هل يمكنك مصادقة 150 شخصا؟ | كم عدد الأصدقاء الذين نحتاجهم حقا؟ 🙄

pexels-archie-binamira-754769
CC0
  • سلمى بن براهيم
  • الجمعة، 27-05-2022
  • 09:35 ص
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقال رأي للكاتبة كاثرين بيرسون تحدّثت فيه عن عدد الصداقات المقربة التي يجب أن تكون لدينا خاصة وأن الأوضاع التي فرضها فيروس كوفيد-19 باعدت بين الناس بشكل كبير وخلقت فجوة كبيرة بينهم.

وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إن لديها صديقا مقربا أو اثنين وبعض الأشقاء الذين تود قضاء الوقت معهم هي وزوجها ولكن بسبب انشغالهما بتربية طفليهما وطبيعتها الانطوائية فإنها تشعر أن هذا العدد من الأصدقاء كثير بالنسبة إليها، بينما زوجها المنفتح ينبض بالحياة رفقة الأشخاص الآخرين. 

اظهار أخبار متعلقة



لسنوات، كانت الصداقة في أمريكا في حالة تدهور، وهو اتجاه تسارع أكثر خلال الوباء. في سنة 2021، قدّر استطلاع لمؤسسة غالوب أن 12 بالمئة من الأمريكيين ليس لديهم أصدقاء بعد أن كانت النسبة 3 بالمئة قبل ثلاثة عقود. بعد مرور سنة تقريبًا على انتشار الوباء، قالت 13 بالمئة من النساء و8 بالمئة من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و49 عامًا إنهم فقدوا الاتصال بمعظم أصدقائهم.

وأضافت الكاتبة أن هذا الوضع يخلف آثارا صحية، ذلك أن الصداقة تعد عاملاً مهمًا في الرفاهية، في حين أن الوحدة والعزلة الاجتماعية يمكن أن تترافق مع زيادة خطر الإصابة بحالات مثل الاكتئاب والقلق أو أمراض القلب والسكتة الدماغية. وقد خلص التحليل التلوي لسنة 2010 بقيادة جوليان هولت لونستاد، أستاذة علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة بريغهام يونغ في يوتا، إلى أن الشعور بالوحدة يضر بالصحة الجسدية مثل تدخين 15 سيجارة في اليوم.

اظهار أخبار متعلقة



وبينما تعترف الدكتورة هولت لونستاد وباحثي الصداقة الآخرين بعدم وجود دراسات كافية عالجت على وجه التحديد مسألة عدد الأصدقاء المناسب لكل شخص، فإن الدراسات التي عالجت هذا الموضوع تشير إلى أن العدد المناسب يتراوح بين ثلاثة وستة أصدقاء مقربين.

إلى ماذا خلص البحث؟

قال جيفري هول، أستاذ دراسات الاتصال بجامعة كانساس، إنه إذا كان هدفك ببساطة التخفيف من التأثير الضار الذي يمكن أن تحدثه الوحدة على صحتك، فالأمر الأكثر أهمية هو وجود شخص مهم واحد على الأقل في حياتك، سواء كان ذلك شريكًا أو والدًا أو صديقًا أو شخصًا آخر. وأضاف أنه "في حال كنت ترغب في عيش حياة ذات معنى وحياة تشعر فيها بالارتباط والتواصل مع الآخرين، فإن الحصول على المزيد من الأصدقاء هو الخيار الأفضل".

وأشارت الكاتبة إلى أن النظرية الأكثر شهرة حول عدد الأصدقاء الذين يمكن أن يكونوا في حياتنا تأتي من عالم النفس والأنثروبولوجيا البريطاني روبن دونبار، وتؤكّد النظرية التي أصبحت تعرف بـ "رقم دونبار" أن البشر قادرون إدراكيًا فقط على الحفاظ على حوالي 150 علاقة في وقت واحد، ويتضمن ذلك دائرة مقربة تتكون من حوالي خمسة أصدقاء مقربين، تليها دوائر أكبر متحدة المركز تشمل الأصدقاء غير الرسميين.

