سرعان ما انضم الكثير من أهالي محافظة أسوان، خاصة مدينة إدفو شمال المدينة، في مشاركة أبناء محافظتهم رحلة البحث عن الذهب التي تمتد أكثر من 220 كم من إدفو غربا وحتى مرسى علم على البحر الأحمر شرقا تتخللها سلسلة جبال عملاقة ووديان عميقة.
تغامر آلاف الأسر باشتغال الأباء والأبناء في عملية التنقيب عن الذهب بأدوات بدائية ووسائل تقليدية تضاعف من مشقة العمل من أجل الحصول على غرامات قليلة جدا من الذهب بعد جهود شاقة تمتد لأيام وأسابيع في قلب الصحراء والجبال.
منذ عام 2014، بحسب الحاج متولي شديد لـ"عربي21"، ازداد التضييق الأمني على الباحثين عن الذهب، بيد أنهم واصلوا عملهم دون توقف عبر مساحات شاسعة في الصحراء الشرقية.
وتولي الدولة اهتماما كبيرا بمسألة التنقيب عن الذهب في تلك المناطق التي يوجد بها واحد من أكبر المناجم في مصر، منجم السكري، الذي تمتلكه شركة أسترالية وتتقاسم إنتاجه مع الحكومة المصرية، ويعد المنجم الوحيد لإنتاج الذهب منذ عام 2010 بشكل تجاري في مصر.
زاد احتياطي المنجم بأكثر من مليون أوقية تمثل 23% من الاحتياطات المؤكدة، وفق الشركة المالكة لمنجم السكري، وتخطط الشركة لإنتاج 500 ألف أوقية من الذهب سنوياً في السنوات العشر المقبلة، والذي أنتج حوالي 5 ملايين أوقية من الذهب منذ افتتاحه.
يستدرك شديد: "رحلة البحث عن الذهب في جبال طريق إدفو – مرسى علم الممتد لأكثر من مئتي كيلو متر تتركز في بعض المناطق مثل البرامية وعتود وأم عود ومنطقة أسوان، وجبلي إيقات والجرف وغيرها، وينخرط فيها بعض الأسر والأقارب والأصدقاء، وهي عملية شاقة ومرهقة تحت أشعة الشمس الحارقة، ولكن بريق الذهب يخلب العقول".
وأضاف لـ"عربي21": "تقوم فكرة التنقيب عن البحث عن عروق بلون معين داخل الجبال، (حجر كوارتز خليط بالذهب) ونقوم أحيانا باستخدام حفار كبير إن تيسر توفيره، أو حفارات كهربائية أو يدوية للبحث عن ذلك العرق ويظل العمل في الحفر والتكسير لأيام من أجل نقل صخور يزن مجملها عدة أطنان، ومن ثم تحميلها بعربات نقل كبيرة من أجل طحنها".
مراحل فرز الذهب
يستكمل المعلم "طاحونة القناوي" كما يسمونه الحديث مشيرا إلى آلة طحن، قائلا: "هذه طاحونة الأحجار التي جاءت من الجبل وتطحن بغمرها في الماء وبعض أنواع الرمال لفترة طويلة ثم غربلتها وغسلها وهي موجودة في وادي عبادة والعدوة".
وعن كيفية استخلاص الذهب من كل هذه الأحجار المطحونة والمياه، يوضح طاحونة: "بعد ساعات من الطحن المستمر، يوجد قناة لصرف العناصر الخفيفة، أما الذهب فهو عنصر ثقيل ويستقر أسفل الطاحونة ثم تتم إضافة الزئبق بكمية معينة وهو من العناصر الثقيلة والتي تقوم بتجميع الذهب".
وتابع: "المرحلة الثالثة يتم جمع العناصر المستخلصة في حوض مياه ويتم غسلها ثم يوضع الزئبق في قطع قماش وعصره فينزل الزئبق ويتبقى الذهب كمعدن خام داخل قطعة القماش بعد عصرها، وتزن غرامات قليلة جدا".
أما فيما يتعلق بالمرحلة الأخيرة، وهي الحرق والسبك، يقول المعلم "عامر السباك" لـ"عربي21": "بعد استخلاص الذهب وتجميع الكميات التي تبدو في لون الرصاص يتم نقلها للمسبك من أجل حرقه وسبكه وغمره في مواد كيمائية معينة ثم وضعه في على جهاز خاص للكشف عن معدن الذهب لتحديد عيار السبيكة ووزنها، وأخيرا بيعها لتجار الذهب".
عند هذه النقطة تنتهي رحلة البحث عن الذهب العشوائي، مؤقتا، بعد أيام شاقة وصعبة ومهلكة في بعض الأحيان بسبب درجات الحرارة المرتفعة ونقص المياه ومخاطر انهيار الصخور على المنقبين وملاحقة عناصر الأمن ومصادرة المعدات، وبعد أيام تبدأ رحلة جديدة محفوفة بذات المخاطر الكبيرة.
تكثف السلطات المصرية جهودها للتنقيب عن الذهب وطرح رخص لشركات دولية مع تزايد ظهور الذهب، كما تواصل التضييق على الأهالي ومنعهم حيث تستعد شركة شلاتين للثروة المعدنية (تابعة للجيش) لطرح مزايدة عالمية للتنقيب عن الذهب والمعادن في صحراء مصر الشرقية، خلال الأسابيع المقبلة، بحسب موقع بلومبرج الاقتصادي.
وتملك الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية 35% من الشركة، بينما يحوز جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع على 34%، وبنك الاستثمار القومي 24%، والشركة المصرية للثروات 7%.
وتشمل المناطق المقرر طرحها، أو طرح جزء منها، في الصحراء الشرقية المناطق التي يعمل بها الأهالي مثل: حماطة، وأجزاء من منطقة العلاقي ومنطقة أم جرايات، وفاطيري، وجبل إيقات وجبل الجرف وجبل مسيح وجبل علبة ومنطقة أسوان، وحنجيلة وأم عود، وعتود، والبرامية.