ما هو "صندوق الطفل" في اليابان.. ولماذا يثير الجدل؟ 😮

GettyImages-1166919843
جيتي
  • أميمة محمد
  • الجمعة، 30-09-2022
  • 12:34 م
نشر موقع "تي آر تي وورلد" التركي تقريرًا تحدث فيه عما يُعرف في اليابان بـ "صندوق الطفل"، وهو مركز يقع في مدينة كوماموتو جنوب اليابان حيث يقوم الآباء بالتخلي عن أطفالهم دون الكشف عن هويتهم، وقد أثير نقاش جديد حول الهدف من وجوده.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إن "صندوق الطفل" الأول والوحيد في اليابان تأسس في سنة 2007 من قبل مستشفى جيكي للتعامل مع التزايد المقلق في نسب التخلي عن الأطفال في جميع أنحاء البلاد، وكان بين الحالات رضيع تُرك في مرحاض أحد مراكز التسوق.

اظهار أخبار متعلقة



وذكر الموقع أن الآباء والأمهات الذين لا يستطيعون تقديم الرعاية الكافية لأطفالهم، عادةً حديثي الولادة، يحضرون أطفالهم إلى هذا المركز من خلال وضعه في فتحات في شكل باب على جدار خارجي يُفتح على سرير يكون مجهزَا للحفاظ على دفء الرضيع، ثم تنبه أجهزة الاستشعار طاقم المستشفى عند وضع طفل في داخله. وبعضها مصمم لمنع فتحها من الخارج بمجرد وضع طفل في داخلها.

وحسب المستشفى الياباني، فإنه من خلال توفير مكان آمن لترك هؤلاء الأطفال يمكن إنقاذ حياة أطفال أبرياء، الذين يتم إرسالهم في النهاية إلى مؤسسات أخرى أو دور الرعاية للتبني.

وأورد الموقع أنه لم يسبق لأحد هؤلاء الأطفال أن تحدث علنًا عن تجربته في "صندوق الطفل" إلا مؤخرًا، حيث تحدث شاب يدعى كويتشي مياتسو - تركه والداه في الصندوق عندما كان طفلاً صغيرًا - عن فضل هذا النظام عليه وكيف سمح له ببدء حياة جديدة.

اظهار أخبار متعلقة



وقال مياتسو "أنا مدين بما أنا عليه اليوم لصندوق الطفل"، مشيرا إلى أنه لا يزال يحتفظ بالملابس التي كان يرتديها عندما تُرك في المستشفى كذكرى مهمة عن طفولته.

كان مياتسو من بين أوائل الأطفال الذين تركوا في الصندوق قبل فترة وجيزة من تبنيه. والآن، يعمل الشاب البالغ من العمر 18 عامًا في كنيسة محلية لتوفير وجبات مجانية للأطفال المحتاجين. رغم قصة نجاحه، فإن مفهوم صندوق الطفل لا يخلو من الجدل. ويقول النقاد إنه بدلاً من مكافحة هذه الظاهرة، فإن توافر صندوق الأطفال يحفز على التخلي عن الرضع، كما قد يسيء بعض الناس استخدام النظام لأسباب أنانية معرضين الأطفال لمخاطر صحية.

ونقل الموقع عن الكاتبة أميلي مارمينليند من مجلة متروبوليس اليابان قولها إن "النظام الذي يسمح بشكل أساسي للآباء بالتخلي عن دورهم وأطفالهم دون الكشف عن هويتهم يثير تساؤلات حول الأخلاقيات والأولويات المالية وما يُعتقد أنه في مصلحة الطفل". كما قاوم سياسيون مثل رئيس الوزراء السابق شينزو آبي وأغلبية وزرائه هذا البرنامج، حيث قال آبي "لن أسامح أبدًا هؤلاء الآباء والأمهات الذين يتخلون عن أطفالهم دون الكشف عن هوياتهم".

اظهار أخبار متعلقة



يشبه نظام صندوق الطفل، الذي يسمى "مهد اللقلق الأبيض" باللغة اليابانية، البرامج والخدمات المماثلة الموجودة في بلاد أخرى، مثل باكستان وألمانيا والتشيك وبولندا وكذلك في سويسرا والمجر وإيطاليا، ولاتفيا وليتوانيا والبرتغال وسلوفاكيا، المتاحة عادةً في المستشفيات أو المؤسسات الاجتماعية أو الكنائس.