اظهار أخبار متعلقة



اقترحت إحدى الدراسات التي نشرت سنة 2016 أن الأشخاص الذين لديهم ستة أصدقاء أو أكثر قد شهدوا تحسنا في صحتهم طوال حياتهم، في حين وجدت دراسة أجرتها سوزان ديجيس وايت، أستاذة ورئيسة قسم الإرشاد والتعليم العالي بجامعة نورثرن إلينوي، أن النساء في منتصف العمر اللاتي كان لديهن ثلاثة أصدقاء أو أكثر يملن إلى التمتع بمستويات أعلى من الرضا العام عن الحياة.

أجرى الدكتور ديجيس-وايت مؤخرًا دراسة استقصائية على 297 شخصا بالغا - لم يتم نشرها ولم تخضع لمراجعة الأقران - وجدت أن 55 بالمئة من المشاركين يعتقدون أن اثنين أو ثلاثة أصدقاء مقربين هو العدد المثالي، بينما اعتقد 31 بالمئة أن الهدف هو أربعة أو ستة أصدقاء.

وذكرت الكاتبة أن مثل هذه الدراسات قد تكون صعبة لأن الصداقة والعلاقة الحميمة أمران شخصيان، ولا يوجد نطاق واسع يستخدمه الباحثون لوضع تفسير محدد لهذه المفاهيم. كما أنه من غير الواضح كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على كل هذا، حيث تشير الأبحاث إلى أن حجم الشبكة الرقمية الخاصة بالشخص قد لا يكون له أي تأثير ملموس على رفاهيته. ومع أن العديد من الصداقات قد تلاشت أثناء الوباء، وجد الكثير من الناس طرقا للتواصل عبر الإنترنت.

اظهار أخبار متعلقة


كيف تعرف ما إذا كنت بحاجة إلى المزيد من الأصدقاء؟

بينما تقدم أبحاث الصداقة بعض المعايير، قد يكون من المفيد لمعظم الأشخاص القيام ببعض البحث عن الذات أولا. تشير عالمة النفس ماريسا فرانكو إلى أن الوحدة نوعا ما إشارة أو إنذار خطر، إذ يشعر الجميع بالوحدة من حين لآخر، لكن السؤال الأعمق والأهم هو ما إذا كنت تشعر بانتظام بالإهمال أو العزلة، واقترح أحد الاستطلاعات الحديثة أن واحدًا من كل ثلاثة أمريكيين تقريبًا قد عانى من "وحدة خطيرة" أثناء الوباء.

وقالت الدكتورة فرانكو إنه من المفيد أيضًا أن تسأل نفسك ما إذا كنت تشعر أن هناك أجزاء من هويتك مقيدة، "وفي حال شعرت أن هويتك قد تقلصت نوعًا ما، أو لم تعد تشعر أنك كما كنت سابقا، فقد يشير ذلك إلى أنك بحاجة إلى مجموعة مختلفة من الأصدقاء".

اظهار أخبار متعلقة



وأضافت الكاتبة أن تكوين صداقات في مرحلة البلوغ ليس بالأمر السهل دائمًا، إذ تظهر الأبحاث أن السبب هو أن الناس يجدون صعوبة في الوثوق بأشخاص جدد، ولأن وقتهم مضغوط. ولهذه الأسباب، غالبًا ما يكون من الأسهل إعادة إحياء العلاقات القديمة التي تلاشت. 

وفي الختام، تنصح الكاتبة بالمبادرة في إنشاء العلاقات لكن بحكمة لأن قضاء الوقت مع الأصدقاء الذين تشعر بالتناقض معهم قد يكون مضرا بصحتك. علاوة على ذلك، يحظى مقدار الوقت الذي تقضيه بالفعل مع أصدقائك بأهمية بالغة، إذ أشارت أبحاث الدكتور هول إلى أن الصداقات الوثيقة تستغرق في المتوسط حوالي 200 ساعة لتتطور، مما يعني أن الكمية والجودة مهمان بنفس القدر.
شارك
التعليقات