كيف تربي أبناءك على أن يكونوا أقل مادية في ظل انتشار ثقافة الاستهلاك؟

pexels-gustavo-fring-3985097
لا يمكنك عزل الأطفال تماما عن عالم الإعلانات والرغبات - CC0
  • عربي21 لايت
  • الأحد، 17-12-2023
  • 10:12 م
نشر موقع "فوكس" تقريرا حول تحديات تثقيف الأطفال بشأن المال والتسوّق في ظل انتشار ثقافة الاستهلاك، وقدّم نصائح للآباء والأمهات عن كيفية توجيه أطفالهم لاتخاذ قرارات مالية مستدامة.

وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21 لايت"؛ إن الأطفال أكثر عرضة من أي وقت مضى للإعلانات التليفزيونية والإعلانات المستهدفة على منصات التواصل الإجتماعي.

إظهار أخبار متعلقة



وبفضل سيطرة أمازون والقدرة على الشراء مباشرة من الهاتف، أصبحت هناك تجربة تسوق خالية من الاحتكاك، لم تكن موجودة عندما كان جيل الألفية أطفالا.

وبما أن معاملات الشراء غير مرئية، فإن انتشار التسوق وسهولته اليوم يجعل تعليم الأطفال عن التكلفة الحقيقية للمنتجات أمرا صعبا.

وحسب الخبراء، فإن الرسائل المستمرة حول الألعاب والإلكترونيات قد تضر الأطفال أيضا، فقد ارتبطت المادية بانخفاض المشاركة الأكاديمية والإنجاز، بالإضافة إلى القلق والاكتئاب والأنانية. كما أن شراء الكثير من الأشياء، خاصة عبر الإنترنت والشحن فائق السرعة، يساهم أيضا في تغير المناخ، مما يعرض مستقبل الأطفال للخطر، ويعلمهم درسا خاطئا حول مسؤولياتهم.

وذكر الموقع أنه باعتبارك أحد الوالدين، قد يصعب معرفة كيفية التصدي لوابل الرسائل الاستهلاكية تلك، خاصة عندما ينقل البالغون خبرتهم الخاطئة حول المال والتسوق والشراء، لأطفالهم أحيانا. ولكن حتى في زمننا المشبع بالمادية، هناك طرق ملموسة لمساعدة الأطفال على التفكير بشكل أقل في شراء السلع، والتفكير بشكل أكثر انتقادية بشأن ما يريدونه حقّا.

إظهار أخبار متعلقة



حسب الخبراء، إن المفتاح هو التواصل حول الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي والمال، والأهم من ذلك، حول المشاعر الحقيقية وراء رغبة أطفالك. وتقول أليسون بوغ، أستاذة علم الاجتماع بجامعة فيرجينيا؛ إن "هذه الرغبة في نهاية المطاف رغبة اجتماعية، حيث يحاول الأطفال التواصل، والأشياء هي اللغة التي يستخدمونها في فعل ذلك".

تحدث مع أطفالك عن الإعلانات

أفاد الموقع بأن الإعلانات التلفزيونية لم تعد منتشرة كما كانت من قبل؛ لأن عددا متزايدا من الأطفال يستهلكون التلفزيون من خلال خدمات البث الخالية من الإعلانات، لكنهم يتعرضون الآن للتسويق على العديد من المنصات الأخرى، بما في ذلك "يوتيوب" و"تيك توك" و"إنستغرام"، إما على أجهزتهم الخاصة أو على أجهزة والديهم.

وأوضح الموقع أن بعض الإعلانات تكون على هذا النحو، والبعض الآخر هو ما يسمى بـ"الإعلانات غير الواضحة"، مثل المنشورات المدعومة، ومقاطع فيديو فتح علب الألعاب، والصور الرمزية المدعومة أو العوالم داخل الألعاب عبر الإنترنت. وتقول سكيدلسكي؛ إن هناك أيضا مجموعة كبيرة من المحتوى غير المدعوم بشكل صريح، ولكنه لا يزال يضم الكثير من المنتجات، مثل الروتين الصباحي.

وفقا للخبراء، فإنه يصعب على الأطفال تمييز التنسيقات "غير الواضحة" باعتبارها تسويقية. وعندما يبدأ الأطفال في التعرف على حقيقة التسويق عبر المؤثرين، "فإن ذلك لا يجعلهم أكثر تشككا"، بل غالبا ما يطور الصغار علاقات شبه اجتماعية مع الأشخاص المؤثرين. في هذا الصدد، تؤكد سكيدلسكي؛ "إننا نرى الكثير من حياة المؤثرين، ونشعر كما لو أننا نعرفهم، لذلك عندما أسمعهم يوصون بمنتج ما، سأصدقهم أكثر بكثير من مجرد الإعلانات التقليدية التي أشاهدها على شاشة التلفزيون".

إظهار أخبار متعلقة



وأشار الموقع إلى أن الأطفال لا يستمعون دائما إلى والديهم بشأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وحسب باتريس بيري، عالم النفس السريري، فإنه عندما يقول أحد الوالدين لا تفعل ذلك، فإن ذلك يجعل الأطفال يرغبون في القيام به أكثر. ولكن المحادثات المبكّرة حول إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تجعل الطفل أكثر وعيا. يمكن الاطلاع على الإعلانات أو منشورات المؤثرين مع الطفل وطرح أسئلة مثل "ماذا تعتقد أنهم يحاولون حثك على القيام به؟". وحسب جولين، فإن إجراء مثل هذه المحادثات "يمكن أن يساعد الأطفال على تطوير الحس النقدي".

