طالع النخيل.. مصري معلق في الهواء يجمع التمر ويحافظ على مهنة الأجداد (شاهد)

  • القاهرة- عربي21
  • الثلاثاء، 25-07-2023
  • 10:12 ص

"طالع النخيل"، مهنة ضاربة في عمق التاريخ تكاد تختفي من مصر "هبة النيل"، الذي تنتشر عبر فروعه وترعه وقنواته نحو 15.5 مليون من أشجار النخيل جعلت من مصر الأولى عالميا في إنتاج نخيل التمر، بحسب إحصائيات وزارة الزراعة المصرية.

وتنتج مصر حوالي 1.8 مليون طن من تمر النخيل، أغلبها في محافظات: أسوان، والوادي الجديد، والبحيرة، والجيزة، والشرقية.

"مهام صعبة"

ورغم أن الكثير من الفلاحين في العهود السابقة تمرسوا تسلق النخيل وقد اعتبرها البعض منذ صغرهم هوايتهم المفضلة للحصول على الرطب والبلح الأحمر في ريف مصر وصعيدها، فإن النخيل لا يجد من يتسلقه اليوم كما كان.

ولطالع النخيل عدة مهام يقوم بها طوال العام؛ بداية من تقليم أشجار النخيل وإزالة ما بها من "جريد" أو "سعف زائد" بعد نهاية موسم جني البلح، ثم القيام بمهمة "التلقيح" أو "تطليح النخيل" أو نثر حبوب اللقاح عليها، ثم توضيب فسائل النخيل أو "سبائط البلح" وتنقيحها من الآفات، وصولا إلى جمع البلح أو ما يسمى في بعض المناطق "هز النخيل".




 وخلال الأشهر الحالية، يمر البلح بفترة النمو حيث إنه يظهر فوق الشجر بلونه الأخضر، الذي يتحول عنه إلى اللون الأحمر بعد اكتمال نموه، في آب/ أغسطس، حتى يتحول إلى تمر باللون الأسود، في أيلول/ سبتمبر المقبل، وعندها يجري السباق لجني المحصول السنوي.

ذلك العمل الذي يصفه الحاج أحمد (65 عاما) والمعروف بلقب "هزاز النخيل" في قريته والقرى المجاورة، بأنه "عمل صعب وخطير ويصل خطره حد الموت أو العجز عن العمل، ويكون مقابل مبلغ من المال يصل إلى نحو 100 جنيه في كل مرة أو كل (طلعة)"..

اظهار أخبار متعلقة


وبينما يقوم بعمله من فوق نخلة صغيرة الطول بنحو 5 أمتار، يقول الهزاز، لـ"عربي21 لايت": "بداية عملي مع النخيل من آذار/ مارس بفصل الربيع من كل عام حيث أقوم بتطليح النخيل الأنثى، وذلك بجلب الطلح من نخيل (ذكر) لا يطرح ولكن دوره إنتاج الطلح، الذي لا غنى عنه لكي تثمر النخلة".

وأوضح أن "السباطة التي لا يطالها طلح النخيل لا تثمر، وتلك التي يتم تطليحها جيدا تثمر ثمرا طيبا، ولا يظهر بها أي بلح (مكرمش) أو غير جيد"، مبينا أنه يشتري الطلح أحيانا، ويحرص على وجود نخلة (ذكر) طلحها جيد.

وأكد أن المرحلة الثانية من عمله تكون في "تموز/ يوليو الجاري من كل عام مع دخول فصل الصيف، حيث يقوم بمتابعة نضج البلح ووضع السبائط ورفعها لأعلى حتى لا تنهار من حمولتها بجانب تنقية البلح الأخضر من أي بلح غير جيد، وحمايته من الحشرات".




 وأشار إلى أنه "في أيلول/ سبتمبر من كل عام ومع قرب فصل الخريف تظهر بشائر الخير وتبدأ عملية جمع البلح أو ما تسمى في مصر بهز النخيل، مرة كل ثلاثة أيام لكل نخلة يتم فيها جمع الرطب، ثم في النهاية يتم تقطيع السبائط وبها ما تبقى من بلح أحمر أو (نروز) كما يطلق عليه".

ولفت إلى أنه مع بداية كل عام، يقوم بتقليم النخيل وإزالة ما به من جريد ومقشات وزوائد غير مفيدة لكي يتم التطليح في الربيع، موضحا أن "تلك البقايا كان يجري استخدامها في أعمال وصناعات ريفية منها أدوات للنظافة وقم القمامة وصناعة الأقفاص من الجريد لتربية الدواجن، ولكن انقرض أغلبها".

