وقالت ماريان كوفمان البالغة 69 عاما خلال متابعتها وقت الغروب من نقطة مشرفة على المدافن حفلة موسيقية لفنان البوب نينو ماندل: "نحن (في فيينا) نضحك ونغني في وجه الموت، لأن الحياة مستمرة".
اظهار أخبار متعلقة
أما كوني ماليخ (53 عاما) التي كانت هي الأخرى بين المتفرجين الـ750، فأبدت سرورها بأجواء الاحتفال "في مكان قد يبدو مشؤوما للوهلة الأولى".
Embed from Getty Images
وأفادت المسؤولة عن المقابر البلدية ريناته نيكلاس بأن "نحو 30 ألف زائر" يأتون كل شهر إلى المقبرة المركزية للعاصمة النمسوية بغية "ممارسة الجري أو ركوب الدراجات أو المشي".
فالواقع أن بين سكان فيينا وهذا الموقع الذي يعيش الحزن بين أرجائه، ويتجنب الآخرون ارتياد مثله عادةً، قصة حب تعود إلى زمن الإمبراطورية، إذ كان الشائع في ذلك العصر تحويل أي دفن فرصة للتباهي بثروة الراحل، إلى درجة أن تنظيم مأتم ناجح كان يهمّ البعض أكثر من النجاح في حياتهم.
وتتناقل أجيال فيينا تقليد زيارة "الملحنين المتحللين"، من لودفيغ فان بيتهوفن إلى يوهان شتراوس، مرورا بيوهانس برامز ويوهان نيستروي.
وقالت نيكلاس: "يعزينا أن موتانا لا يستريحون في مكان حزين وبارد، بل في مكان نابض بالحياة".
وبمناسبة الذكرى المئة والخمسين لتأسيس المقبرة، أقيمت مجموعة من الحفلات الموسيقية وحصص اليوغا، مما حوّل المثوى الأخير لأكثر من ثلاثة ملايين شخص "مكانا نابضا بالحياة" يمتد على مساحة كيلومترين مربعين ونصف كيلومتر في ضواحي المدينة ذات المليونَي نسمة.
اظهار أخبار متعلقة
وتضم هذه المقبرة التي دُشِّنَت عام 1874 في الإمبراطورية الكبيرة المتنوعة طائفيا وعرقيا، أقساما لمدافن اليهود والبروتستانت والمسلمين، علما بأن الحصة الأكبر من المساحة مخصصة للغالبية الكاثوليكية.
وبات ممكنا اليوم مواراة البوذيين والأقباط أيضا في ثرى مقبرة العاصمة النمسوية.
ولا غرابة مثلا في أن يصادف زائر المقبرة صيادين أو حتى بستانيين ناشئين يزرعون الطماطم أو سواها في أجزاء من أرضها الشاسعة.
وفي الطبقة السفلية من كنيسة صغيرة، متحف لدفن الموتى، كان الأول في العالم يعرض توابيت وأكفانا اعتبارا من سنة 1967.
وتكاد كل هذه الأنشطة في المقبرة تحجب مهمتها الأساسية، وهي احتضان المتوفين، وهي في هذا الإطار تشهد دفن نحو 20 جثمانا في اليوم.