من يحتاج إلى أدوات المائدة؟ | تعرف إلى متعة الطعام عندما تأكل بيديك 🖐

mansaf-jordanian-X3
migrationology.com
  • عربي21 لايت
  • الأربعاء، 05-10-2022
  • 07:39 م
 نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقال رأي للكاتبة شهنار أحسان تحدثت فيه عن عادة الأكل باليد مباشرة في العديد من الثقافات، انطلاقًا من تجربتها الشخصية كبريطانية من أصول بنغلاديشية.

وقالت الكاتبة، في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن الأكل بالأصابع في الغرب تحوّل من شيء مستهجن وغير مقبول إلى تجربة شائعة. وهي شخصيًا كانت قلقة عندما قدمت خطيبها لعائلتها لأول مرة. وفي أول وجبة عائلية معًا، تجاهل السكين والشوكة الموضوعة له - أدوات المائدة الوحيدة على الطاولة - وخلط بإصرار الأرز المبخر و حساء العدس الأصفر بأصابعه. لحسن الحظ، كان سريع التعلم ورغم طمأنته أنه يمكنه استخدام شوكة إذا كان يفضل ذلك ولكنه أصر بجرأة على الأكل بيده.



اظهار أخبار متعلقة



وأشارت الكاتبة إلى أن الأكل بالأصابع في الغرب تحول من المحظورات أو نوع من سوء آداب المائدة، إلى فئة كاملة من الطهي وهو "طعام الأصابع". ومن الطبيعي تناول بعض الأطعمة مثل البرغر باليدين، وقد يعتبر تناول البيتزا بالسكين والشوكة من التكلف الزائف. ولكن لا يزال هناك فرق واضح؛ لا أحد يأكل دجاج تكا ماسالا مع الأرز بالأيدي في المطاعم (باستثناء عدد قليل من المطاعم في أجزاء من شرق لندن، حيث يتم تركيب أحواض خاصة لرواد المطعم البنغلاديشيين الذين يرغبون في غسل أيديهم قبل تناول الطعام وبعده).

ولكن لبعض الوقت، كان يُنظر إلى تناول الطعام باليد على أنه ثوري إلى حد ما. وقد تحدثت الروائية سيلفيا بلاث في أحد أعمالها عن شعور الحرية في استخدام الأصابع لتناول السلطة، وكيف اكتشفت - بعد الكثير من القلق الشديد بشأن نوع الملاعق يجب استخدامها - أنه إذا فعلت شيئًا غير صحيح على الطاولة، لن يعتقد أحد أنك سيء السلوك أو سيئ التنشئة، بل سيعتقدون أنك أصلي وذكي.

اظهار أخبار متعلقة



وأضافت الكاتبة أنه من غير المستغرب أن يكون الانبهار بالطريقة "الصحيحة" لآداب الطاولة متبادلًا. كان جدها يمتلك مطعمًا هنديًا بنغلاديشيًا في مانشستر في سبعينيات القرن الماضي، وكان مصراً على أن يتعلم أطفاله وأحفاده الاستخدام الصحيح للشوكة والسكين. وبالفعل، كانت شديدة الامتنان لإصرار جدها عندما بدأت دراستها في جامعة أكسفورد، بعد ما يقارب العقد من وفاته، حيث وجدت نفسها تتنقل بثقة بين أدوات المائدة الموضوعة على تلك الطاولات الكبيرة في القاعة الرسمية.

وأوضحت الكاتبة أنه مثلما توجد آداب لاستخدام الشوكة والسكين، فإن تناول الطعام باليد له آدابه أيضا التي تقوم على قواعد مشتركة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا أولها وأهمها غسل اليدين قبل الأكل. ومن أقصى درجات الضيافة إحضار إبريق وحوض ماء إلى الطاولة، حيث يسكب المضيف الماء على أيدي الضيوف.

