بالفيديو 🎥 | "الفواخري".. مهنة من تاريخ مصر القديم لكن نيران أفرانها تنطفئ 😮

  • محمد السهيلي
  • السبت، 11-12-2021
  • 11:20 ص

"الأواني الفخارية"، صناعة من الطين قديمة قدم التاريخ المصري، ظلت حتى اليوم ومع كل اكتشاف أثري إحدى علامات تأثر المصري القديم بالبيئة وتأثيره فيها، ومؤشر على تطور حياته وانتقالها من مرحلة إلى أخرى.

تلك المهنة أو الصناعة ظلت صامدة طوال آلاف السنين يقوم عليها مصري اسمه "صانع الفخار" أو "صانع الجِرار" أو "الفواخري"، وذلك عبر فرن بدائي مبني من الطوب اللبن والطين موجود بأغلب قرى ريف مصر ونجوع الصعيد.

صانع من التاريخ

و"الفواخري"، رجل يستيقظ مع الفجر، ليضع التراب الذي جلبه من حواف الترع والمصارف ومن قاعها فيما يعرف بـ"المعجنة"، وهي حفرة في أرض الفاخورة يضع فيها الماء على التراب ليصبح طينا يصنع به أدواته.

اظهار أخبار متعلقة



ذلك الصانع الماهر الذي يشكل من الطين أشكالا وأنواعا كثيرة؛ قدم للمصري أغلب أدواته التي كان يستعملها طوال قرون، والتي كان يعيش بها المصريين أيا كان مستواهم المادي أو محل سكنهم.

من أهم الأدوات التي صنعها الفواخري، "الزلعة" أو "الجرة" الفخار بأشكالها وأحجامها لتملأ بها النساء الماء من نهر النيل، في مشهد أسطوري خلدته السينما المصرية في كثير من الأفلام.

كما استخدم المصري "الجِرار" أو "الزلع" ليضع فيها العسل الأسود المصنوع من قصب السكر المشهور به صعيد مصر لينقله للقاهرة ومحافظات الوجه البحري.




كما كان يستخدم الفلاح المصري تلك "الزلع" و"الجِرار"، لتخزين الجبن الجاموسي والبقري الأبيض الزائد عن حاجته ليصنع فيها الجبن "الحادق" أو "الفلاحي" ليأكل منه طوال العام كوجبة كانت رئيسية لملايين المصريين، ويبيع الفائض منه لأهل المدينة.

كم قدم الفواخري "الأزيار" -جمع زير- وهي قطعة من الفخار كان يضع فيها المصري الماء للشرب ولم يكن يخلو بيت منها سواء في الريف أو المدينة وفي شوارعهما على نواصي الشوارع.

اظهار أخبار متعلقة



إلى جانب ما سبق صنع الفواخري "القعبة" الفخارية التي كانت تستخدمها المرأة المصرية في حلب لبن البهائم (البقر والجاموس)، وحلب الماعز والغنم.

وكذلك أيضا صنع الرجل القديمة مهنته قدم التاريخ ما كان يُعرف باسم "المواجير" و"الربعية"، تلك الآنية التي كانت تضع فيها الريفيات الدقيق المطحون بعد نخله بما يسمى بالمنخل لعجنه وخبز العيش الفلاحي في الفرن الفلاحي الذي قدم له الفواخري العرصة التي مازالت باقية حتى اليوم.




وكما صنع الفواخري على مدار التاريخ الكثير من القطع والتحف الفنية للزينة، فإنه كذلك صنع "القلل" و"الأباريق" الفخارية للشرب والاغتسال والاستعمال المنزلي، والتي كانت تمثل إحدى حالات الإبداع الفني الراقي لرجل لم يدرس في معاهد الفنون التشكيلية.

تحول عن الطين

ولكن مؤخرا ومع تحول المصريين إلى استعمال أدوات منافسة من الزجاج والبلاستيك إلى جانب استخدام الثلاجات ومبردات المياه، وتطور الحياة بشكل لم يعد فيه استخدام الأدوات والأواني الفخارية مناسبا؛ تراجعت بشكل لافت مهنة الفواخري، وأُغلقت الأفران وما بقي منها لا يعمل بطاقته كما كانت قبل نحو 3 عقود.

اظهار أخبار متعلقة



قرية سنهوا التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، كانت مركزا لصناعة الفخار على مدى تاريخيها، إذ كان بها وحدها نحو 35 فاخورة قديمة لم يبق منها اليوم إلا 3 فقط، وسط معاناة كبيرة يعانيها الفواخري وصراع مع منافسي مهنته.

يقف العاملون معظم الوقت داخل معجنة الطين، التي يستخدمونه مع بعض الحمرة والتبن أو الخلط في صناعة آخر ما تبقى من أدوات الفخار، وهي عرصة الأفران الفلاحي التي تخبز عليها نساء الريف في الوجه البحري الخبز الفلاحي، يحكي العم أحمد من داخل المعجنة.

ويؤكد لـ"لعربي لايت"، أن "عمله صعب، ولم يعد يتعلمه أحد من الأجيال الجديدة، لأن الصنعة فقدت أهميتها ولم تعد كما كانت منذ عقود، وأن ما تبقى من الصناعة قليل وهو العرصة الخاصة بالأفران البلدية، وقليل جدا من صناعة القلل".




يقول هيثم، صاحب إحدى الفواخير الثلاث المتبقية بالقرية: "كانت مهنتنا تحلق في الآفاق وتصل منتجاتنا كل البلاد المصرية، ولكن قل الطلب على منتجات الفخار مع منافسة الزجاج والبلاستيك والأدوات الكهربية".

ويلفت لـ"عربي لايت"، إلى أنه مازال يحاول جاهدا "الحفاظ على إرث الأجداد بهذه المهنة رغم صعوباتها"، موضحا أن "عدد الصنايعية العاملين في المهنة قل بشكل كبير، نظرا لضعف ما يحصل عليه، بسبب قلة الإنتاج وضعف التوزيع".

اظهار أخبار متعلقة



ولكن ومع تراجع مهنة الفواخري وغلق آلاف الفواخير، إلا أن تلك المهنة المرتبطة بتاريخ المصري القديم، ربما تستعيد أمجادها مع قليل من الاهتمام بالفواخري وبفنه الراقي القديم.

وفي بارقة أمل ربما تعيد للفواخري بعض مكانته، افتتح 3 وزراء مصريين بينهم وزير السياحة خالد العناني السبت 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أعمال تطوير قرية صناعة الفخار "الفواخير" بالفسطاط بمصر القديمة؛ لإحياء إحدى أقدم الحرف التراثية بمصر منذ عهد قدماء المصريين.
شارك
التعليقات