رغم أنه يعبر أربع دول أفريقية، هي: مالي وموريتانيا والسنغال وغينيا، لكن نهر السنغال يمثل شريان حياة وجسر تواصل بين موريتانيا والسنغال، الأكثر استخداما لمياهه، والذي يشكل أيضا حدودا طبيعية لهما.
اظهار أخبار متعلقة
على ضفتيه الموريتانية والسنغالية، نشاط لا ينقطع طيلة النهار؛ بفعل حركة العابرين والنشاط التجاري لسكان عشرات المدن ومئات القرى المتناثرة على ضفافه.
وبالإضافة لمئات الزوارق التي يمتلكها السكان المحليون، تضمن "عبّارة روصو" (مركب عبور) التي تملكها الدولة الموريتانية، انسيابية الحركة بين ضفتي نهر السنغال، الموريتانية والسنغالية، وتنقل يوميا مئات المسافرين بين البلدين الجارين، بشكل مجاني.
ينتمي السكان القاطنون على ضفتي النهر في كلا البلدين لأجناس عربية وزنجية، وتتشابه أنماط وأساليب الإنتاج بين الجماعات القاطنة ضفاف النهر.
تبادل تجاري
فاطمة ممادو، من سكان مدينة كيهيدي الموريتانية المحاذية للنهر، قالت لـ"عربي21 لايت": "النهر هو شريان حياة لنا نحن سكان الجنوب الموريتاني، نتزود يوميا بالبضائع التي نحتاج من جارتنا السنغال، كما تتزود القرى السنغالية بما تحتاج من بضائع موريتانية".
وأضافت: "حتى خبز الصباح يسافر بين الضفتين، تشترى الأسر هنا على الضفة الموريتانية خبز الصباح من الضفة الأخرى (السنغالية)، الحركة على ضفتي النهر لا تتوقف طيلة اليوم، إنه شريان حياة لمئات الآلاف من السكان".
كما يعتمد سكان مدن الجنوب الموريتاني على نهر السنغال في الزراعة والصيد وتربية المواشي.
تقول فاطمة ممادو: "نعتمد على النهر في جميع أنشطتنا، منه نسقى مزارعنا، ومواشينا، وفي مياهه نصطاد الأسماك".
وأضافت في حديثها لـ"عربي21 لايت": "حياتنا مرتبطة بالنهر، هناك انسجام بين الشعبين الموريتاني والسنغالي، نحن جيران وأشقاء، أنا أعبر يوميا إلى السنغال، أبيع منتجات موريتانية، وأتزود بما أحتاج من الضفة الأخرى".
محمد ولد سيدي (سائق زورق خشبي على الضفة الموريتانية) يرى أيضا أن حياة سكان الضفة بالجنوب الموريتاني تعتمد بشكل أساسي على الأنشطة المرتبطة بالنهر.
وأضاف في حديث لـ"عربي21 لايت": "حركة العابرين هنا لا تتوقف، نقوم بعشرات الرحلات يومين عبر ضفتي النهر، وهذا مصدر عيشي الأساسي، يمكن أن أجني يوميا 6 آلاف أوقية (نحو 20 دولارا)، السكان هنا طيبون ومتعاونون، هناك انسجام بين سكان الضفتين الموريتانية والسنغالية".
وأشار إلى أن حركة العبور لا تقتصر فقط على النشاط التجاري اليومي، بل هناك الكثيرون يذهبون للعلاج بشكل متبادل بين البلدين، كما يقضي الكثير من سكان الضفة السنغالية إجازاتهم السنوية في موريتانيا، والشيء نفسه تقوم بيه العائلات الموريتانية.
مشاريع مشتركة
وأقامت سلطات البلدين منذ السنوات الأولى لاستقلالهما عن فرنسا، عدة مشاريع حكومية مشتركة على ضفتي النهر، أبرزها: سد "دياما" وسد "ماناتالي"، وذلك من أجل التحكم بمياه النهر لغرض استغلالها في مجالات الزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية.
وتستمر الأشغال منذ نحو سنة في بناء جسر يربط البلدين بتمويل مشترك يبلغ 87 مليون يورو.
ويمتد الجسر على مسافة 1,4 كيلومتر، بين ضفتي النهر، أما عرضه فيصل إلى 55 متراً.
ويتوقع البلدان أن يزداد التواصل بين سكان الضفتين بعد اكتمال أشغال الجسر، وأن يرتفع عدد السيارات التي تعبر نهر السنغال بين البلدين من 115 سيارة يومياً، إلى 370 سيارة يومياً بعد افتتاح الجسر.
علاقات معقدة
ورغم الترابط الاجتماعي بين سكان ضفتي النهر، الموريتانية والسنغالية، فإن علاقات البلدين الجارين تشهد من حين لآخر مدا وجزرا، بسبب ملفات الصيادين التقليديين، ومشكلات انتجاع المواشي الموريتانية في الأراضي السنغالية.
وكانت السنوات من 1989 إلى 1991 الأكثر صعوبة في تاريخ علاقات البلدين، حيث شهدت توترا وتصادمات عرقية، جراء نزاع بين مزارعين سنغاليين ورعاة أبل موريتانيين، أدى إلى تهجير قسري لرعايا البلدين.