وأشار الموقع إلى أن هذا النظام تشوبه مشكلة عدم الوضوح القانوني حيث تتغير جوانبه القانونية من بلد لآخر. وأبرز مجال للجدل هو سرية الولادة حيث يُسمح للنساء بعدم التسجيل عند الولادة. ويقول المؤيدون إن هذا البرنامج يُقدم ملاذًا أخيرًا للأطفال المتروكين عوضًا عن بدائل مأساوية مثل قتل الرضيع. ويري مدير المستشفى السويسري ساندرو فوادا أنه يجب أن ينظر للموضوع بشكل عملي، فالتخلي عن الأطفال حديثي الولادة موجود بالفعل، وإذا ساعدت هذه البرامج في إنقاذ حياة واحدة، فإن الأمر يستحق الجهد.

اظهار أخبار متعلقة



 ولكن يجادل النقاد بأن الولادات المجهولة تنتهك حق الطفل في معرفة هوية والديه البيولوجيين، مستشهدين بالمادة 7 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لسنة 1989 التي تنص على أنه يجب أن يكون للطفل "قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه والحصول على رعايتهما". ورغم اختفاء النظام الذي كان منتشرًا في العصور الوسطى في أوروبا، تم إنشاء أكثر من 200 صندوق طفل عبر القارة في العقد الماضي. ووفقًا لخبراء حقوق الإنسان فقد تم التخلي عن أكثر من 400 طفل في هذه الصناديق ما بين 2000 و2012.

أوضحت ماريا هيركزوج، عضوة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وعالمة نفس الأطفال من المجر: "تمامًا مثلما كان يحدث في العديد من البلدان في العصور الوسطى، نرى أشخاصًا يدّعون أن صناديق الأطفال تمنع قتل الأطفال".

يقول النقاد إن الولادات المجهولة تهمل الوفاء بالالتزام الأساسي للوالدين البيولوجيين بتربية طفلهما وقد يؤدي لتجاهل حقوق أحد الوالدين إذا قام الطرف الآخر أو أحد الأقارب، بتسليم الطفل دون موافقته. وقال كيفن براون عالم النفس بجامعة نوتنغهام: "تظهر الدراسات في المجر أن التخلي عن الأطفال لا يكون بالضرورة من طرف الأم - يمكن أن يفعلها أحد الأقارب، أو الأب أو زوج الأم".

اظهار أخبار متعلقة



أضاف نقاد آخرون أن صناديق الأطفال، على الرغم من أنها بدأت بنوايا حسنة، إلا أنها غير كافية لمكافحة التخلي عن الأطفال وحماية النساء الضعيفات، داعين إلى تفكيكها وإلى المزيد من الخطط طويلة الأجل لمكافحة جذور القضية مثل التعليم للتعريف بأنظمة رعاية الأطفال الاجتماعية ومنع الحمل غير المرغوب فيه ومواجهة ارتفاع تكلفة رعاية الأطفال.

ورغم الانخفاض القياسي لمعدلات المواليد في اليابان (1.36 ولادة لكل امرأة في سنة 2019 وفقًا للبنك الدولي) إلا أن عدد الأطفال الذين تم التخلي عنهم مرتفع بشكل مقلق. ومع أن غالبية الآباء اليابانيين عبروا عن رغبتهم في إنجاب المزيد من الأطفال، فقد استشهدوا بتكلفة رعاية الأطفال باعتبارها السبب الرئيسي وراء إحجامهم، وذلك وفقًا لمسح أجرته جامعة طوكيو في سنة 2018.

اظهار أخبار متعلقة



ووفقًا لمعلومات الرعاية الصحية اليابانية، يمكن أن تكلف الولادة في المستشفى وحدها ما يصل إلى مليون ين. لذلك، يرى مستشفى جيكي أن نظام صناديق الأطفال يمكن أن يساعد العائلات غير المستقرة مالياً التي لا تملك خيارًا آخر.

يعمل صندوق الأطفال الياباني منذ أيار/ مايو 2007، وقد استقبل 161 رضيعًا وطفلًا منذ ذلك الوقت. ويُعتقد أن أكثر من نصف الأطفال الذين تركوا في الفتحة ولدوا في المنزل دون مساعدة طبية وأن العديد من أمهاتهم واجهن الفقر، وذلك وفقًا لتقرير جابان تايمز. ووفقًا لتقرير صدر سنة 2012، من الأسباب الرئيسية للتخلي عن طفل في الصندوق في اليابان هو الفقر، ورفض عائلة الأم أو الأب تربيتهم الطفل، والإنجاب خارج إطار الزواج، وكذلك الاضطرابات العقلية للوالدين.
شارك
التعليقات