بالنسبة للأطفال الأكبر سنّا والمراهقين، فقد يكون النهج الأكثر ليونة أكثر فائدة من محاولة حظر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كامل. يقول بيري؛ إنه يمكن للوالدين أن يسألوا أطفالهم عن إحساسهم بعد قضاء الوقت على منصة معينة، وإذا تحدثوا عن الشعور بالحزن أو الرغبة في الحصول على أشياء لا يملكونها، فقد تكون الخطوة التالية هي "مساعدتهم في الوصول إلى فكرة أنه ربما يجب قضاء وقت أقل على هذه المنصة". كما يؤكد الخبراء أنه يمكن للآباء دعوة الشركات والمشرّعين إلى سنّ تغييرات واسعة النطاق؛ للمساعدة في حماية الأطفال من الإعلانات. 

تحدث مع أطفالك عن المال

أوضح الموقع أن أي محادثة مع الأطفال حول النزعة الاستهلاكية لا تتعلق فقط بمحو الأمية الإعلامية بل والمالية أيضا. فقد لا تحتمل الميزانية لعبة أو جهازا جديدا، مما قد يسبب التوتر للآباء وخيبة الأمل للأطفال، لكن وضع حدود واضحة يمكن أن يساعد في تجنب بعض الصراعات.

وذكر بيري: "إذا ذهبت مع طفلي إلى متجر، وسمحت له بالحصول على شيء ما، فيجب أن يعلم نطاق السعر الذي يمكنه إنفاقه".

وتابع الموقع أن المشاركة يمكن أن تكون أيضا وسيلة لمساعدة الأطفال على فهم الادخار والميزانية، بالإضافة إلى منحهم دورا أكثر نشاطا في قرارات الشراء. فعلى سبيل المثال، يمكن للأطفال دفع جزء من مخصصاتهم لشراء شيء ما يرغبون فيه، حيث يعتمد مبلغ مخصصات الطفل على موارد الأسرة.

إظهار أخبار متعلقة



وأضاف الموقع بأنه يمكن للوالدين أيضا تعليم أطفالهم كيفية تطوير استهلاك ناقد، بالبحث عن المنتجات، والتفكير فيما يشترونه. أورد سكيدلسكي أنه من المهم للغاية، خاصة بالنسبة للمراهقين عندما يكون لديهم أموالهم الخاصة، أن يقوم الآباء بتعليمهم كيفية التفكير فيما يشترونه، وليس مجرد شراء الأشياء بشكل متهور.

ومن بين طرق تقليل الشراء المندفع، أن تطلب من الأطفال التوقف والتفكير في سبب رغبتهم في الحصول على شيء ما. وقالت مارشا ريتشينز، أستاذة التسويق في كلية إدارة الأعمال في جامعة ميسوري: "في بحثي، أطلب أحيانا من الأشخاص شرح التغييرات التي يتوقعون حدوثها في حياتهم بعد شراء شيء يريدونه، وبعد هذه العملية، هناك غالبا ردتا الفعل، إما أن يكون لديهم دافع أكبر لشراء العنصر المطلوب، أو أنهم يستنتجون عدم حاجتهم إليه على الإطلاق".

تحدث مع أطفالك عن مشاعرهم

أوضح الموقع أنه رغم أهمية المحادثات حول المال والإعلانات، إلا أنه من المهم أيضا فهم جذور رغبة الكثير من الأطفال في الأشياء، حيث كثيرا ما يتعلق الأمر بالرغبة في التأقلم. فالأطفال لا يحاولون التفوق بعضهم على بعض، بل يريدون فقط الحصول على الشيء نفسه الذي يجعلهم يشعرون بالانتماء. قد يشعر الأطفال بالنقص أو حتى يتعرضون للتنمر إذا لم يكن لديهم لعبة أو جهاز معين أحيانا، لذا قد يحتاج الآباء إلى التعامل مع أطفالهم بالتعاطف ومعرفة ما يحدث بالفعل، وعرض المساعدة على أطفالهم بشأنه.

لا يعني هذا بالضرورة شراء المنتج، حيث أوضح بيري أن التحقق من أنه من المفهوم أنهم يشعرون بهذه الطريقة، لا يعني الاستسلام لما يريدون، ولكنه يساعد الطفل على الشعور بأنه مرئي، ومسموع، ومفهوم. ومن المهم أيضا توفير مساحة للأطفال للعب والتواصل الاجتماعي بطرق لا تتضمن الألعاب ذات العلامات التجارية، من خلال قضاء بعض الوقت في الطبيعة، وهو ما يتناقض مع نهج اللعب الاستهلاكي. وحتى الأطفال الذين تأثروا بثقافة الاستهلاك لديهم خيال، وهذا شيء رائع يجب رؤيته. 

أكد الموقع أنه يمكن للبالغين أيضا إظهار السلوكيات والقيم التي تتعارض مع فكرة أننا يجب أن نحصل على ما يمتلكه أي شخص آخر. ويكمن السبب وراء رغبة الكثير من الأطفال في شراء الأشياء في القلق بشأن الاختلاف، ولمعالجة هذه المشكلة، يحتاج الآباء إلى التفكير في نهج خاص تجاه الاختلاف ووضع نموذج له، ومحاولة تجربة المتعة والتنوع والغنى الذي يجلبه الاختلاف بجميع أنواعه إلى حياتنا.

ويمكن للبالغين أن يعطوا لأنفسهم وأطفالهم متنفسا، ففي حين أن هناك خطوات يمكن للبالغين اتخاذها لتحصين أطفالهم ضد التأثيرات الأكثر ضررا لثقافة الاستهلاك، إلا أنه من غير الواقعي أن تتوقع عزل أطفالك تمامًا عن عالم الإعلانات والاتجاهات والرغبات.
شارك
التعليقات