نشر موقع "هيلث لاين" الأمريكي تحدث فيه عن ظاهرة "الديجافو" التي توصف بأنها إحساس غريب بأنك سبق أن اختبرت شيئا مثله بالفعل، بينما تعلم جيدا أن ذلك لم يحدث أبدا، مثل استكشاف مدينة جديدة لأول مرة، والشعور بأنه سبق لك أن زرت أحد معالمها.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن ظاهرة ديجافو قد تصاحبها نوبات لدى الأشخاص المصابين بالصرع، إلا أنها تحدث أيضا عند الأشخاص الذين لا يعانون من أي مشاكل صحية. ولا يوجد دليل قاطع على مدى شيوعها في الواقع، لكن التقديرات المختلفة تشير إلى أن ما بين 60 و80 بالمئة من السكان يعانون من هذه الظاهرة.
وفي حين أن ظاهرة ديجافو شائعة إلى حد ما، خاصة بين الشباب، إلا أن الخبراء لم يحددوا سببا واحدا لها. ومع ذلك، فإن الخبراء لديهم بعض النظريات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة.
ما الذي يسببها؟
ذكر الموقع أنه لا يمكن للباحثين دراسة ظاهرة ديجافو بسهولة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تحدث دون سابق إنذار وغالبًا لدى أشخاص ليس لديهم مشاكل صحية. وتميل تجارب الديجافو إلى الانتهاء بأسرع مما يمكن أن تبدأ. قد يكون الإحساس عابرًا لدرجة أنك إذا كنت لا تعرف الكثير عن الديجافو فقد لا تدرك حتى ما حدث للتو. قد تشعر بالارتباك بعض الشيء ولكن سرعان ما تتجاهل هذه التجربة.
يقترح الخبراء عدة أسباب مختلفة للديجافو ويتفق معظمهم على الأرجح على أنها تتعلق بالذاكرة بطريقة ما. وفيما يلي بعض النظريات المقبولة على نطاق واسع.
انقسام الإدراك
تقترح نظرية انقسام الإدراك أن الديجافو تحدث عندما ترى شيئًا في وقتين مختلفين. في المرة الأولى التي رأيت فيها ذلك الشيئ ربما كان بطرف عينك أو تشتت انتباهك. وفي هذه الحالة، يمكن لعقلك أن يبدأ في تكوين ذاكرة لما تراه حتى مع الكم المحدود من المعلومات التي تحصل عليها من لمحة موجزة وغير مكتملة. لذلك، قد تحصل بالفعل على أكثر مما تدرك. وإذا لم تشغل رؤيتك الأولى لشيء ما، مثل المنظر من جانب التل، أو انتباهك الكامل، فقد تعتقد أنك تراه للمرة الأولى.
بعبارة أخرى، نظرًا لأنك لم تمنح التجربة انتباهك الكامل في المرة الأولى سيبدو الأمر وكأنك تعيش حدثين مختلفين، لكنّه في الحقيقة مجرّد تصوّر واحد مستمر لنفس الحدث.
اضطراب بسيط في وظائف الدماغ
تشير نظرية أخرى إلى أن الديجافو يحدث عندما يحدث خلل في دماغك - إذا جاز التعبير - على غرار ما يحدث أثناء نوبة الصرع. يمكن أن يحدث ذلك بسبب نوع من الخلط عندما يكون جزء الدماغ المسؤول عن تتبع الأحداث الحالية وجزء الدماغ المسؤول عن استحضار الذكريات نشطين.
ويعتقد بعض الخبراء أن نوعًا آخر من الخلل الوظيفي في الدماغ قد يسبب هذه الظاهرة. عندما يمتص عقلك المعلومات، فإنه يتبع بشكل عام مسارًا محددًا من تخزين الذاكرة قصيرة المدى إلى تخزين الذاكرة طويلة المدى. وتقترح النظرية أنه في بعض الأحيان، يمكن للذكريات قصيرة المدى أن تأخذ طريقًا مختصرا للذاكرة طويلة المدى. يمكن أن يجعلك هذا تشعر كما لو كنت تستعيد ذكرى قديمة بدلاً من شيء حدث في الثانية الأخيرة.
وتطرق الموقع إلى نظرية أخرى تشير إلى حدوث المعالجة المتأخرة، حيث أن أحد هذه الطرق ينقل المعلومات إلى عقلك بسرعة أكبر قليلاً من الآخر. قد يكون هذا التأخير ضئيلًا للغاية مع مرور الوقت القابل للقياس، لكنه لا يزال يقود عقلك لقراءة هذا الحدث الفردي على أنه تجربتان مختلفتان.
