رغم إعاقة بادية على عينه اليسرى، ومع حالته المادية التي تتشابه مع كثير من المصريين؛ حصل محفظ قرآن مصري في سن الـ75، على "الإجازة العالية" أو (الليسانس) في "القراءات وعلوم القرآن الكريم"، من "كلية القرآن الكريم" بطنطا محافظة الغربية (وسط الدلتا).
الشيخ محمد عبد الفضيل الزملي، من قرية ميت سهيل مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية (شمال القاهرة)، ضرب المثل والقدوة في تحصيل العلم، ليتحول من لقب أكبر طالب علم في مصر إلى لقب أكبر حاصل على شهادة جامعية.
اظهار أخبار متعلقة
ورغم ظروفه الصحية وضعف بصره، وأوضاعه المالية، وحياته البسيطة، إلا أن الزملي، تحدى كل تلك العوائق ونال درجة الليسانس، ليكمل مسيرته التعليمية التي بدأها قبل 30 عاما وتحديدا منذ عام 1992، عبر معاهد تحفيظ القرآن الكريم ومدارس القراءات وجامعة الأزهر الشريف، لمدة 16 عاما.
"عزيمة وإصرار"
الشيخ المسن تحدث إلى "عربي لايت"، عن عزيمته وإصراره على تحصيل العلم والعوائق التي واجهها، وانتقاله من قريته إلى معاهد علمية بعيدة مستخدما دراجته البالية، ثم الانتقال للدراسة في محافظة أخرى يصعب الوصول إليها مباشرة، فيما وجه العديد من الرسائل للشباب، عبر حديثه.
بداية عبًر الشيخ عن سعادته التي لا توصف بحصوله على درجة الليسانس، وخاصة أنها في علوم القرآن الكريم.
وأوضح أن بداية مشواره التعليمي في مجال قراءات القرآن الكريم، بدأ بدراسة التجويد بمعهد قرية حفنا التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية، لمدة عامين، ثم دراسة المرحلة العالية من القراءات لمدة 3 أعوام بنفس المعهد.
اظهار أخبار متعلقة
وبين أنه كان يقطع مسافة 15 كيلو مترا بالدراجة للوصول إلى هذا المعهد لمدة 5 سنوات حتى يتعلم علوم القرآن الكريم، التي لم تمنعه عنها مسئوليته عن أسرة من 6 أولاد بينهن بنات حصلن على شهادات جامعية وقام بتزويجهن.
وأضاف أنه بعد ذلك درس 3 سنوات أخرى للتخصص في علم القراءات العشرة في معهد قرية دهمشا التابع لمركز مشتول السوق بمحافظة الشرقية.
اظهار أخبار متعلقة
ثم الالتحاق بكلية القرآن الكريم بمدينة طنطا التي عقدت له امتحانا للقبول اجتازه الشيخ بجدارة ثم واصل دراسته حتى نال درجة الليسانس.
"بين العراق ومكة والقاهرة"
الشيخ محمد الزملي، حصل في شبابه على معهد فني تجاري من مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية (شمال القاهرة)، ثم سافر بعدها دولة العراق الشقيقة في فترة ثمانينيات القرن الماضي ليعمل في إحدى شركاتها ككاتب حسابات لمدة 14 عاما، وعاد لمصر نهاية عام 1992.
قرر الرجل العودة إلى مصر بوجه غير الذي تركها بها، موضحا أن أداءه فريضة الحج عام 1989 كانت نقطة فاصلة في حياته ليتحول إلى التدين ومحاولة التعلم من أمهات الكتب.
اظهار أخبار متعلقة
وهي المرحلة التي بدأها بدراسة الدعوة الإسلامية في أحد معاهد "الجمعية الشرعية" في مصر، والتي أهلته لأن يصبح خطيبا في إحدى مساجد الجمعية لمدة 27 سنة بأجر رمزي.
الاستفادة المادية لم تكن يوما في حساب الشيخ الزملي، وكان حصوله على معهد "الدعوة" 4 سنوات، ثم معهد قراءات سنتين و3 أخرى، ثم 3 سنوات أخرى للتخصص في علم القراءات، ثم كلية القرآن 4 سنوات، كان عهدا مع الله قطعه على نفسه من مكة المكرمة عام 1989.
"رسالة.. وتكريم مفقود"
وفي رسالة وجهها للشباب المتكاسل عن التعلم، ذكر الشيخ الزملي، بالقول الشهير: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد"، مؤكدا أنه "على الإنسان ألا ييأس أبدا من الحصول على العلم".
ولفت إلى أنه كان أكبر طالب بكلية "القرآن الكريم"، مبينا أنه كان له زميلين بالكلية أحدهما 70 عاما والآخر 72 عاما، مشيرا إلى أن "أساتذة الكلية كانوا سعداء بنا ويعاملوننا بصورة طيبة".
اظهار أخبار متعلقة
وعن التكريم المنتظر له من أي جهة رسمية، أكد أنه "لا ينتظر تكريما"، لترد زوجته الحاجة فادية، ودموع الفرح وذكريات مشاركة الزوج النجاح وسهر الليالي في عينيها وبادية على قسمات وجهها قائلة إن "التكريم من الله".
وبشأن خططه المستقبلية، أكد أنه افتتح كتابا لتحفيظ القرآن الكريم بأجر رمزي، لأبناء قريته.