نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرًا استعرض فيه قائمة بالكنوز التاريخية الشرق الأوسطية المعروضة في لندن.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن بريطانيا بصفتها أقوى إمبراطورية في العالم لما يقارب قرنين من الزمن، كانت الوجهة الرئيسية للعديد من القطع الأثرية من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط، وقد وصلت إليها أحيانًا من خلال قنوات قانونية ولكن غالبًا من خلال قنوات مشبوهة.
اظهار أخبار متعلقة
وقد تمكنت المملكة المتحدة من جمع كنز من القطع الأثرية النادرة التي يتمتع بمشاهدتها السائحون والسكان المحليون، وذلك على الرغم من تعالي الأصوات المطالبة بإعادة هذه الآثار إلى بلدانها الأصلية. وعمر بعض القطع الأثرية يصل إلى آلاف السنين، كما هو الحال مع مسلة كليوباترًا.
مسلّة كليوباترا
تقع مسلة كليوباترا المنقوشة بالحروف الهيروغليفية المصرية القديمة على ضفاف نهر التيمز، على مسافة قريبة من محطة مترو أنفاق لندن. ومن المحتمل أن يكون هذا الهيكل، الذي يبلغ عمره حوالي 3500 سنة، أحد أقدم المعالم الأثرية الموجودة حاليًا في المدينة.
شُيدت هذه المسلة في عهد الفرعون تحتمس الثالث سنة 1460 قبل الميلاد، وهي واحدة من بين ثلاث مسلات مماثلة إحداها موجودة في باريس والأخرى في نيويورك. تزن المسلة المصنوعة من الجرانيت أكثر من 200 طن. وقد شيدت لأول مرة في مدينة هليوبوليس القديمة التي تقع الآن في القاهرة الحديثة. وقد سعى الفرعون رمسيس الثاني إلى مزيد تزيينها بالنقوش بعد حوالي 200 سنة، في محاولة للتأريخ نجاحاته العسكرية.
يعود ارتباط المسلة باسم كليوباترا إلى بداية الألفية الأولى تقريبًا، عندما نقلت الملكة المصرية الشهيرة المسلة إلى مدينة الإسكندرية شمال مصر كجزء من أعمال بناء معبد. وفي سنة 1819، قام الوالي العثماني على مصر في ذلك الوقت محمد علي بتقديم المسلّة إلى بريطانيا تكريمًا لانتصار اللورد نيلسون في معركة النيل وهزيمته لجيش نابليون بونابرت الفرنسي في سنة 1801.
اظهار أخبار متعلقة
وذكر الموقع أن بريطانيا لم تتمكن من نقل هذه الهدية إلى لندن حتى سنة 1877، وقد نجت في رحلتها إلى العاصمة من المياه الغادرة لخليج بسكاي. وخلال الحرب العالمية الأولى، تعرضت المسلة لضرر نتيجة سقوط قنبلة من طائرة ألمانية قربها لا يزال أثرها مرئيًا حتى اليوم، لكن الهيكل الذي يعود عمره إلى آلاف السنين لا يزال سليمًا.
وفي الواقع، إن تأثير الهندسة المعمارية المصرية على هذا الجزء من المدينة واضح في تصميم مقاعد عامة على شكل جمال. وعلى عكس العديد من النصب التذكارية أو المقاعد العامة الأخرى في جميع أنحاء المدينة، توجد هذه المقاعد على منصة مرتفعة قليلاً عن الأرض مما يميزها عن غيرها. وقد صمم هذه المقاعد المهندس المعماري الإنجليزي جورج جون فوليامي، الذي استلهم التصميم من الرحلة التي أداها إلى مصر في أربعينيات القرن التاسع عشر بهدف استكمال المسلة. كما صمم تماثيل أبي الهول الموجودة بجانب مسلة كليوباترا.
منبر مملوكي
أورد الموقع أن متحف فيكتوريا وألبرت الشهير الواقع في جنوب كنسينغتون هو موطن منبر السلطان المملوكي الأشرف قايتباي. وكان قايتباي يشتهر بولعه بالفنون وهو الذي أمر بصنع المنبر في القاهرة.