استرجاع ذكرى
يعتقد العديد من الخبراء أن الديجافو له علاقة بالطريقة التي يعالج بها الدماغ الذكريات ويستحضرها. ساعد البحث الذي أجرته آن كليري، باحثة ديجافو وأستاذة علم النفس في جامعة ولاية كولورادو، في توليد بعض الدعم لهذه النظرية. من خلال عملها، وجدت دليلًا يشير إلى إمكانية حدوث ديجافو ردًا على حدث يشبه شيئًا عايشته ولكنك لا تتذكره ربما حدث ذلك في الطفولة أو لا يمكنك تذكره لسبب آخر.
أوضح الموقع أن العملية التي تشمل الذاكرة الضمنية تؤدي إلى شعور غريب نوعًا ما بالألفة. أما إذا كان بإمكانك استحضار الذكرى المماثلة، ستتمكن من ربط الاثنين ومن المحتمل ألا تواجه الديجافو على الإطلاق. وفقًا لكليري، يحدث هذا عادةً عندما ترى مشهدًا معينًا مثل داخل مبنى أو بانوراما طبيعية يكون مشابهًا جدًا لمشهد لا تتذكره.
اقرأ أيضا: يمكن لدماغك أن يخدعك | هل يمكنك معرفة الجسم المخبأ داخل الصورة التالية؟ 😵
تفسيرات أخرى
أشار الموقع إلى مجموعة أخرى من التفسيرات، التي تتضمن الاعتقاد بأن الديجافو مرتبطة بنوع من التجربة النفسية، مثل تذكر شيء مررت به في حياة سابقة أو في حلم. قد تصف الثقافات المختلفة التجربة بطرق مختلفة أيضًا. ونظرًا لأن كلمة "ديجافو" هي كلمة فرنسية تعني "تمت رؤيته سابقا"، فقد تساءل مؤلفو دراسة نشرت في سنة 2015 عما إذا كانت التجربة الفرنسية للظاهرة ستختلف، حيث يمكن للأشخاص الذين يتحدثون الفرنسية أيضًا استخدام المصطلح لوصف تجربة أكثر واقعية لرؤية شيء ما من قبل.
لم تسلط النتائج التي توصلوا إليها أي ضوء على الأسباب المحتملة للظاهرة، لكنهم وجدوا أدلة تشير إلى أن المشاركين في الدراسة الفرنسية كانوا يميلون إلى معايشة تجربة "ديجافو" أكثر إزعاجًا من المشاركين الناطقين باللغة الإنجليزية.
متى يجب القلق؟
غالبًا لا يوجد سبب خطير لـ"ديجافو"، ولكنها يمكن أن تحدث قبل نوبات الصرع أو أثناءها. يدرك العديد من الأشخاص الذين يعانون من النوبات أو أحد أحبائهم ما يحدث بسرعة كبيرة. ولكن على الرغم من شيوع النوبات البؤرية، إلا أنه لا يمكن التعرف عليها دائمًا على أنها نوبات. تبدأ النوبات البؤرية في جزء واحد فقط من الدماغ، على الرغم من إمكانية انتشارها، كما أنها قصيرة جدًا.
يمكن أن تستمر لمدة دقيقة أو دقيقتين أو تنتهي بعد بضع ثوانٍ فقط. لن تفقد وعيك وقد يكون لديك وعي كامل بمحيطك. ولكن قد لا تكون قادرًا على الرد أو الاستجابة، لذلك قد يفترض الآخرون أنك تركز على شيء آخر أو تحدق في الفضاء تائهًا في التفكير.
تحدث ظاهرة الديجافو عادة قبل النوبة البؤرية. قد يواجه الشخص أيضًا أعراضًا أخرى، مثل:
الوخز أو فقدان السيطرة على العضلات.
اقرأ أيضا: لماذا لا يشعر الدماغ بالألم؟.. ماذا لو أصيب كيف سنعرف؟ 🤔
الاضطرابات الحسية أو الهلوسة، بما في ذلك تذوق أو شم أو سماع أو رؤية أشياء غير موجودة.
تكرار الحركات اللاإرادية، مثل الترميش أو الشخير.
إذا كنت قد عانيت من أي من هذه الأعراض، أو كنت تعاني من ظاهرة ديجافو بانتظام (أكثر من مرة في الشهر)، ينصح الموقع باستشارة طبيب لاستبعاد أي أسباب كامنة.
قد يكون ذلك أحد أعراض الخرف، حتى أن بعض الأشخاص الذين يعانون من الخرف قد يخلقون ذكريات كاذبة من مصدر موثوق ردًا على التجارب المتكررة للديجافو. وبما أن الخرف مرض خطير، من الأفضل التحدث إلى طبيبك عن أي أعراض تظهر عليك أو لدى أحد أفراد أسرتك على الفور.