لماذا لا تتذكر مولدك؟.. الإجابة: فقدان الذاكرة الطفولي

طفل طفلة مدرسة ذكاء - جيتي
يمكن للرضع أن يتذكروا وجوه أمهاتهم ويميزوها عن وجوه الغرباء- جيتي
  • عربي21- وائل صلاح
  • الثلاثاء، 14-06-2022
  • 07:29 م
نشر موقع "ساينتفيك أمريكان" تقريرًا قالت فيه الكاتبة فانيسا لوبي إنها عندما تقوم بالتدريس حول الذاكرة في فصل تنمية الطفل في جامعة روتجرز، تكتشف بأن تطلب من طلابها أن يتذكروا ذكرياتهم الأولى، حيث يتحدث بعض الطلاب عن أول يوم لهم في صف ما قبل الروضة؛ ويتحدث الآخرون عن وقت أصيبوا فيه بالضيق أو الأذى؛ ويستشهد البعض باليوم الذي ولد فيه شقيقهم الأصغر.

وأوضح الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي 21"، إنه على الرغم من الاختلافات الشاسعة في التفاصيل، فإن هذه الذكريات تشترك في شيئين وهما: أنها جميعها سيرة ذاتية، أو ذكريات عن تجارب مهمة في حياة الشخص، وأنها عادةً لم تحدث قبل سن الثانية أو الثالثة؛ حيث إنه في الحقيقة لا يستطيع معظم الناس تذكر الأحداث التي وقعت في السنوات القليلة الأولى من حياتهم، وهي ظاهرة أطلق عليها الباحثون اسم فقدان الذاكرة الطفولي، ولكن لماذا لا نتذكر الأشياء التي حدثت لنا عندما كنا أطفالًا؟ وهل تبدأ الذاكرة بالعمل فقط في سن ما؟؛ إليك ما يعرفه الباحثون عن الأطفال والذاكرة:

يمكن للأطفال تكوين الذكريات

وأشار الموقع إلى أنه على الرغم من حقيقة أن الناس لا يستطيعون تذكر الكثير قبل سن الثانية أو الثالثة؛ إلا أن الأبحاث تشير إلى أن الأطفال يمكنهم تكوين ذكريات، ولكن فقط ليست الذكريات التي تخبرها عن نفسك، ففي غضون الأيام القليلة الأولى من الحياة؛ يمكن للرضع أن يتذكروا وجوه أمهاتهم ويميزوها عن وجوه الغرباء، وبعد بضعة أشهر؛ يمكنهم إثبات أنهم يتذكرون الكثير من الوجوه المألوفة من خلال الابتسام أكثر للوجوه التي يرونها في أغلب الأحيان.

وأوضح الموقع أن هناك الكثير من أنواع الذكريات المختلفة إلى جانب تلك التي تعد سيرة ذاتية، فهناك ذكريات دلالية، أو ذكريات حقائق، مثل أسماء أنواع مختلفة من التفاح، أو عاصمة دولتك، وهناك أيضًا ذكريات إجرائية أو ذكريات عن كيفية القيام بعمل ما، مثل فتح الباب الأمامي أو قيادة السيارة.

اظهار أخبار متعلقة



وبيّن الموقع أن البحث الذي أجراه مختبر عالمة النفس كارولين روفي كوليير في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وأظهر أن الأطفال الرضع يمكنهم تكوين بعض هذه الأنواع الأخرى من الذكريات منذ سن مبكرة، إلا أنهم بالطبع لا يستطيعون إخبارك بالضبط بما يتذكرون؛ لذلك كان مفتاح بحث روفي كوليير من أجل تقييم ذكرياتهم على مدى فترة طويلة هو ابتكار مهمة كانت حساسة بالنسبة لأجسام وقدرات الأطفال المتغيرة بسرعة.

وأضاف الموقع أنه في الإصدار المخصص للرضع الذين تتراوح أعمارهم بين شهرين و6 أشهر، يضع الباحثون رضيعًا في سرير أطفال به هاتف محمول معلق فوقه، ثم يقيسون مقدار ركلات الطفل للحصول على فكرة عن ميلهم الطبيعي لتحريك أرجلهم، وبعد ذلك، يربطون خيطًا من رجل الطفل إلى نهاية الهاتف المحمول، بحيث يتحرك الهاتف المحمول عندما يركل الطفل، وكما قد نتخيل، يتعلم الأطفال بسرعة أنهم يتحكمون فيه حيث يحبون رؤية حركة الهاتف فيركلون أكثر مما كان عليه قبل ربط الخيط بساقهم، مما يدل على أنهم

تعلموا أن الركل يجعل الهاتف المحمول يتحرك.

