وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إن التعامل مع وسائل الإعلام المخيفة والعواطف التي تخلقها في بيئة آمنة يمكن أن يساعد الناس على بناء مرونة نفسية، لكن بحثًا نُشر مؤخرًا في المجلة البريطانية لعلم النفس، يظهر أن الاهتمام المتزايد بالتعرف على التهديدات يمكن أن يؤدي أيضًا إلى اهتمام الناس بأنواع أقل إيجابية من القصص: نظريات المؤامرة.
أوضح الموقع أن نظريات المؤامرة غالبًا ما تقدم تفسيرات بديلة للأحداث المقلقة، من عبدة الشيطان الذين يديرون العالم خلسة إلى السحالي التي تغزو العالم؛ حيث تركز جميعها على اقتراح مفاده أن مجموعة خبيثة من الناس تقف وراء أحداث غريبة أو سياسية، وتشترك نظريات المؤامرة أيضًا في أنها تتعارض مع التفسيرات السائدة وتفتقر إلى الأدلة الملموسة.
اظهار أخبار متعلقة
وإذا كان الدافع وراء البحث عن نظريات المؤامرة هو الرغبة في تحديد وفهم التهديدات المحتملة، فيجب علينا أن نتوقع أن يرتبط الاهتمام بنظريات المؤامرة بفضول مرضي أعلى.
وذكر الموقع أنه للتحقيق في هذا الارتباط أجريت ثلاث دراسات، ضمت كل دراسة مجموعات مختلفة من المشاركين، واختبرت الدراسة الأولى السؤال التالي: هل يرتبط الفضول المرضي بزيادة الإيمان بنظريات المؤامرة؟ وباستخدام مقياس الفضول المرضي ومقياس معتقدات المؤامرة العام، وخلصت إلى أنه كلما كان الأشخاص أكثر فضولًا بشكل مرضي، زاد إيمانهم العام بنظريات المؤامرة.
وأفاد الموقع بأن الفضول المرضي في علم النفس يصف الاهتمام المتزايد بالتعرف على المواقف المهددة والخطيرة، ويمكن قياسه باستخدام مقياس الفضول المرضي، والذي يعطي تصنيفًا للفضول المرضي العام، والفضول في أربعة مجالات: عقول الأشخاص الخطرين، والعنف، والخطر الخارق، وانتهاك الجسد، يحدث العنف عندما تشعر بالفضول تجاه الحدث نفسه (مثل مباراة ملاكمة)، وتعتبر الإصابة الجسدية فضولًا بشأن آثار العنف (مثل الذهاب إلى متحف جراحي).
ويميل الأشخاص الأصغر سنًا إلى أن يكونوا أكثر فضولًا بشكل مرضي، ولكن ليس هناك ميل إلى وجود فجوة كبيرة بين الجنسين.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف الموقع أن الدراسة الثانية تختبر ما إذا كان الارتباط بين الفضول المرضي والاهتمام بنظريات المؤامرة مدفوعًا بتصور الناس للتهديدات، حيث قام الأشخاص بتقييم مدى شعورهم بالتهديد أمام العديد من التفسيرات للأحداث، وتضمنت الأحداث تفسيرات سائدة وتآمرية لنفس الشيء، مثل ما إذا كانت نفاثات الطائرة عبارة عن بخار ماء، أو "مسارات كيميائية" ضارة، وتوصلت الدراسة إلى أنه كلما زاد الفضول المرضي لدى الناس، زاد إدراكهم للتهديد في التفسيرات التآمرية.
أما الدراسة النهائية فإنها تعمل على التحقق مما إذا كان الفضول المرضي يجعل الناس أكثر عرضة لتفسير الأحداث وفقًا لنظريات المؤامرة؛ حيث طُلب من الأشخاص الاختيار بين سلسلة من الأوصاف المزدوجة، واختيار الزوج الذي يرغبون في معرفة المزيد عنه.
وكان بعضها هذه الأوصاف مرضيًا وغير مرض، مثل رؤية صورة رجل قتل صديقته وأكلها، أو صورة رجل أنقذ صديقه من الغرق، والبعض الآخر عبارة عن أزواج من التفسيرات التآمرية والسائدة لنفس الحدث، مثل غرق تيتانيك - لأنه اصطدم بجبل جليدي، مقابل غرقه عمدًا في عملية احتيال تأمينية.
ووجدت الدراسة أنه كلما كان الناس أكثر فضولًا بشكل مرضي في اختياراتهم (مثل اختيار عرض صورة الرجل الذي قتل صديقته)، زاد احتمال اهتمامهم بالتفسيرات التآمرية.
وأشار الموقع إلى أنه في هذه الدراسات الثلاث، كان الأشخاص الذين يعانون من الفضول المرضي أكثر عرضة لاعتقادات المؤامرة العامة، ويرون أن نظريات المؤامرة أكثر تهديدًا، ويظهرون اهتمامًا أكبر بمعرفة المزيد عن تفسيرات المؤامرة، وفي المجالات الثلاثة، كان مجال الفضول المرضي الذي كان مرتبطًا بقوة بالاهتمام بنظريات المؤامرة هو "عقول الأشخاص الخطرين".
لماذا عقول الأشخاص الخطيرين؟
أشارت الأبحاث السابقة إلى أن الناس ينجذبون بشكل خاص إلى القصص المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية والتهديدات، لكن الجماعات المعادية المرتبطة بنظريات المؤامرة تنجذب بشكل خاص للبشر.
اظهار أخبار متعلقة
ولطالما شكلت المجموعات المعادية من الأشخاص الآخرين تهديدًا للبشر، فقد ظهر التفكير الجماعي في وقت مبكر من تطور الإنسان العاقل، فتطور اللغة عند البشر سمح لعدواننا بأن يكون أكثر تعمدا وتنسيقا، فضلًا عن كونه خادعًا وتآمريًّا، وهذا يعني أن البشر بحاجة إلى أن يكونوا فضوليين بشأن نوايا الأشخاص الذين يحتمل أن يكونوا خطرين، ورغم أن الفضول يمكن أن يكون مفيدًا، إلا أن الحساسية تجاه تفسيرات التهديدات، على سبيل المثال نظريات المؤامرة، يمكن أن تدفع الناس إلى افتراض أن الآخرين لديهم دوافع خطيرة في حين أنهم ليسوا كذلك.
واختتم الموقع التقرير بأن فهم الأحداث في عالمنا المعقد والحديث يمكن أن يكون أمرًا صعبًا، وقد يقودنا إلى الحذر من التهديدات المحتملة، والاستفادة من فضولنا المرضي القديم، فالفضول المرضي ليس سيئا بطبيعته، ولكن الاهتمام المتزايد بالتعرف على المخاطر التي تمثلها نظريات المؤامرة يمكن أن يعزز الاعتقاد بأن العالم مكان خطير، ويؤدي هذا إلى خلق حلقة من ردود الفعل التي تزيد من القلق، مما يدفع الناس إلى مزيد من الانحدار في نظريات المؤامرة.