يوضع المنبر في مقدمة المسجد في اتجاه مكة المكرمة، أي قبلةَ المسلمين التي يتوجّهون إليها في صلاتهم. يتميز التصميم المملوكي الذي يوجد في متحف فيكتوريا وألبرت بنقوش زخرفية وفسيفساء عاجية، وهي أنماط شاع استخدامها في الهندسة المعمارية خلال العصر الذهبي الإسلامي.
كما نقشت على المنبر آية قرآنية، بالإضافة إلى اسم "قايتباي" - حاكم مصر وسوريا بين عامي 1468 و1496. وقد اشتراه المتحفُ بتمويل حكومي سنة 1869 من فرنسا، بعد أن أرسله المسؤولون المصريون إلى هناك مع قطع أثرية أخرى. ويضم متحف فيكتوريا وألبرت اليوم أكثر من 19 ألف قطعة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشمل ملابس وسيراميك وأعمالا فنية.
مدفع عثماني
يوجد في مدينة وايت هول وسط لندن مدفع عثماني استولى عليه الجيش البريطاني أثناء قتاله ضد نابليون في مصر سنة 1801. وقد حصل عليه البريطانيون بعد حصار الإسكندرية خلال الحروب النابليونية. وهذا المدفع التركي منتصب أمام مبنى هورس غاردز، حيث يمر به ملايين السياح والسكان المحليون في طريقهم لمشاهدة المعالم السياحية في وستمنستر.
وفقًا للوحة الموجودة على المدفع، فإنه من صنع مراد نجل عبد الله قائد المدفعية في سنة 1524. ويوجد عليه أيضا نقش كتب عليه: "سليمان العصر، السلطان الأعظم، قائد مدافع التنين، التي تدوّي كالرعد، فلتسقط حصون الأعداء، 931 هجري". ومع أن المدفع نفسه من أصول تركية، إلا أن العربة التي تحمله مصنوعة في المملكة المتحدة من قبل إدارة النقل الملكي.
حجر رشيد
تحدث المقال عن حجر رشيد الذي اكتشفه الجنود الفرنسيون في مصر في يوليو/ تموز 1799، ثم سُلم لاحقًا إلى البريطانيين بعد هزيمة نابليون. نُقش على هذا الحجر إعلان بطليموس الخامس الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد تقريبًا بثلاث لغات: الهيروغليفية، والمصرية الديموطيقية، واليونانية القديمة.
وقد استعان علماء المصريات في القرن التاسع عشر بالجزء المكتوب باللغة اليونانية القديمة لفك شيفرة النقوش المكتوبة بالهيروغليفية المنسية لأكثر من 14 قرنًا. وقد تمكن الفرنسي جان فرانسوا شامبليون من اكتشاف معناها في سنة 1822.
وأشار الموقع إلى أن وجود قطع أثرية مثل حجر رشيد لطالما كان موضع جدل بالنسبة للمتحف البريطاني، في ظل المطالبة الدائمة بإعادة الآثار إلى بلدانها الأصلية. ويُذكر أن هذه القطعة الأثرية لا تزال في المتحف الذي يزوره حوالي ستة ملايين شخص سنويًا.
تمثال الأسد المجنّح
قال الموقع إن المتحف البريطاني يضم أيضًا تمثال أسد مجنح يعود تاريخه إلى العصر الآشوري الجديد، حوالي 883-859 قبل الميلاد. ويُعتقد أن رأس الإنسان يمثل الذكاء، وجسم الأسد يُظهر القوة، بينما ترمز الأجنحة إلى السرعة.
وقد عثر عالم الآثار البريطاني أوستن هنري لايارد على هذا التمثال أثناء أعمال التنقيب في شمال العراق ما بين 1845 و1851. اُكتشف التمثال في مدينة نمرود - في الموصل - ونُقل إلى لندن سنة 1852.
وأوضح الموقع أن هذا التمثال المصنوع من الجبس مخصص لحراسة مدخل قصر يعود للملك الآشوري آشور ناصربال الثاني، حيث كان يوفر الحماية للقصر الملكي من قوى الفوضى والشياطين. ومن أكثر السمات اللافتة للنظر في التمثال أرجله الخمسة التي نُحتت بعناية لتبدو مستقيمة وثابتة عند النظر إليها من الأمام، بينما تبدو كأنها تخطو إلى الأمام عند النظر إليها من الجانب.