بالفيديو | مسجد السيدة نفيسة.. أول مساجد "آل البيت" في مصر بروحانيات رمضانية

  • محمد علي الدين
  • الثلاثاء، 02-04-2024
  • 03:01 م

في هذه البقعة المزدحمة بالمساجد والأضرحة التاريخية بقلب القاهرة التاريخية بمصر، يقصد الكثير من المصريين والمسلمين مسجد حفيدة الرسول "السيدة نفيسة"، أو من تُعرف بـ"سيدة العلم" حيث كانت أعلم سيدات زمانها في ذلك الوقت.

كان مسجد السيدة نفيسة بنت الحسن أول وأقدم مساجد آل البيت في مصر فيما يعرف بطريق آل البيت، الذي يضم مشهد الإمام علي زين العابدين، ومشهد السيدة زينب بنت الإمام علي، ومسجد السيدة سكينة بنت الحسين، والسيدة رقية بنت الإمام علي بن أبي طالب، وسيدي محمد بن جعفر الصادق، والسيدة عاتكة بنت عبد المطلب عمة الرسول.

يقع المسجد بمنطقة السيدة نفيسة بالقرب من منطقة مصر القديمة وهو من أعرق المساجد بالقاهرة، وجاء في خطط المقريزي، أن والي مصر عُبيد الله بن السري (822 م) من قبل الدولة العباسية، كان أول من بنى على قبر حفيدة الرسول.





ثم أُعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية وأضيفت له قبة في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وأعيد تجديد هذه القبة في عهد الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله، وتم كساء المحراب بالرخام سنة 532هـ (1138 م)، إلى أن أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون أن يتولى نظارة المشهد النفيسي الخلفاء العباسيون.

اظهار أخبار متعلقة



في عام 1892 نشب حريق في المسجد وأُعيد بناؤه بأمر من الخديوي عباس حلمي الثاني، وفي 1972 تم تطوير وترميم المسجد والضريح، ووثق ذلك شاهد حمل اسم الرئيس الأسبق، محمد أنور السادات.

أجواء خاصة في رمضان

يتمتع مسجد وضريح السيدة نفيسة بأجواء رمضانية خاصة، وهي التي أتت إلى هذا المكان في شهر رمضان، ويحرص المصريون والمسلمون من دول أخرى على زيارة المسجد والصلاة هناك وتناول طعام الإفطار وصلاة العشاء والتراويح، وينتشر الدراويش في باحة وساحة المسجد والمقام بشكل لافت.

مراسل "عربي21 لايت" رصد زحاما شديدا قبل الإفطار لوجود موائد الرحمن وهناك قائمون على تنظيم كل شيء سواء للصلاة أو زيارة الضريح للتبرك والدعاء وقراءة القرآن والأدعية، والتبرع في صناديق النذور حيث تمتلئ أرض المقام بالأوراق المالية المختلفة ويقصده الشباب أكثر من كبار السن، ويحرص طلاب الأزهر وغيرهم من دول شرق ووسط وجنوب آسيا وغيرها من الدول الإسلامية على زيارة الضريح، ولا يخرجون قبل قراءة الفاتحة والسلام على السيدة نفيسة.



حفيدة الرسول وتعلق المصريين بآل البيت

يقول مدير عام الآثار الإسلامية بشرق القاهرة، محمد رشاد، إن "أهمية المسجد والضريح تكمن في وجود جثمان السيدة نفيسة العلم وحفيدة الرسول، ومعروف عن المصريين حبهم وتعلقهم بآل البيت، ولما قدمت مصر استقرت في القاهرة مع أسرتها، وكانت عالمة وعابدة مستجابة الدعوة وصاحبة كرامات".

مضيفا لـ"عربي21 لايت": "كان المصريون يلجأون إلى السيدة نفيسة في الأزمات والمصائب التي تحل بالبلاد ويسألونها الدعاء، كما في الفيضانات والأوبئة والجفاف وغيرها من الأزمات، لذلك هناك تعلق كبير بها من قبل المصريين منذ قدومها إلى اليوم، حتى قيل إن مكانها بقعة مستجابة الدعوة، وهناك قصة أن السيدة لما توفيت أصر زوجها على نقل جثمانها إلى جوار جدها ولكن في اليوم التالي نزل عند رغبتهم وتم دفنها في مصر".

