متى نظر الإنسان إلى نفسه في المرآة لأول مرة؟.. إليك القصة الكاملة

GettyImages-171432625
هل تؤمن أن لكثرة النظر في المرآة آثارا سلبية؟ - جيتي
  • عربي21 - أحمد مصطفى
  • الجمعة، 07-07-2023
  • 08:30 م
هل تنظر في المرآة كلما تيسر لك ذلك؟ وهل قبلت نفسك في مرآة الحمام؟ وهل تتحدث مع نفسك في مرآة المصعد عندما تكون وحيدا؟

لطالما ارتبط ذكر المرآة بإعجاب المرء بنفسه، وأسطورة نرجس، أو نرسيس اليونانية أبرز الشواهد المبكرة على النظر في مرآة الطبيعة، ومن الأسطورة اتخذ سيغموند فرويد اسم نظريته النفسية ومرض "النرجسية".

لوحة نرسيس

والنظر في المرآة والإعجاب أمران متلازمان، إذ أنها ما صنعت إلا ليرى الإنسان نفسه، ويصلح من مظهره ما استطاع إليه سبيلا.
 
"المرآة" في اللغة العربية اسم آلة للفعل رأى، وبالإنجليزية "Mirror" مشتقة من الكلمة الفرنسية "mirour" من اللاتينية "mirari" بمعنى "الإعجاب" أما الرومان فاستخدموا لفظة "speculum" أي "النظر".

تاريخ المرآة

ويقول موقع المكتبة الوطنية الأمريكية للطب، إن تاريخ المرايا يعود إلى 8 آلاف عام خلت، وإنها لعبت دورا رئيسا في الانكسار والتكبير لفترة طويلة من الزمن، سبق اختراع العدسات والنظارات، كما كانت واسعة الانتشار في العصر الروماني على وجه الخصوص.

وتقول البحوث بحسب موقع المكتبة إن أقدم أثر للمرايا المصنعة يعود إلى 8 آلاف عام في الأناضول (جنوب وسط تركيا حاليا)، وكانت هذه المرايا تصنع من الزجاج البركاني، ولها سطح محدب، وجودة بصرية جيدة.

وبحسب مراجعة لعالم البصريات، جاي إينوك، فقد قام سكان الأناضول بتصنيع أول المرايا على وجه الأرض، من زجاج بركاني مصقول، بحسب مجلة "Optometry and Vision Science".

غير أن إينوك قال أيضا إن المخترع الأول للمرآة على الإطلاق هي برك الماء الهادئة، أو الماء المحفوظ في أواني الفخار. (المصدر)

كما لفت إلى أنه تم العثور على مرايا أيضا في فترات أحدث في كل من مصر، وبلاد ما بين النهرين، ولاحقا في الصين، ثم في أنحاء مختلفة من العالم تعود تواريخها إلى 2000 و4000 قبل الميلاد تقريبا.
وصنع المصريون المرايا من البرونز المصقول، بمقابض عاجية أو معدنية.

مرآة مصرية

وبعد ألف عام تقريبا، بدأ الناس في أمريكا الوسطى والجنوبية في صنع المرايا من الصخر المصقول، بينما صنعها الصينيون والهنود لاحقا من البرونز. (المصدر)

في سياق متصل، تشير البحوث أيضا إلى "عدسات" اكتشفت في عصر الأسرة الخامسة في مصر القديمة، معروضة حاليا في متحف اللوفر في باريس، والمتحف المصري بالقاهرة تعود إلى 2400 عام قبل الميلاد، وكانت مصنوعة من بلوز صخري عالي الجودة، ربما تكون دليلا على نظارات بدائية في ذلك الوقت، ما يدل على معرفة متقدمة للمصريين القدماء بالعيون وتشريحها. (المصدر)

وفي القرن الأول بعد الميلاد، أشار المؤلف الروماني بليني الأكبر إلى أول استخدام مكتوب للمرايا الزجاجية في موسوعته عن التاريخ الطبيعي.

