهجة، ولكي يحصلوا على بعض المال رغم ما يسببونه من إزعاج لبعض سكان المنطقة".

هؤلاء الفنانين المبدعين ليس لهم الحق في الحصول على عضوية نقابة الموسيقيين، التي تتطلب شروطا لا تتوفر في أغلبهم، ولذا يظلون بلا معاش أو حماية اجتماعية أو تأمين صحي، وفق قول الزمار السابق الطاعن في السن والذي ترك المهنة قبل سنوات، أحمد حسانين، لـ"عربي لايت".

بمجرد وصول بعض الأهالي ضمن عُرس أمام محل الصاغة، تحرك نحوهم الريس عبده، متحدثا إليهم بقوله: "مليون مبروك يا أسيادنا عقبال أولادكم جميعا"، وفي الأثناء انطلق الزمار والطبال في أداء دوريهما حيث أطلقا أجمل ما لديهما من ألحان في انتظار "النقطة".

اظهار أخبار متعلقة



"نغم من التاريخ"

والمزمار البلدي آلة موسيقية وجدت مرسومة على نقوش المعابد وفي أوراق البردي المصرية القديمة، إذ استخدمها المصريون القدامى وتناقلتها أيادي الزمارين حتى صارت الآلة الشعبية الأهم في ريف الدلتا وصعيد مصر.

وهو أنبوب أسطواني يصنع من خشب المشمش، به 7 ثقوب من جانب وعدة ثقوب من الآخر لإخراج النغمات، فيما يُعرف أيضا بأسماء مثل "الشلبية" في الصعيد، و"الجورا"، و"التلت"، وجميعها يرتبط ارتباطا وثيقا بالطبل البلدي.




المزمار المصري انتقل للبلدان العربية، حيث يعرف بالشام والعراق بنفس الاسم، ويدعى في المغرب بـ"الراية"، و"الغيتة"، وفي تركيا واليونان وأرمينيا بـ"زورنا"، وبدول البلقان بـ"زورلا"، وفي إيران وأفغانستان باسم "سورنا".

إلا أن تلك الآلة المصرية القديمة تطورت كثيرا على أيدي الموسيقيين الغربيين لتظهر في شكل آلة "الأبوا" الحديثة والتي لا تغيب عن آلات الأوركسترا.
شارك
التعليقات