ويتابع الموقع مبينًا أن الأمر قد يكون مشابهًا في إصدار الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و18 شهرًا، ولكن بدلًا من الاستلقاء في سرير الأطفال - وهو ما لن تفعله هذه الفئة العمرية لفترة طويلة - يجلس الرضيع في حضن والديه ويداه على رافعة تجعل القطار يتحرك في نهاية المطاف حول مسار، في البداية لا تعمل الرافعة، ويقيس الباحثون مقدار الضغط الطبيعي الذي يضغط به الطفل، بعد ذلك، يقومون بتشغيل الرافعة، والآن في كل مرة يضغط الرضيع عليها، سيتحرك القطار حول مساره، ومرة أخرى يتعلم الأطفال اللعبة بسرعة، ويضغطون على الرافعة بشكل ملحوظ عندما يتحرك القطار.

اظهار أخبار متعلقة



ويلفت الموقع إلى أن أذكى جزء من هذا البحث هو أنه بعد تدريب الأطفال على إحدى هذه المهام لبضعة أيام، اختبرت روفي كوليير لاحقًا ما إذا كانوا يتذكرونها أم لا، وعندما عاد الأطفال إلى المختبر، أظهر لهم الباحثون ببساطة الجهاز المحمول أو القطار وقاموا بقياس ما إذا كانوا لا يزالون يركلون ويضغطون على الرافعة، وباستخدام هذه الطريقة؛ وجدت روفي كوليير وزملاؤها أنه إذا دُرِّب الرضع بعمر ستة أشهر لمدة دقيقة واحدة، يمكنهم تذكر حدث بعد يوم واحد، وكلما كان الأطفال الأكبر سنًا، كلما طالت مدة تذكرهم، كما وجدت أيضًا أنه يمكنك جعل الأطفال يتذكرون الأحداث لفترة أطول من خلال تدريبهم لفترات أطول، ومن خلال إعطائهم ما يذكرهم، من خلال إظهار الهاتف المتحرك لفترة وجيزة جدًا على سبيل المثال.

لماذا لا الذكريات ذاتية؟

وأوضح الموقع أنه إذا كان بإمكان الأطفال تكوين ذكريات في الأشهر القليلة الأولى من حياتهم، فلماذا لا يتذكر الناس أشياءً من تلك المرحلة المبكرة من الحياة؟

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الناس يعانون من فقدان الذاكرة الطفولي لأننا لا نستطيع تكوين ذكريات السيرة الذاتية، أو ما إذا كان ليس لدينا طريقة لاستعادتها، لا أحد يعرف على وجه اليقين ما الذي يحدث، لكن العلماء لديهم بعض التخمينات: الأول هو أن ذكريات السيرة الذاتية تتطلب منك بعض الإحساس بالذات؛ حيث يجب أن تكون قادرًا على التفكير في سلوكك وفيما يتعلق بكيفية ارتباطه بالآخرين، وقد اختبر الباحثون هذه القدرة في الماضي باستخدام اختبار التعرف على المرآة والذي يسمى اختبار أحمر الشفاه، والذي يتضمن وضع علامة على أنف الطفل ببقعة من أحمر الشفاه أو أحمر الخدود، وبعد ذلك يضع الباحثون الرضيع أمام مرآة.

وأفاد الموقع بأن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهرًا يبتسمون فقط للطفل اللطيف في انعكاس الضوء، ولا يظهرون أي دليل على أنهم يتعرفون على أنفسهم أو العلامة الحمراء على وجوههم، بينما كان الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و24 شهرًا يلمسون أنوفهم حتى أنهم كانوا يبدون محرجين، مما يوحي بأنهم يربطون النقطة الحمراء في المرآة بوجههم؛ فلديهم بعض الإحساس بالذات.

اظهار أخبار متعلقة



وأفاد الموقع بأن التفسير الآخر المحتمل لفقدان الذاكرة الطفولي هو أن الأطفال الرضع لا يمتلكون لغة حتى وقت لاحق في السنة الثانية من العمر؛ لذلك لا يمكنهم تكوين روايات عن حياتهم الخاصة يمكنهم تذكرها لاحقًا، و أخيرًا أن المنطقة المسؤولة إلى عن الذاكرة في الدماغ والتي تسمى الحصين، لا يتم تطويرها بالكامل في فترة الرضاعة.

واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن العلماء يستمرون في التحقيق في كيفية مساهمة كل من هذه العوامل في سبب عدم قدرتك على تذكر الكثير، إن وجد، عن حياتك قبل سن الثانية.
شارك
التعليقات