موائد الرحمن بمصر.. علامة مميزة للشهر الكريم

موائد الرحمن.. عادة مستمرة من عهد ابن طولون إلى يومنا هذا 😍

GettyImages-971650284
جيتي
  • مهند العربي
  • الإثنين، 04-04-2022
  • 06:54 م
تعد مائدة الرحمن من أبرز ملامح شهر بمصر وأهم ما يميزه، حيث يتبارى المقتدرون في إقامة هذه الموائد لإطعام الصائمين، خاصة الفقراء منهم أو من يؤدون أعمالهم أثناء الفطار أو من هم على سفر.

وكان هناك جدل كبير حول إقامتها هذا العام من عدمه، حيث تم إلغاءها بسبب انتشار فيروس كورونا ولكن مؤخرا وافقت اللجنة العليا لإدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية بمجلس الوزراء بمصر على إقامتها.

"مائدة الرحمن" هو اسم يطلق على مائدة إفطار تقام في أيام الصيام سواء في شهر رمضان أو في يوم عرفة، وهناك من يتبرع للقيام بها في أوقات أخرى، ويعتقد البعض أنها خاصة بالفقراء والمساكين فقط، ولكن قد يجلس عليها من لا يسعفه الطريق في الوصول إلى بيته بسبب العمل أو ما شابه.

اظهار أخبار متعلقة



وموائد الرحمن منتشرة في مصر والدول العربية، لكن يرى البعض أن أصحابها يقومون بعمل مثل هذه الموائد للدعاية والرياء، ولكن هناك من يقومون بها سراً، دون كشف هويتهم طلبا للأجر.

ويعود تاريخ موائد الرحمن في مصر تحديدا إلى عهد أحمد بن طولون حيث يعتبر أول من أقامها، وكان يقوم بجمع كبار التجار والأعيان في مصر في أول يوم من شهر رمضان على الإفطار، ثم يلقي عليهم خطبة يذكرهم فيها بالإحسان والبر بالفقراء والمساكين.

وأمر ابن طولون أن تظل هذه المائدة موجودة طوال شهر رمضان، كما طلب من التجار وكبار الأعيان أن يفتحوا منازلهم، ويمدوا موائدهم للمحتاجين، وفي عهد الفاطميين أطلق على موائد الرحمن "سماط الخليفة" حيث كان العاملون في قصر الخليفة يقومون بتوفير كميات كبير من الطعام، ليكون كافيا لأكبر عدد ممكن من الصائمين.

قربى دينية وترابط اجتماعي

وفي سياق تعليقه قال الداعية والباحث الشرعي، مصطفى إبراهيم، إن موائد الرحمن من أكثر المظاهر الإيجابية التي تنتشر في مصر في شهر رمضان المبارك، ولها الكثير من الآثار الإيجابية من الناحية الدينية مثل إطعام الفقراء والمساكين والمحتاجين، والمسافرين وأبناء السبيل، وسد جوع كل محتاج لأي سبب كان وخاصة في ظل ارتفاع الأسعار، وعجز الكثير من أفراد لمجتمع عن توفير احتياجاتهم من الغذاء والدواء وباقي الضروريات.

اظهار أخبار متعلقة



وأضاف إبراهيم لـ"عربي21 لايت" أن موائد الرحمن "تحيي سنة إفطار الصائم حتى لو لم يكن محتاجاً، وتكون مناسبة طيبة لفعل الخير، والاجتماع على الطاعة، وترسيخ مفاهيم البذل والعطاء والسخاء، ومحاربة البخل وشح الأنفس، وتحث على نشر الفضائل في المجتمع ضاربا المثل بإقامة العديد من المحلات التجارية والفنادق والشركات موائد للرحمن فيها.

وعن الفوائد الاجتماعية لموائد الرحمن قال الباحث الشرعي إن تلك الموائد لها الكثير من الفوائد الاجتماعية فهي تزيل الضغائن والأحقاد والحسد من نفوس الفقراء تجاه الأغنياء والموسرين، بل وتدفع الطبقات الفقيرة للدعاء لأصحاب الأموال الذين يقيمون تلك الموائد، ويتمنون لهم المزيد من الثراء طالما أنهم يؤدون حق الله فيها، ويتصدقون من ريع مشاريعهم على الفقراء والمحتاجين.

 دعوة للحب والتكافل

 ومن جانبها تقول خبيرة الشئون الأسرية والاجتماعية منال خضر إن موائد الرحمن لم تصبح فضيله ولا سنة للطعام، بل أصبحت واجبا على كل مقتدر يستطيع عملها، رابطة هذا الأمر بالوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مصر في هذه الفترة، مما يستوجب معه ضرورة التكافل الاجتماعي في عدة صور منها مائدة الرحمن المتعارف عليها بين المصريين في رمضان.

وفي حديثها لـ"عربي21 لايت" أشارت الخبيرة الأسرية إلى عمق وتراث مثل هذه الصور من التكافل قائلة إن منذ القدم "لا تجد حيا من أحياء القاهرة ولا ثريا من الأثرياء لا يقوم بعمل تكية لتوزيع الطعام على الفقراء والمحتاجين وأصحاب العجز وأبناء السبيل لإغاثة الناس وسد حاجتهم الأساسية، ويكون بجوار التكية سبيل ماء وبجواره بعض المشروبات الباردة كالعرقسوس والتمر هندي والكركديه، وغيرها من المشروبات البسيطة وهو ما يعكس تأصل هذه الظاهرة في تراث الشعب المصري وجذورها الممتدة في تاريخه.

اظهار أخبار متعلقة



وحول تأثير هذه الموائد على الجانب الاجتماعي قالت إن هذه الموائد ليست عامرة بالطعام فقط ولكن بالأنس والتكافل والحب واللحمة الوطنية حيث يجتمع الناس على مائدة أو طاولة واحدة وطعام واحد، ويسود بينهم التسامح والحب والبهجة والتهنئة بالشهر المبارك، الذي يجبر القلوب ويوحد الصفوف ويجمع جميع أفراد الأسرة الواحدة، بل والمجتمع كله.
شارك
التعليقات