ولا يكاد يخلو شارع في مدينة مصرية أو ناحية في قرية من شوادر بيع حلوى المولد النبوي الشريف، التي تبيعها جميع محلات البقالة والسوبر ماركت، ومحلات الحلويات الشرقية الشهيرة، والمولات التجارية الكبرى.
ولم لا وهي الإرث الشعبي والتاريخي الذي يضرب بجذوره عبر التاريخ، وينتظره المصريون من العام إلى العام، يترقبون عودة أجمل أنواع الحلويات بين الملبن، والبندق، والسودانية، والسمسمية، والحمصية وغيرها من التي يعشقها المصريون ويتهادون بها ويرصدون الميزانيات لشرائها.
تكافل اجتماعي
احتفال المصريون بالمولد النبوي الشريف أجمل فيه أنه عادة اجتماعية ثابتة تمثل حالة من أفضل حالات التكافل الاجتماعي الإسلامي، إذ تمثل علبة حلاوة المولد هدية كل أب لبيته، وكل أسرة للأقارب، وكل شاب مقبل على الزواج لمخطوبته.
حتى أن المسيحيين في مصر، ينتظرون هذه المناسبة السنوية، ولا يفوتونها دون شراء علبة أو اثنتين من الحلوى.
يقول الشاب بكر: "قدمت منذ أيام دبلة الخطوبة لفتاة أرغب في الزواج منها، وأستعد لزياة عائلية إليها تكون علبة حلاوة المولد النبوي هي الهدية فيها"، موضحا لـ"عربي21 لايت"، أن "سعر العلبة لن يقل عن 500 جنيه".
انتعاش لهؤلاء
ورغم أن مولد النبي يأتي هذا العام في ظل ظروف اقتصادية صعبة، إلا أنها أصبحت قاعدة راسخة لا تغيرها الأحوال الصعبة ولا تنال منها الأوضاع الاقتصادية ولا الفقر، بل إنها تعيد بعض الانتعاش الاقتصادي لقطاع عريض يعمل بها.
بالفعل يمثل هذا الاحتفال مناسبة سنوية وفرصة لتحقيق بعض المصريين بعض المكاسب من تصنيع وبيع وتجارة ونقل الحلوى.
وتقول هناء، صاحبة إحدى محال بيع الحلوى في شارع القيثارية التجاري بمدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، لـ"عربي21 لايت": "أنتظر وزوجي المواسم الدينية لتحقيق بعض المكاسب المالية".
وأوضحت أنها في موسم شهر رمضان تبيع الفوانيس والزينة، وفي عيد الفطر والأضحى، لعب الأطفال، وفي المولد النبوي، تقوم ببيع حلوى المولد.
عن الاختلاف بين نوعية حلوى المولد في السنوات الأخيرة عن عهدها السابق، أكدت أنه "قبل 20 عاما كانت العروسة والجمل هما العنصر الأساسي في حلوى المولد، ولكنها مع ظهور أنواع أخرى عديدة وتراجع الطلب عليها قلت بشكل لافت".
فرحة للجميع
ويشتري كل واحد في مصر حلوى المولد التي تناسب ميزانيته، فتبدأ الأسعار من 60 جنيها للكيلو الواحد وهي ما يشتريه أغلب أصحاب الدخل المحدود، إلى 4200 جنيها للنوعيات الفاخرة التي يشتريها الأغنياء.
يقف الرجال والسيدات أمام محل "أبو عمار" الشهير في مدينة منيا القمح، من الصباح الباكر، حتى يفتح المحل أبوابه أمام زبائنه، لينتقوا ما يرغبون من أنواع حلوى المولد.
إحدى السيدات، قالت لـ"عربي21 لايت": "مهما ارتفع سعر حلوى المولد لا يمكن الاستغناء عنها، ومهما كانت ظروفنا المادية فنحن مجبرون على شرائها".
وأوضحت أن لها 4 بنات، متزوجات، "لكل واحدة منهن علبة 3 كيلو هدية لابد منها ونحرص عليها كل عام".
وأشارت إلى أن العلبة "بنحو 200 جنيه، يعني 800 جنيه للبنات فقط، إلى جانب علبة لي ولأولاد إبني، يعني 1000 جنيه".
أحد العاملين في المحل، شاب صغير السن قال إن "الإقبال كبير، وبمجرد فتح المحل نظل حتى الليل، لا ينقطع الزبائن، الذين يحرصون على الشراء من هنا حيث أقل الأسعار في السوق".
وأوضح أن "هذه حلوى شعبية للفقراء يتم تصنيعها محليا في مصانع صغيرة تعمل قبل المولد بفترة لتلبية رغبة الزبون، ولكن في مناطق راقية هناك علبة حلوى يصل سعرها إلى 4 آلاف جنيه".
وفي رصد لأسعار حلوى مولد النبي بأرقى محلات الحلويات في القاهرة، قام به موقع "الوطن" المحلي، أكد أن أسعار العلب بمحلات "العبد"، و"لابوار"، و"إيتوال"، ما بين 55 و1400 جنيها في الأول، و240 إلى 4200 جنيها بالثاني، ومن 55 حتى 2400 جنيها بالثالث، بحسب، نوعية العلب والحلويات.