اظهار أخبار متعلقة
كما ينتظرها الكبار خاصة الزوجات والمخطوبات باعتبارها تعبيرا عن الحب والمودة من الرجل تجاه زوجته أو خطيبته.
البداية من الدولة الفاطمية
وفي مصر بدأت العيدية في عهد الدولة الفاطمية ،حيث اشتهر الفاطميون باهتمامهم عموماً بمظاهر الاحتفال وإحياء المناسبات اهتماماً كبيراً، ومن ذلك الاهتمام بطقوس البهجة والاحتفال في شهر رمضان، وفي ذكرى المولد النبوي، وبالأعياد، وغيرها من المناسبات الدينيّة التي أصبح لها ارتباطات اجتماعية وثقافيّة، فأصبحت المناسبات الدينية في هذا العصر مرتبطة بالاحتفالات، وأُرسيت فيه الكثير من الطقوس التي أعادت صياغة الثقافة الإسلاميّة، وما يزال الكثير منها ممارساً ومنتشراً بين المسلمين حول العالم حتى يومنا هذا؛ بدءاً من الفانوس، إلى المسحّراتي، ووصولاً إلى العيديّة.
المعز واستمالة المصريين
وذكر مؤرخو العصر الفاطمي، كالوزير عزّ الملك المسبحي، وتقيّ الدين المقريزي، تفصيلاً لطقوس ومظاهر احتفال الخلفاء الفاطميين بالأعياد، ومن تلك الطقوس، كانت "العيديّة"، التي ظهرت آنذاك لأوّل مرة كهبة مستقلة عن سائر العبادات.
وكان ذلك منذ عهد الخليفة "المعزّ لدين الله الفاطميّ"، الذي أراد أن يستميل أفئدة المصريين في مبتدئ حكم دولته لبلادهم؛ فكان يأمر بتوزيع الحلوى وإقامة الموائد، وتوزيع النقود، والهدايا، والكسوة، مع حلول كلّ عيد، على رجال الدولة وعامة الرعيّة، كما كان يهدي بنفسه دراهم فضيّة مخصصة للفقهاء والقرّاء والمؤذنين، مع انتهاء ختمة القرآن الكريم ليلة العيد.
اظهار أخبار متعلقة
وكان طقس توزيع النقود يعرف باسم "التوسعة"، وهو أول شكل ظهرت فيه "العيديّة" كمبلغ مالي يتم توزيعه ووهبه بمناسبة حلول العيد، فكان الخليفة يشرف من قصره صبيحة يوم العيد، وينثر الدراهم والدنانير الذهبيّة على من أتى من عامة الناس للمعايدة.
أما الكسوة، فقد كانت توزع على الخاصّة والعامة، وكانت تصنع قبل شهر ونصف الشهر لتكون جاهزة ليلة العيد، وبلغت النفقات المخصصة لغاية صناعة الكسوة في القرن السادس الهجريّ مبلغاً مقداره عشرون ألف دينار ذهبيّ. وإلى جانب المال والكسوة، كانت المعايدات تشمل صنع الكعك والحلوى وتوزيع كميات كبيرة منها في الطرقات. كُلّ ذلك رسّخ وبلور مناسبة العيد باعتبارها مناسبة عامّة مقترنة بتقاليد الفرح والبهجة.
العيدية في العصر المملوكي
تراجعت طقوس الاحتفال جزئياً في العهد الأيوبيّ، خاصة مع الانشغال بالحروب الصليبيّة، وتراجعت رعاية الدولة لها، ومع دخول عصر المماليك، واستقرار ملكهم ببلاد مصر والشام، عادت الطقوس الاحتفاليّة للازدهار من جديد.
وعرفت العيديّة باسم جديد هو "الجامكيّة"، وصارت عبارة عن مبلغ يصرف بأمر مباشر من السلطان كمرتب خاصّ بمناسبة حلول العيد، يمنح لموظفي الدولة من الجند وحتى الأمراء وكبار الموظفين.
و"الجامكيّة" كلمة مشتقة من "الجامة" وهي مفردة تركيّة تعني الثوب واللباس، ويقصد بـ"الجامكيّة" بذلك المال المخصص للملابس؛ حيث كان الهدف منها إعانة الرعيّة وتمكينهم من شراء كسوة جديدة خاصّة بالعيد.
اظهار أخبار متعلقة
إدخال البهجة
وفي سياق تعليقه يقول الدكتور إبراهيم العناني عضو اتحاد المؤرخين العرب، إن العيدية ترتبط بالعيد، والعيدية لفظ اصطلاحي أطلقه الناس على كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود في موسمي عيد الفطر، وعيد الأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف، وكانت تعرف بالرسوم في أضابير الدواوين، ويطلق عليها التوسعة في وثائق الوقف.
وأضاف "العناني" في تصريحات صحفية: أن الفاطميين قد حرصوا على توزيع العيدية مع كسوة العيد خارجًا عما كان يوزع على الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة الفطر من الدراهم الفضية، وعندما كان الرعية يذهبون إلى قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من منظرته بأعلى أحد أبواب قصر الخلافة.
اظهار أخبار متعلقة
وقد أخذت العيدية الشكل الرسمي في العصر المملوكي، وأطلقوا عليها "الجامكية"، وكانت تقدم العيدية على شكل طبق تتوسطه الدنانير الذهبية، ويحيط به الكعك والحلوى، وتقدم العيدية من السلطان إلى الأمراء وكبار رجال الجيش، وتقدر العيدية حسب الرتبة التي تقدم لها.