وفي عصر الفيلسوف الروماني سينكا الأصغر في القرن الأول للميلاد، كانت المرايا في اليونان صغيرة وزخرفت معظمها بزخارف الآلهة القديمة، إيروس إله الرغبة، وأفروديت إلهة الجمال والحب.

مرآة مزخرفة يونانية

وذكر سينكا أن هذه المرايا كانت غالية الثمن، وكان ثمن المرآة الواحدة يساوي ما يدفع للمرأة من مهر في ذلك الوقت.

ومع صعود الإمبراطورية الرومانية، ظهرت صناعة المرايا في كل الأراضي التي استقر فيها الرومان بما في ذلك إنجلترا، وبعد الانهيار ودخول العصور المظلمة حتى نهاية القرن الخامس عشر، تراجعت صناعة المرايا. (المصدر)

عصر الإسلام

وفي القرن السابع الميلادي، عرف المسلمون المرآة، واستحبوا النظر فيها لحرصهم على الظهور بمظهر حسن، وعلمهم الرسول عليه الصلاة والسلام دعاء عند النظر في المرآة، شأن باقي الأدعية كدعاء ركوب الدابة، أو دخول الخلاء، أو ارتداء الملابس.

وفي الحديث: عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر وجهه في المرآة قال: "الحمد لله اللهم كما أحسنت خلقي فحسن خلقي".

وجاء عن ابن تيمية في "شرح العمدة": ويستحب أن ينظر في المرآة ليتجنب ما يشينه، ويصلح ما ينبغي إصلاحه.


مرآة بزخارف وكتابة إسلامية

العصر الحديث

وفي القرن الخامس عشر، كانت المرايا حكرا على الطبقة الثرية، وكانت تصنع من الزجاج والمعدن، ولم تكن كبيرة بما يكفي. (المصدر)

أما في العصر الحديث، وقبل 190 عاما تقريبا، وبالتحديد في عام 1835 طور الكيميائي الألماني، يوستوس فون ليبيغ، طبقة رقيقة من الفضة على جانب واحد من لوج زجاج شفاف، وعمل على هذه التقنية وحسنها، لتظهر المرآة بشكلها الحديث، وفتح الباب أمام الإنتاج الضخم للمرايا.

أما في اليابان فكانت المرايا في القرن التاسع عشر مصنوعة من المعدن بالكامل، وكانت تحتاج إلى صقل دائم حتى تحافظ على لمعانها وجودتها. (المصدر)


مرآة يابانية قديمة

المرآة في ثقافات الشعوب

ترى بعض الثقافات أن المرايا ليست دائمة جيدا، فلم يرحب شعب بيامي المعزول في بابوا غينيا الجديدة في السبعينات بإدخال أحد علماء الأنثروبولوجيا المرآة إلى قبيلتهم، وقابلوا رؤية وجوههم فيها بالخوف والرعب.

كما أن بعض الثقافات الآسيوية ترى أن إهداء الأزواج الجدد مرآة هو فأل سيء لكونها هشة وسريعة الكسر والمفروض أن تكون الزيجات طويلة ومتينة، ويرى آخرون أنها تحمل في داخلها أرواحا شريرة.

وتقول أسطورة أخرى إنه بمجرد وفاة شخص في العائلة يجب تغطية المرايا لكون روح المتوفى تجول في المكان، وربما تحاصر في إحدى المرايا قبل دفن الجسد.

وفي الشيفا، وهي فترة الحداد في اليهودية، يطلب من الأفراد في حالة الحداد تغطية المرايا، وبعض اليهود يغطون الصور أيضا، لأسباب عديدة، منها أن المفترض في الحزن أن لا يركز الإنسان على نفسه، وسبب آخر لأن بيت العزاء مكان صلاة، ولا يجوز الصلاة بوجود صورة وهو ما يسري على المرآة.

مرآة مغطاة خلال الحداد اليهودي

شارك
التعليقات