اظهار أخبار متعلقة



وتابع: "أول من بنى على قبر السيدة نفيسة ضريحا هو والي مصر عبيد الله بن السري، ثم أعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية وأضيفت قبة على البناء فوق القبر، وأعيد تجديده في عهد الحافظ لدين الله وكساء المحراب بالرخام، وظل المشهد النفيسي محل اهتمام الأمراء والخلفاء، وفي عهد العثمانيين تم تجديده بشكل كامل واستمر بشكله حتى آخر عملية ترميم تمت العام الماضي حيث تم تجديد وتطوير المسجد والضريح ضمن خطة الدولة لتطوير مسار آل البيت".

وفي تعليقه على ما أثير من جدل بشأن طريقة التطوير والترميم أوضح رشاد أن "فلسفة الترميم هي الحفاظ على الشكل والاحتفاظ أيضا بالطابع الأثري والتاريخي للمكان أو الأثر وليس مجرد تطوير وتغيير".

ما قصة السيدة نفيسة مع مصر؟

هي السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، من سيدات أهل البيت، ولدت في مكة المكرمة عام 145 هـ، وانتقت إلى المدينة المنورة وهي في الخامسة؛ وتلقت العلوم الشرعية وعلوم اللغة بالمسجد النبوي حتى لقبها الناس بلقب "نفيسة العلم" قبل أن تصل لسن الزواج، وعرف عنها العبادة والورع والعلم.

تزوجت السيدة نفيسة من إسحق المؤتمَن بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين، وعندما تزوجت قال العلماء: اجتمع في بيتهما نوران، نور الإمامين الحسن والحسين.




وفي سنة 193 هـ شدت أسرة السيدة نفيسة الرحال إلى مصر، وعلم أهل مصر بقدومهم وخرجوا لاستقبالهم في العريش، ووصلت إلى القاهرة في 26 رمضان 193 هـ، وحظيت بحب واحترام أهل مصر، وأقبلوا عليها يلتمسون منها العلم حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات حتى توفيت عام 208 هـ بالقاهرة.

قصة السيدة نفيسة مع الإمام الشافعي

عندما وفد الإمام الشافعي إلى مصر، توثقت صلته بالسيدة نفيسة، وأصبح يزورها ويتردد عليها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان، وكلما رآها سألها الدعاء، وأوصى أن تصلي عليه في جنازته، وعندما مرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، صلّت عليها إنفاذًا لوصيته.

عندما توفيت حزن المصريون عليها حزنا شديدا، وأراد زوجها نقل جثمانها إلى البقيع عند جدّها صلى الله عليه وسلم، ولكنهم طلبوا إليه أن تدفن مكانها ولكنه أبى، وفي اليوم التالي قرر الاستجابة لهم، ولما سألوه عن سبب تغيير رأيه قال لهم إنه رأى في منامه الرسول صلى الله عليه وسلم يأمره بذلك، فدفنها في قبرها الذي حفرته بنفسها.

تطوير مثير للجدل

شهد المسجد والضريح والمنطقة المحيطة به أعمال تطوير على نفقة طائفة البهرة في الهند، وأعاد رئيس الجمهورية افتتاحه في آب/ أغسطس 2023 بحضور السلطان مفضل سيف الدين سلطان طائفة البهرة، وعدد من القيادات الدينية والشعبية.

وأدى الترميم والتطوير، بحسب مختصين في التراث والآثار حينها جدلا واسعا، بسبب ما قالوا إنه غير الطبيعة البصرية والتاريخية للمسجد والضريح على وجه الخصوص، وتم إزالة عناصر ذات قيمة تراثية وجمالية، منها المقصورة النُحاسية للضريح، والباب الفضي المُزخرف، وشعار الخديوي عباس حلمي الثاني، والمشكاوات الزجاجية.
شارك
التعليقات