سكنت وجدان العالم العربي.. أعمال فنية مصرية عن الصراع مع إسرائيل (شاهد)

maxresdefault
أرشيفية
  • عربي21 لايت – محمد سندباد
  • الإثنين، 20-11-2023
  • 04:30 م
حضر الفن المصري بأصنافه المختلفة والمتنوعة بقوة في تشكيل وصناعة الوعي المصري خاصة والعربي عامة منذ عقود تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، الذي استنفر قرائح الكتاب والمخرجين والممثلين والمنتجين الفنيين وأسفرت عن أعمال تاريخية خالدة.

 ووجدت عشرات الأعمال الفنية طريقها بقوة إلى وجدان الشعوب العربية في ذروة العداء العربي الإسرائيلي في الفترة من خمسينيات القرن الماضي إلى تسعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك التاريخ لم تنقطع تلك الأعمال ولكنها كانت أعمالا متفرقة تفجرها الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين من وقت لآخر.

واشتهرت العديد من الأعمال الفنية لأسباب عديدة من بينها وجود جيل من الأدباء والمثقفين والمفكرين الذين تأثروا بأنماط مختلفة من الفكر الوطني والعربي والتحرري من أمثال نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وامتلاك الفنانين حسا وطنيا عاليا بالتزامن مع الحروب التي كانت تخوضها مصر مع إسرائيل، إلى جانب دعم الدولة الكبير لإنتاج تلك الأعمال وتعبئة وحشد الرأي العام.

 تنوعت الأعمال الفنية التي تناولت الحروب العربية الإسرائيلية ومجدت المقاومة العربية والفلسطينية وخلدت الأعمال البطولية للجيوش والمقاومين، وأكدت على عمق العداء التاريخي بين العرب وإسرائيل، وتم تقديمها من خلال السينما في العديد من الأفلام والدراما في العديد من المسلسلات ومن خلال الأغاني التي لا تزال تتردد في كل المناسبات الوطنية.

اظهار أخبار متعلقة



  سرعان ما وجدت تلك الأعمال طريقها إلى وجدان وقلوب ملايين المصريين والعرب، وباتت خالدة في ذاكرة الفن العربي بشكل عام، والتحمت معها الجماهير في مؤشر على استمرار رفض الوجود الإسرائيلي وتأكيد العداء التاريخي في ظل احتلال الأرض وطرد الشعب الفلسطيني من قبل دولة الاحتلال والحركة الصهيونية.

 ويرفض اتحاد النقابات الفنية المصرية بمختلف أنواعها التطبيع مع إسرائيل بشكل عام، ويسيطر الاتجاه الرافض للتطبيع على الفنانين والمغنيين والمخرجين والمؤلفين، على الرغم من أن مصر هي أول دولة عربية وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل، لكنها ظلت عسكرية أكثر منها أي شيء آخر، ولا يزال العداء الجماهيري لها كامنا في الأعماق.

 تاريخ سينما ودراما الصراع العربي الإسرائيلي

يمكن تصنيف تلك الأعمال الفنية ما بين البدايات وبين أشهرها وأكثرها انتشارا وتأثيرا في الشارع المصري والعربي، كانت البداية من فيلم فتاة من فلسطين والذي أنتجته الممثلة والمنتجة المصرية عزيزة أمير في عام 1948 وهو أول فيلم يتناول القضية الفلسطينية بعد النكبة مباشرة، وتدور أحداثه حول مشاركة طيار مصري في الدفاع عن فلسطين وسقطت طائرته هناك واستضافته فتاة تدعى سلمى ساعدته على الاستشفاء من جروحه وتساعد الفدائيين الفلسطينيين.

 ثم كان فيلم "أرض الأبطال" عام 1953 للكاتب إحسان عبد القدوس ومن إخراج نيازي مصطفى سلط خلاله الضوء على قضية توريد الأسلحة الفاسدة في حرب عام 1948 والتي أدت إلى هزيمة الجيوش العربية أمام إسرائيل، ويظهر الفيلم بسالة الفدائيين، ودعم الجنود العربية للحق الفلسطيني.



 وتوالت الأفلام التي كان يصاحبها أغان من ألحان مشاهير ذلك الزمن وكان فيلم "الله معنا"  عام 1955 من بطولة فاتن عماد حمدي وماجدة ومحمود المليجي وحسين رياض، وفيلم "أرض السلام" عام 1957 وتناول كواليس العمليات الفدائية للشباب العربي في فلسطين من بطولة فاتن حمامة وعمر الشريف.

اظهار أخبار متعلقة



 ثم راجت الأعمال الفنية قبيل وبعد حرب 1973 عقب فترة من الهدوء بسبب أجواء نكسة عام 1967 حرب أكتوبر فكان فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي" بطولة محمود ياسين وحسين فهمي، وفيلم "بدور" بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين، وفيلم "أغنية على الممر" بطولة صلاح السعدني، و"الوفاء العظيم" و"أبناء الصمت" عام 1974، و"العمر لحظة" 1978.