وعن مهنته قال إنها "في انقراض"، وأنهم قبل 10 سنوات كانوا "نحو 10 أفراد يعملون بهذا العمل الصعب، ولكنهم أصبحوا اليوم فردين فقط"، موضحا أنه حاول تعليم أحد أبنائه لكنه رفض متعللا بأنها مهنة خطيرة وموسمية وغير مربحة ولا تفتح بيتا ولا ترضي زوجة.

 طالع النخل، لم يغب عن الأعمال السينمائية والدرامية المصرية، حيث قدمه المخرج محمد فاضل، وزوجته الفنانة فردوس عبدالحميد، في عمل يحمل هذا الاسم، ليكشف فيه عن حياته المهمشة وأوضاعه المزرية وأحواله التي لا يهتم بها أحد.

"سوسة النخيل"

وهناك إقبال واضح من المصريين في الريف على زراعة النخيل، في بدايات الأراضي وعلى حواف الترع وداخل حدائق المنازل.

"أبو محمد" (55 عاما) مدرس مصري يمتلك نحو 20 نخلة، يقوم على رعايتها سنويا وبيع محصولها للأهالي، ويهدي الكثير منه إلى الجيران والأهل والأقارب.

  قال لـ"عربي21 لايت": "جلبت هذه الأشجار من سيناء، فهي من أجود المناطق التي تنتج الفسائل هي ومنطقة مرسى مطروح والواحات في الصحراء الغربية"، مبينا أنها "بعد نحو 4 سنوات بدأت تؤتي ثمارها".

وأوضح أن "الخطر الأكبر الذي يقلق صاحب النخيل هو سوسة النخيل، تلك الحشرة التي تصيب الشجر، ويصعب مقاومتها وقد تؤدي إلى التسبب في قطع جذع النخلة نهائيا حتى لا تصاب جاراتها من تلك الآفة".



ووفق بعض المواقع المتخصصة في مجال الزراعة، فإن حشرة سوسة النخيل الحمراء من أخطر الآفات الحشرية التي تصيب النخيل، ويعتقد أن الموطن الأصلي لها الهند.

تلك الحشرة، تصيب الفسائل والنخيل التي يقل عمرها عن 14 سنة، حيث تحفر وتتغذى بقواعد الأوراق والجذوع ما يؤدي لتهتك أنسجة النبات وضعف الأشجار وقلة المحصول وتصبح الأشجار سهلة الكسر ثم تموت في النهاية.

 "أنواع البلح والنخيل"

 والبلح كما يسميه البعض "فاكهة الفقير"، حيث إنه في ظل أسعار فاكهة الصيف في مصر تراوح سعر البلح الأحمر والرطب بين 10 جنيهات و20 جنيها الموسم الماضي.

وهناك أصناف من البلح واسعة الانتشار في مصر مثل "أمهات"، و"برمتودة"، و"بنت عيشة"، و"جراجودة بيضاء"، و"جراجودة بني"، و"جندلية"، و"حياين"، و"ملكابي"، و"صعيدي"، و"سكويت"، و"سامين"، و"سلمي"، و"سيوي"، و"شامية بيضاء"، و"شامية بني"، و"زغلول".

 ومن أشهر الأنواع النخيل "الرطب السماني"، المنتشر في دلتا مصر بمناطق "إدكو ورشيد والقناطر الخيرية، بإجمالي مساحة 2487 فدانا، وتنتج 15 ألفا و808 أطنان سنويا، ويصل متوسط إنتاجية النخلة الواحدة إلى 85 كغم وقد تصل إلى 300 كغم.

اظهار أخبار متعلقة


 ووفق موقع "زراعة" المحلي، يتواجد النخيل "الرطب الزغلول" في مصر بنفس مناطق زراعة بلح "السماني"، وتصل مساحته إلى 4241 فدانا وتنتج 18.239 ألف طن، وتصل إنتاجية النخلة إلى 130 كغم.

 أما النخيل "الحياني" فتبلغ مساحاته المثمرة نحو 18.834 ألف فدان بإجمالي إنتاج 91.853 ألف طن، وإنتاجية تصل إلى 225 كغم.

وينتشر صنف البلح "بنت عيشة" بمحافظات البحيرة والشرقية ودمياط على مساحة 4942 فدانا، وتنتج 23.981 ألف طن بمتوسط إنتاجية للنخلة الواحدة 150 كغم.

 أما النخيل "الرطب الأمهات" فينتشر بمحافظات الجيزة والفيوم، بإجمالي مساحة 3992 فدانا بمتوسط إنتاج كلي 19.855 ألف طن سنويا، وإنتاجية النخلة تصل 250 كغم.
شارك
التعليقات