نشر موقع "آرس تكنيكا" تقريرا كشف فيه أسرار التصميم الفريد لأقدم سروال في العالم.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا السروال الصوفي الذي يبلغ عمره 3000 عام يعود لرجل دُفن ما بين 1000 و1200 قبل الميلاد غرب الصين. وهو مصنوع بدمج أربع تقنيات مختلفة كان يعتمدها النساجون في السابق لخياطة ملابس مصممة خصيصًا للقتال على ظهور الخيل تتميز بالمرونة في بعض المناطق والمتانة في مناطق أخرى.
الجانب الألين من علم المواد
مثّلت السراويل طفرة تقنية في تاريخ البشرية، إذ احتاج الرعاة والمحاربون إلى أن تكون قطع الملابس التي تغطي أرجلهم مرنة بما يكفي للسماح لهم بأرجحه أرجلهم عند امتطاء الأحصنة ومتينة بما يكفي حتى لا يتمزق القماش عند الحركة، واحتاجوا إلى حماية إضافية في المناطق الحساسة مثل الركبتين. وكان التحدي الحقيقي يتمثل في إيجاد قماش بهذه المواصفات.
بالنسبة لمن نسج أقدم سروال في العالم في الصين منذ حوالي 3000 سنة، كان الجواب على ما يبدو استخدام تقنيات حياكة مختلفة لإنتاج قماش بخصائص محددة، علما بأن نسيج السروال بأكمله مصنوع من ألياف الصوف.
ذكر الموقع أن أقدم سروال في العالم كان جزءًا من لباس دفن محارب يُدعى الآن "رجل تورفان" ارتدى السروال المنسوج من الصوف مع معطف مربوط حول الخصر وحذاء طويل يصل للكاحل وعصابة رأس من الصوف مزينة بالأصداف البحرية والأقراص البرونزية. وكان تصميم السروال الأساسي يشبه بشكل لافت السراويل التي يرتديها معظمنا اليوم، لكن الفحص الدقيق لهذه القطعة يكشف مستوى الهندسة المعتمدة في تصميمه.
قامت عالمة الآثار مايكه فاغنر من المعهد الأثري الألماني رفقة زملائها بفحص السروال البالغ عمره 3000 عام بالتفصيل. وقد ابتكر نساج حديث نسخة طبق الأصل من السروال لفهم أفضل التقنيات التي أنتجت هذه القطعة من الموضة التاريخية.
واسع حيث يجب
معظم السراويل منسوجة بالتويل (قماش مضلع) وهو معروف في سروال الجينز. ويأتي أقدم نسيج مزدوج معروف في العالم من منجم ملح الهالستات في النمسا يعود تاريخه الكاربوني إلى وقت أبكر قليلًا من هذا السروال، وتقريبًا ما بين 3500 و3200 سنة مضت. ويكون التويل في شكل نسيج ثقيل مضلع بشكل مائل يتمدد أكثر من خيط الصوف الأصلي.
استنادًا إلى الأشياء الأخرى التي وُجدت في قبره، التي تضمنت فأس معركة ولجام حصان، ربما يكون رجل التورفان قد قضى جزءًا كبيرًا من حياته في القتال على ظهور الخيل، لذلك كان من الممكن أن ينقذه قماش التويل المرن من المرور بموقف محرج جراء تمزق سرواله في كل مرة يمتطي فيها ظهر حصانه.
ومن أجل الحصول على المزيد من الراحة، كانت منطقة المنشعب في السروال أعرض في المنتصف مقارنة بالأطراف، بحيث تتكتل قطعة القماش أو تتمدد في المنتصف لمنح مرتديها مزيدًا من المرونة.
وعند الركبتين، تمت حياكة القماش بطريقة مختلفة باستخدام تقنية تسمى حياكة النسيج، التي تنتج نسيجًا أقل مرونة ولكنه أكثر سمكًا وثباتًا. وفي منطقة الخصر، وفرت طريقة نسج ثالثة حزام خصر سميك للمساعدة في تثبيت البنطال في مكانه. وكانت كل هذه المكونات منسوجة كقطعة واحدة، ولا يوجد دليل على أن القماش مقطوع.
سروال السفر
تعتمد سراويل تورفان تصميمًا عمليًا للغاية، لكنها أيضًا رائعة للغاية. بينما كان النساج يعمل على قطعة المنشعب المرنة والواسعة، قام بتنسيق ألوان مختلفة من خيوط اللحمة لإنشاء أزواج من الخطوط البنية على خلفية بيضاء مصفرة. تزين الخطوط المتعرجة كاحلي وسمانة السروال، جنبًا إلى جنب مع تصميم مشابه للتدرج الهرمي.
وأشار الموقع إلى أن هذا النمط دفع فاغنر وزملاءها إلى التكهن بأن ثقافة تورفان ربما كانت على علاقة بالناس في بلاد ما بين النهرين، مما دفعهم إلى تضمين الزقورات في شكل منسوج. كما تكشف جوانب أخرى من السراويل عن تفاعلات بين ثقافات بعيدة بدءا من كازاخستان الحديثة وصولا إلى شرق آسيا.
في منطقة الركبتين، يبرز نمط من أشكال T المائلة والمتشابكة بشكل ملحوظ ونمط يشبه ما وُجد على حاويات برونزية من موقع عمره 3300 سنة في الصين وعلى فخار من موقع يعود عمره إلى 3800 و3000 سنة من مواقع في غرب سيبيريا، وهو نفس عمر السروال ولكن يفصل بينهما 3000 كيلومتر تقريبًا.
وأورد الموقع أنه تم تطوير تقنية حياكة النسيج التي تعطي القوة لركب السروال لأول مرة بواسطة النساجين في جنوب غرب آسيا. وربما نشأ قماش التويل، الذي يجعل بقية السراويل مرنة للغاية، في شمال غرب آسيا. لقد كان اختراع السراويل عبارة عن مزيج من تقنيات النسج المختلفة من ثقافات تفصل بينها آلاف السنين. وقد أتيحت الفرصة للنساجين من يانغهاي لإقامة هذا الاتصال بفضل الجغرافيا والرحالة.