اظهار أخبار متعلقة



وتذكر الكاتبة أنها عندما كانت طفلة، لم تستطع أن تفهم سبب إحضار حوض وإبريق للضيوف لغسل أيديهم على الطاولة في منزل جدها في مانشستر رغم وجود مطبخ ومياه جارية. وقد أدركت لاحقًا المغزى من هذه العادة والمكانة الممنوحة للضيوف في مثل هذه الثقافات.

ومع أن الحرص على غسل اليدين في بداية كل وجبة عادة حميدة، إلا أن الكاتبة تقرّ بأنها كانت تشعر بالغثيان - ولا تزال - عندما يتم تقديم حوض وإبريق للزوار لغسل أيديهم عند الانتهاء من الأكل لأن مياه غسل اليدين تكون منتشرة حول الوعاء وملوثة بالكركم وحبات الأرز الطافية فوقه. لذلك، تعتقد أنه من الأفضل استخدام مغسلة وحنفية في نهاية كل وجبة.

وأضافت الكاتبة أن القاعدة الثانية للأكل باليدين هي أن الطعام لا يلمس إلا باليد اليمنى. وهذا الأمر شائع بغض النظر عن العقيدة أو الطعام - سواء كان الغذاء يتكون من الخبز أو الأرز أو بعض الحبوب الأخرى مثل الذرة أو الكسافا المهروسة أو الموز. ولمس الطعام باليد اليسرى يعد من المحرمات في معظم البلدان.

اظهار أخبار متعلقة



وذكرت الكاتبة أن التعرف على هذه التقاليد المتعلقة بالأكل باليد يساعد على التكيف ثقافيًا عند العيش في أماكن مختلفة، ويكرس الأهمية الثقافية للمشاركة والألفة من خلال اتباع التقاليد الغذائية لذلك البلد.

وأكدت الكاتبة أن الأعراف والمحرمات الثقافية لم تأتي من الفراغ - فهي غالبًا ما تكون متجذرة في نظام معتقد أوسع بشأن مفاهيم المشاركة أو حتى الأفكار حول الصحة والرفاهية. يعني استخدام اليدين للأكل أنه لا يوجد حدود مادية لعدد الأشخاص الذين يمكنهم المشاركة في الوجبة.

وفي الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، وفي أجزاء من آسيا وإفريقيا، غالبًا ما يتم تقديم الطعام في طبق مشترك مما يعني أنه من المستحيل نفاد الأطباق وليست هناك حاجة للبحث عن شوكة إضافية إذا ظهر شخص ما بشكل غير متوقع في وقت العشاء. وهذا يعكس أهمية المشاركة في تجربة الطعام لدى بعض المجتمعات.

اظهار أخبار متعلقة



وفيما يتعلق بالفلسفات المتعلقة بالصحة، تؤكد ممارسات الأيورفيدا الهندية على فوائد الأكل باليد، بناءً على الاعتقاد بأن كلا من الأصابع الخمسة في اليد يتوافق مع العناصر المؤثرة في حياتنا (وهي الروح والهواء والنار والماء والأرض) وأن تناول الطعام باليد لا يعزز علاقتنا  بعاداتنا الغذائية فحسب، بل ويعزز عملية الهضم أيضا.

وأكدت الكاتبة أن مسألة ما إذا كان مذاق الطعام أفضل حقًا عند تناوله بأيدينا أثارت جدلا كبيرا. فهي عملية تحمل بعدا شخصيا يختلف من شخص لآخر. وتكتسي عملية خلط مكونات بعض الوجبات بطريقة منهجية وإيقاعية ثم أكلها بُعدًا تأمليا وتتطلب تفانيا كبيرا. وفي البنغال، يعد خلط الطعام علامة حب يظهرها الآباء تجاه أطفالهم لاسيما عند خلط حبات الأرز والدجاج بأطراف الأصابع وتشكيل كويرات صغيرة منها لوضعها في فم الطفل. وتساعد هذه الطريقة على حفاظ أفراد الأسرة على روابطهم العائلية.



شارك
التعليقات