أقدم أعياد المصريين | شم النسيم.. هل يأخذ السردين مكان الفسيخ على المائدة؟

GettyImages-1251747902
هل يتخلى المصريون عن الفسيخ؟ - جيتي
  • محمد سندباد
  • الإثنين، 17-04-2023
  • 02:58 م
يحتفل المصريون بعيد شم النسيم أحد أقدم الأعياد الشعبية، والذي بدأ الاحتفال به منذ العهد الفرعوني القديم بمناسبة دخول فصل الربيع رمز الحياة لدى قدماء المصريين من خلال طقوس خاصة، وهو إجازة رسمية في البلاد.

يوافق عيد شم النسيم أحد أيام الإثنين من شهر نيسان/ أبريل من كل عام حيث يبدأ الاحتفال مبكرا بخروج العائلات إلى الحدائق والمتنزهات في المدن، والأراضي الزراعية في الأرياف الممتدة على طول وادي النيل والدلتا حتى غروب الشمس.

اظهار أخبار متعلقة



وتحرص الأسر على تناول نوع معين ومحدد من الطعام في ذلك اليوم، وهو عبارة عن أسماك مملحة ويطلق عليه (الفسيخ) إلى جانب الرنجة والسردين.




طقوس شم النسيم

إلى جانب أطباق الأسماك المتنوعة، أضاف المصري القديم إليها البيض الملون الذي يرمز لميلاد حياة جديدة، والليمون والبصل الأخضر والخس والجرجير لأسباب صحية تتعلق بمقاومة كميات الأملاح الزائدة، وإزالة الروائح الشديدة وقتل أي بكتيريا.

لكن هذا العام، بات الاحتفال مقتصرا على المسيحيين، نظرا لتزامن عيد شم النسيم مع صيام المسلمين شهر رمضان الكريم، وبالتالي لا يمكنهم الخروج صباحا وزيارة الحدائق والغيط لتناول وجبتهم الصباحية المفضلة، لكن البعض قرر إرجاء الاحتفال لما بعد عيد الفطر.

ويميز عيد شم النسيم المصريين عن غيرهم من الشعوب المجاورة، ويعتبر من الأعياد القليلة التي حافظ المصريون عليها ولم تندثر مثل الكثير من الأعياد المتنوعة سواء كانت دينية أو اجتماعية أو زراعية، ويمتد زمن الاحتفال بالعيد إلى أكثر من 4700 عام.




وينتمي عيد شم النسيم إلى الأعياد الزراعية في مصر القديمة ثم تم صبغته بصبغة اجتماعية، وكان يسمى في اللغة المصرية القديمة، الهيروغليفية، "شمو" وتعني "الحصاد"، ثم تحولت الكلمة إلى "شم" في اللغة القبطية.

وذهب بعض علماء المصريات، وهو علم يختص بدراسة تاريخ مصر القديمة، إلى أن الاحتفال بعيد شم النسيم، من خلال ما سجله المصريون في نقوشهم على جدران المقابر والمعابد، يعود إلى عصور ما قبل الأسرات، والبعض ذهب إلى القول بأنه يعود إلى عام 4000 قبل الميلاد، وذهب البعض الآخر إلى أنه بدأ مع نهاية الأسرة الثالثة عام 2700 قبل الميلاد.



شهر رمضان أبطل شم النسيم

وقال رئيس شعبة الأسماك بالغرفة التجارية في الإسكندرية، محمد قدورة، إن "تزامن قدوم عيد شم النسيم مع شهر رمضان ألغى مظاهر الاحتفال شكلا ومضمونا؛ بسبب صيام المسلمين في هذا الشهر، وعدم قدرتهم على الخروج والتريض والاستمتاع بأجواء الربيع".

وبشأن انعكاس عدم الاحتفال هذا العام بعيد شم النسيم على أسواق الأسماك المملحة، أوضح لـ"عربي21 لايت"، أن "هناك شبه توقف تام في سوق الأسماك المملحة بجميع أنواعها، وبالتالي تراجعت المبيعات إلى الصفر تقريبا باستثناء الأقباط، والكميات التي تم إنتاجها محدودة للغاية لأن أي كميات إضافية معرضة للتلف سريعا".

اظهار أخبار متعلقة



ورغم عدم الإقبال على شراء الفسيخ والأسماك المملحة هذا العام، فإن الأسعار تضاعفت تقريبا مقارنة بالعيد الماضي، مضيفا أن "أسماك السردين والرنجة يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة، أما بخصوص الفسيخ فيتم تصنيعه من سمك البوري، وهو سمك محلي وليس مستوردا".

ورصد مراسل "عربي21 لايت" تراجع الإقبال على الأسماك المملحة، وإنتاج كميات محدودة، وهو ما أكده المعلم صبور أبو هلال بمحافظة الجيزة، صاحب أحد محلات الأسماك الشهيرة في منطقته بالقول: "لا أحد يسأل عن الفسيخ، هناك إقبال على الأسماك العادية مثل السمك المشوي والمقلي في إطار التنوع في وجبات الإفطار".

وبخصوص الأسعار هذا العام، أوضح لـ"عربي21 لايت": "يباع النوع الكبير المفضل بـ250 جنيها أو 270 جنيها (9 دولارات) في المناطق المتوسطة، وتصل مدة تخزينه نحو أسبوعين أو أربعة أسابيع، ويصل سعر كيلو الرنجة إلى 90 جنيها (3 دولارات)، وهذه الأسعار تعادل ضعف سعر العام الماضي".

لا بديل للفسيخ رغم النصح

ورغم وقوع بعض الحالات المرضية مثل التسمم من تناول بعض الأنواع غير المخزنة بشكل جيد، تحذر وزارة الصحة بشكل دائم من تناوله من مصادر مجهولة، أو غير متخصصة، وفي هذا الإطار قدم المركز القومي للبحوث بديلا للفسيخ، وقال إن من الأفضل في يوم شم النسيم أكل السردين والرنجة لتجنب حدوث أي حالات تسمم.






وهو ما أكدت عليه أستاذة التغذية بالمركز القومي للبحوث، الدكتور نيرة شاكر، بالقول: "إن تناول السردين يوم شم النسيم مفيد؛ لأنه يحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة أو ما يعرف بالأوميجا 3 وهي مفيدة في الوقاية من أمراض تصلب الشرايين وتساعد في خفض الكوليسترول في الدم والجليسريدات الثلاثية".

وأضافت في تصريحات لـ"عربي21 لايت": "لا مانع من أكل الفسيخ ولكن بشروط محددة وواضحة، وهو أن يكون من مكان آمن ومعروف وثقة، وأن يكون مملحا بشكل مقبول، لأن مخاطر ملوحته الزائدة تضر ببعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والضغط والكلى والحساسية، إذ أن بعض الأشخاص لديهم حساسية من هذا النوع من الأسماك، وكل إنسان طبيب نفسه، يعرف ما يفيده وما يضره، وعلى دراية بوضعه الصحي الخاص".

اظهار أخبار متعلقة



ورأت شاكر "أن البحث عن بديل أمر غير قابل للتنفيذ، لأن الاحتفال بهذا العيد الممتد لأكثر من ألفي عام يعد تناول الفسيخ أحد أهم طقوسه، ومظاهر الاحتفال به، ولذلك كان المصري القديم على دراية بأضراره ومن أجل تخفيف حدتها تناول معها الليمون الذي يحتوي على مضادات للأكسدة، والخضروات المفيدة وعلى رأسها البصل الذي يعمل كمضاد حيوي مضاد للالتهاب".
شارك
التعليقات