تبدو لافتة على الوجوه وفي القلوب فرحة المصريين بقدوم شهر رمضان، إلا أن تلك الفرحة في اليوم الأخير من شعبان تتخذ شكلا آخر من الفرحة التي تتحول من عالم المشاعر إلى واقع الأفعال.
وعلى واجهات المحال التجارية في شوارع المدن والشوارع الرئيسية في القرى يصُفُ التجار بضائعهم من بلح وياميش ومكسرات، ويفرشون شوادرهم وفوقها أنواع الزينة ولمبات الكهرباء.
وتستعد محال صناعة الكنافة والقطايف والحلويات بوضع ماكيناتها وأدواتها، استعدادا لانطلاق أول مدفع سحور وأول مدفع إفطار من قلعة صلاح الدين الأيوبي بالعاصمة المصرية، القاهرة.
ومن أكثر مظاهر البهجة في الشوارع المصرية مع قدوم رمضان، تعليق الأولاد والبنات الصغار ومعهم الكبار للزينة والأنوار فوق البيوت وفي الشوارع، وذلك بعد أن يزيلوا ما تبقى من زينة من رمضان السابق، في عمل لا يخلو من المتعة وقبلها المخاطرة.
الألعاب الرمضانية التي يحرص عليها الصغار حتى قبل قدوم الشهر الكريم، مثل "البمب" و"الصواريخ" و"المدافع الورقية"، ورغم أنها تمثل إزعاجا كبيرا للأهالي والمارة إلا أنها عادة قديمة لا يحلو رمضان عند الصغار بدونها.
"عربي21 لايت"، زارت شارع "القيثارية" التجاري بمدينة منيا القمح شمال شرق القاهرة، وتحدثت إلى بعض الأهالي وتجار الياميش والفوانيس عن استعداداتهم بقدوم الشهر الكريم.
أحد التجار، أكد لـ"عربي21 لايت"، أنهم يبدأون فرش بضائعهم قبيل رمضان بعدة أسابيع، ولكن الأيام التي تلي منتصف شعبان هي بداية موسم البيع الحقيقي للبلح وياميش رمضان.
وعن أنواع البلح، قال: "هناك بلح أسواني من مدينة أسوان (جنوب)، وبلح الوادي من محافظة الوادي الجديد، وبلح سيوة من نخيل الواحة التي تقع في نفس المحافظة بالصحراء الغربية، إلى جانب البلح السكوتي والشفاف وغيرها من الأنواع المجففة.
ومن أنواع والمكسرات المعروضة لديه، أشار لوجود "البندق"، و"عين الجمل"، و"اللوز"، الكيلو منها في رمضان الماضي بلغ 70 جنيها لكن هذا العام بين 80 و110 جنيهات، وهناك "الكاجو" و"الفستق" بـ240 جنيها الكيلو، وهي الأنواع غالية الثمن.
ولفت إلى وجود مكرات وياميش الغلابة من "الفول السوداني" و"جوز الهند" و"قمر الدين" و"التمر" و"المشمشية" والقراصيا" و"علب البلح" بجميع أنواعه، والعصائر، مبينا أن الأسعار ارتفعت بمعدل من 5 إلى 10 جنيهات بكل صنف عن العام الماضي.
وأكد تاجر ياميش ثاني، أن استعداداتهم كتجار لشهر رمضان وما يعرضونه هذا العام لم يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة وحتى قبل 20 عاما.
وفي حديثه لـ"عربي21 لايت"، أوضح أن "الاختلاف الأكبر يكون حسب قدوم رمضان في فصل الصيف الذي يحتاج للعصائر بكثرة، أو في الشتاء الذي يحتاج الحلويات والمكسرات وأنواع الياميش أكثر من العصائر".
وأوضح أنه "قبل سنوات كانت المكسرات والياميش عبارة عن الزبيب وجوز الهند والسوداني متوسطة السعر، ولكن اليوم ظهرت الأنواع الجديدة من المكسرات التي بسبب غلاء سعرها يقبل عليها زبون محدد".
ولفت إلى اختلاف آخر أسماه "تقنين الأهالي في شراء البضاعة"، مبينا أنهم "يشترون الآن بقدر حاجتهم لعدة أيام وليس كما كانوا في السنوات السابقة يشترون حاجة الشهر كاملا مرة واحدة، وذلك بسبب الظروف المعيشية الصعبة".
تجار ثالث من شارع القيثارية، الشهير، وعن استعداده لرمضان هذا العام ومدى اختلافها عن السنوات السابقة، قال: "كل عام له استعداداته الخاصة"، موضحا أن "الحالة والظروف الاقتصادية والقوة الشرائية للمستهلك تؤثر على حركة البيع والشراء".
وفي حديثه لـ"عربي21 لايت"، أشار إلى أن "نفس الأنواع ثابتة وموجودة منذ نحو 10 سنوات، ولكن تفضيلات المستهلكين هي ما تتغير"، لافتا إلى أن أغلى الأنواع "اللوز والبندق وعين الجمل والفستق، مشيرا لاختلاف الأسعار عن العام الماضي.
وأشار إلى أن "التجار كل عام يطلقون اسم أحد المشاهير على أنواع البلح مثل محمد صلاح، وهذا العام الاسم الأشهر هو للفنانة هياتم"، مؤكدا أنه "نوع البلح الأغلى في السوق، حتى من نوع محمد صلاح".
وعن فوانيس رمضان قال تاجر وزوجته بالشراع الشهير: "يُقبل الناس على شراء الفوانيس بأنواعها بجانب الزينة والخيامية والمفارش وطبلة السحور، ومعظمها صناعة مصرية".
إحدى السيدات ومن أمام إحدى محال الياميش، قالت لـ"عربي21 لايت"، إنها "ستشتري ككل عام المكسرات مثل عين الجمل والقراصيا"، موضحة أن "قرار الشراء مرتبط بحصولها على راتبها الشهري".
وأشارت إلى أن "احتياجات رمضان اليوم لم تختلف عن 10 سنوات مضت، نفس الأشياء ولكن الذي يختلف هو الأسعار فقط".
ويظل رمضان عشق المصريين الأكبر، بارتيادهم المساجد، ومن خلال أطعمته الشهيرة وعبر موائد الرحمن، ومع لمة الأسرة وتقارب المجتمع وتكافله، وبعاداته التاريخية التي ترجع إلى القرون الوسطى.