في حقبة التسعينيات، نجحت الكثير من الأفلام التي تعالج الصراع المصري الإسرائيلي مثل فيلم "ناجي العلي" الذي سرد قصة رسّام الكاريكاتير الفلسطيني ولعب بطولته نور الشريف عام 1991، وفيلم "مهمة في تل أبيب" 1992 و"الطريق إلى إيلات" 1993، وفيلم "48 ساعة في إسرائيل" 1998.



 تراجع زخم الأعمال الفنية في الألفية الجديدة

في الألفية الجديدة بدأ يخفت هذا النوع من الأعمال السينمائية ولكنه حضر في أهم بعض أعمالها مثل فيلم "السفارة في العمارة" عام 2005 بطولة عادل إمام وأظهر تضامنا واسعا مع القضية الفلسطينية ورفض واضح لسفارة إسرائيل في القاهرة، وفيلم "باب الشمس" عام 2004 بمشاركة فنانين من مختلف البلدان العربية الذي تناول المأساة الفلسطينية على امتداد 50 عاماً، و"العميل 1001" من بطولة مصطفى شعبان ونيللي كريم وحقق انتشارا واسعا.

اظهار أخبار متعلقة



 على المستوى الدرامي، تم إنتاج بعض أشهر الأعمال الدرامية في تاريخ الفن وأثرت بشكل واسع في ضمائر الشعوب العربية مثل مسلسل "رأفت الهجان" عام 1987 وهو من بطولة محمود عبدالعزيز ويوسف شعبان، وهو مأخوذ من ملفات المخابرات المصرية، وقبله مسلسل "دموع في عيون وقحة" أو ما بات يعرف بـ"جمعة الشوان" عام 1980 الذي تمكن من التجسس على إسرائيل لصالح مصر من بطولة عادل إمام.



مسلسل "الثعلب" والذي تناول بعض عمليات الفريق "رفعت جبريل" حينما كان يعمل ضابطا - قبل أن يصبح مديرا للمخابرات العامة المصرية، وهو بطولة نور الشريف، ومسلسل "السقوط في بئر سبع" عام 1994، يحكي قصة حقيقية مأخوذة من ملفات المخابرات المصرية، ومسلسل "وادي فيران" عام 1998 والذي دارت أحداثه خلال الفترة من نكسة حزيران/ يونيو 1967 وحتى نصر أكتوبر 1973، ويعكس صورة من صور مقاومة أهالي سيناء للاحتلال الإسرائيلي.

رغم تراجع الأعمال الدرامية أيضا في العقدين الماضيين بعد أن بلغت ذروتها في تسعينيات القرن الماضي ظهرت بعض الأعمال القليلة ولكنها كانت واضحة ومفاجئة في تناولها للصراع العربي الإسرائيلي مثل مسلسل "فرقة ناجي عطا الله" عام 2012 للفنان عادل إمام، الذي تدور قصته حول ضابط مصري متقاعد يعمل بالسفارة المصرية في تل أبيب، يقرر الانتقام من إسرائيل بسبب سياساتها العدوانية.

اظهار أخبار متعلقة



 مسلسل "النهاية" عام 2020، بطولة الممثل يوسف الشريف، الذي تحدث بأولى حلقاته عن زوال الكيان المحتل، وقدم أحد مشاهده أطفالا بالعام 2120، يتلقون درسا بالتاريخ عن "حرب تحرير القدس"، وهو ما أثار حفيظة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، والتي اعتبرت توقع المسلسل نهاية إسرائيل بأنه "مؤسف وغير مقبول، بين دولتين أبرمتا اتفاقية سلام منذ 41 عاما".



الفن وتطور فكر الشعوب

وصفت الناقدة الفنية، خيرية البشلاوي، عضو لجنة تحكيم مهرجان القاهرة للدراما، الأعمال الفنية التي تناولت قضية الصراع العربي الإسرائيلي بأنها "مؤثرة في صناعة الوعي وتحفيز مشاعر الوطنية، وامتدت من الأغنية المصرية الوطنية إلى المسرح والسينما والمسلسلات الدرامية بما فيها الفكاهية إذا اعتبرناها أحد أنواع القوة الناعمة".

 ولكن مع استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ترى البشلاوي في تصريحات لـ"عربي21 لايت" أن "الأعمال الفنية فقدت الآن الكثير من تأثيرها بعد تراجع دورها؛ لأن الجيل الحالي لم يكن ممزوجا بالحس الوطني كما في الأجيال السابقة، والذين عاصروا الحروب وتطور الصراع العربي الإسرائيلي والذي كان جزءا من الحياة العادية وفي المدارس والجامعات".

 ورأت الناقدة الفنية أن "تفاعل الجمهور المصري والعربي من الأعمال التي تتناول الصراع مع إسرائيل يعتمد على إتقان العمل فنيا وإنتاجيا ويقدم معالجة جديدة، والفن طالما حمل قضايا وطنية على مدار العقود الماضية وقدمها في شكل درامي ناجح، ولم يدخر الجانب الآخر في استغلال السينما للترويج للفكرة المضادة من خلال سينما هوليود التي يهيمن عليها اليهود والفكر الصهيوني".
شارك
التعليقات