لا شكّ في أن منشأ البرتقال المالطي، الذي يطلق عليه المواطنون التونسيون اسم "ملكة البرتقال"، يعود إلى آسيا، إنما تختلف الآراء حول كيفية وصوله إلى تونس. فالبعض يقول إنه ظهر في إسبانيا في بداية القرن السابع عشر، لكن هذا لا يفسّر التسمية.
وبحسب ما نشرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، ونظرًا إلى أن مالطة تقع على بعد 284 كيلومترًا فقط من تونس الحديثة، من الممكن أن يكون قد أُدخل البرتقال مباشرةً من هناك. ولكن من الأكيد أن هذه الثمرة زُرعت في جزيرة مالطة المتوسطية في القرن التاسع.
اظهار أخبار متعلقة
وعلى أية حال، فقد أصبحت الثمرة تُعرف باسم "البرتقال المالطي" منذ حوالي 250 سنة، وأشادت بها كتب الطهو، حتى أنها ألهمت الصلصة المالطية الفرنسية.
مليء بالمنافع
ينتمي البرتقال المالطي إلى سلالة Rutaceae. وهو يشبه البرتقال شبه الأحمر وتتمّ زراعته اليوم بنجاح في شمال شرق تونس، وبخاصة في شبه جزيرة كاب بون، قرب ساحل حمامات.
وهو متوسط الحجم وبيضاوي الشكل على نحوٍ طفيف وذو قشرةٍ تسهل إزالتها. كما أن لبّه طري وغضّ. وطعمه حلوٌ وحامض، الأمر الذي يجعله فريدًا من نوعه. وحين تكون هذه الثمرة على الشجرة، يتحوّل لونها البرتقالي إلى الأحمر إن تعرّضت للشمس كثيرًا.
وتقول فهرية، وهي مزارعة خجولة ومتوسطة العمر من كاب بون، "إنه لذيذ ومليء بالمنافع الصحية، وبخاصة في ظلّ هذه الأزمة التي نشهدها"، فيما تقطع سيقان ثمار البرتقال.
اظهار أخبار متعلقة
ويقوم خبراء محليون، مثل فهرية وزملائها، بجمع البرتقال المالطي يدويًا.
ولطالما عملت فهرية في القطاع الزراعي. فقطاف الفاكهة والخضار في منطقتها يشكل مصدرًا رئيسيًا للدخل لها ولأسرتها. وكانت في البداية تجمع البطاطا والخرشوف، وبدأت تجمع الحمضيات منذ أربع سنوات فقط. واليوم، تركّز على "ملكة البرتقال"، وتفتخر بالعمل بمنتج رفيع المقام لهذه الدرجة.
تنتج منطقة كاب بون أكثر من 75 في المائة من جميع الحمضيات في تونس. وحصاد المنتجات مثل البرتقال المالطي يوفّر لفهرية وزملائها في العمل دخلًا ثابتًا.
مالطي الاسم، تونسي الإنتاج
بلدة قرمبالية حيث تعيش فهرية هي بلدة تعجّ بالحياة في كاب بون ويعيش فيها حوالي 25.000 نسمة.
ويفوح في قرمبالية عطر زهر البرتقال في الربيع فيما يضيء اللون الذهبي للثمرة المشاهد الطبيعية في الشتاء، أي في فصل قطافها.
اظهار أخبار متعلقة
ورغم أن القطاف نشاط موسمي- يمتد من نهاية كانون الأول/ ديسمبر إلى نهاية آذار/ مارس - فهو يوفّر لفهرية ولزملائها في البساتين المجاورة، دخلًا ثابتًا فضلًا عن ظروف عمل لائقة.
تقول فهرية "هنا في البستان، حيث تحيط بي أشجار البرتقال، أشعر أنني في عالمي. لكن الأهم بالنسبة إليّ هو أن مساهمتي تحظى باحترام مجتمعي المحلي وصاحب العمل".
وتغطي أشجار البرتقال في شبه جزيرة كاب بون مساحةّ حوالي 14.000 هكتار، حيث يُخصّص نصف الأراضي تقريبًا إلى إنتاج البرتقال المالطي.
وفي حين تحتلّ ملكة البرتقال الصدارة من حيث الصادرات، تتم زراعة أصناف أخرى في المنطقة مثل المسكي، والشامي وبرتقال تومسون.
كما تشهد منطقة كاب بون، التي تنتج أكثر من 75 في المائة من جميع الحمضيات في تونس، انتشارًا لأشجار المندرين والليمون التي تستفيد من التربة الغنية والخصبة ومن أشعة الشمس على مدار السنة.
تضمن فهرية أن يكون البرتقال المالطي مطابقًا لمعايير الجودة. ويقوم مشروع المنظمة في تونس ببناء قدرات منتجي الأغذية، ومختبرات مراقبة الجودة والسلطات المحلية لفهم متطلبات الجودة الضرورية للتصدير والاستجابة لها.