سبقت وكالة الغوري بوسط القاهرة القديمة المولات الحديثة بعدة قرون، فهي طراز معماري تجاري بديع منذ عام 1500 ميلادية، تم بناؤها في عهد المماليك كمجمع للتجار وفندق فخم لهم ولزوجاتهم، ولا يزال يحتفظ بأدق التفاصيل رغم مرور مئات السنين.
اظهار أخبار متعلقة
ورغم أن القاهرة تضم العديد من الوكالات التي ترجع إلى العصرين المملوكي والعثماني، وكانت مراكزاً للتجارة بين الدول، إلا أن وكالة الغوري هي الأكثر جمالا وتماساكا، وتتكون من عدة طوابق بتصميم هندسي متفرد.
تقع الوكالة في شارع التبليطة بحي الأزهر وعلى بعد مائة متر من مجموعة الغوري الأثرية التي تتكون من مدرسة وضريح وسبيل (بنيت عام 909 – 910 هـ / 1504 – 1505 م).
كما تعرف باسم وكالة النخلة أوالمصبغة، أنشأها السلطان الأشرف قنصوه الغوري، وتحتفظ الوكالة من تفاصيلها المعمارية.
محتوى الوكالة الأثرية
يشير أحد المشرفين على المدخل الرئيسي للوكالة، قائلا: "الواجهة الشمالية هي واجهة الوكالة الرئيسية وبها المدخل الرئيسي يعلوه عقد ثلاثي الفصوص ويوجد فيها تسع مشربيات وباب ضخم يسمح بإغلاقها، وتتكون من خمسة طوابق، يتوسطها صحن مكشوف مستطيل وتتوسطها نافورة رخامية، تحيط به في جوانبه الأربعة قاعات ومخازن لبضاعة التجار".
اظهار أخبار متعلقة
وفيما يتعلق بالطوابق العليا، أوضح في حديثه لـ"عربي21 لايت": "تحيط الطوابق الخمسة حول الفناء المكشوف، وتم استخدم كلًا من الطابقين الأول والثاني كمتاجر ومخازن لبيع وتخزين البضائع، أما الطوابق العليا وتضم مساكن مستقلة تستخدم للعامة والتجار وزوجاتهم القادمون من أماكن بعيدة، وفي كل طابق رواق عقود مدببة ترتكز على دعامات من الحجر".
لافتا إلى أن "قدوم تجار من من بلدان مختلفة، اقتضى وجود أجنحة لإقامة الزائرين في الطوابق العليا كغرف الفنادق الحديثة، وجميع نوافذها الخشبية التي تبرز عن مستوى الجدران وتحملها كوابيل خشبية تطل على الفناء الكبير ما يتيح رؤية واسعة ومستمرة لما يحدث في الأسفل من حراك وتفاعل".
المشربية.. إطلالة وخصوصية
وتتميز وكالة الغوري إلى جانب احتفاظها بمعظم عناصرها المعمارية أنها تعد متحفاً مفتوحاً لفن المشربية، إذ أنها تتزين بتسع وعشرين مشربية من روائع فن الخرط تشكل عنصراً أساسياً، إلى جانب الحجر، في التصميم المعماري للمبنى.
تقدّم الوكالة نموذجاً فريداً لتماهي المشربية مع البناء في نسيج واحد، ويوجد في أسفل هذه المشربيات صفان من النوافذ المزودة بحجب خشبية لها أغطية متحركة لأعلى تسمح لمن بداخل الحجرات بالنظر إلى الصحن دون أن يراه من في الطوابق العلوية.
