وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21 لايت"، إن المشاريع البحثية أظهرت وجود صلة قوية بين التمتع بقسط كاف من النوم والصحة العاطفية. وبالنسبة للأفراد الأصحاء؛ يرتبط النوم الجيد بمزاج أكثر إيجابية، فيما يتسبب الحرمان من النوم ليلة واحدة فقط في إثارة القلق والاكتئاب بشكل كبير.
علاوة على ذلك، يميل الأشخاص الذين يعانون من اضطراب النوم المزمن إلى اعتبار الأحداث اليومية أكثر سلبية، ما يجعل من الصعب عليهم الهروب من العقلية الكئيبة. في الواقع، في استطلاع وطني للنوم، أبلغ 85 بالمئة من الأمريكيين عن اضطراب مزاجهم عندما لا يتمكنون من الحصول على قسط كافٍ من النوم.
اظهار أخبار متعلقة
وذكرت المجلة أن أبرز تأثيرات قلة النوم على النسيج الداخلي لعقولنا تتمثل في تعطيل دوائر الدماغ لتنظيم العواطف. في الواقع، قد تؤدي قلة النوم والقلق أو الاكتئاب أو غيرها من حالات الصحة العقلية إلى تغذية بعضها البعض، ما يخلق حلقة مفرغة يصعب للغاية كسرها.
وتأتي الكثير من الأدلة في هذا المجال من عدم القدرة على النوم أو الأرق، ويعد الأشخاص الذين يعانون من الأرق الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب أو القلق في وقت لاحق من الحياة بمقدار الضعف مقارنة بالأشخاص الذين ينامون جيدًا.
وأوضحت المجلة تزيد أعراض الأرق من خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، وتتتبع بشكل وثيق السلوك الانتحاري بين الأفراد المعرضين للخطر، وغالبًا ما تسبق نوبة مزاجية لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب. علاوة على ذلك؛ حتى بعد تلقي العلاج المناسب للاكتئاب أو القلق، فإن الأشخاص الذين لا يزالون يعانون من صعوبات في النوم يكونون أكثر عرضة لخطر الانتكاس مقارنة بأولئك الذين تتحسن جودة نومهم. إن فهم دور النوم في هذا النمط يمكن أن يفتح رؤى جديدة للمساعدة في الوقاية من العديد من الاضطرابات العاطفية والعقلية وعلاجها.
ووفق المجلة؛ فقد كشفت الأبحاث القديمة بالفعل أن فقدان النوم يمكن أن يسبق أعراض الصحة العقلية الخطيرة لدى الأفراد الأصحاء. ونظرًا لهذه التأثيرات المدمرة؛ فإن الدراسات التي تتناول الحرمان من النوم لفترة طويلة تعتبر حاليًّا غير أخلاقية، لكنها لا تزال تقدم تذكيرًا قويًّا بمدى اعتماد عقولنا وصحتنا العقلية على النوم.
وحتى في ظل هذه النتائج المذهلة؛ كان العلماء متشككين بشأن عواقب عدم التمتع بقسط كاف من النوم. ففي السنوات الأخيرة؛ ظهر تفسير علمي عصبي بدأ يسلط الضوء على ما يتعلق بالنوم، أو عدمه، والذي يبدو أن له صلة مباشرة بمشاعرنا.
وحسب المجلة؛ عندما نواجه تحديًا مرهقًا للأعصاب أو عاطفيًا، فإن مركزًا عميقًا في الدماغ يسمى اللوزة الدماغية ينشط. ويمكن أن تؤدي اللوزة الدماغية إلى استجابة شاملة لكامل الجسم لإعدادنا لمواجهة التحدي أو التهديد الذي نواجهه. وتزيد استجابة القتال هذه من معدل ضربات القلب وترسل موجة من هرمونات التوتر تندفع إلى مجرى الدم.
ولحسن الحظ؛ هناك منطقة واحدة في الدماغ تقف بيننا وبين سلسلة من فرط اليقظة وهي قشرة الفص الجبهي. وتشير الدراسات إلى أن النشاط في هذه المنطقة يميل إلى تثبيط اللوزة الدماغية أو تقليل تنظيمها، وبالتالي إبقاء استجابتنا العاطفية تحت السيطرة.
وأضافت المجلة أنه في الدراسات التي أُجريت على متطوعين أصحاء من خلال حرمانهم من النوم لليلة واحدة، واكتشفوا أن نشاط قشرة الفص الجبهي انخفض بشكل كبير، كما تم قياسه باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. علاوة على ذلك؛ أصبح النشاط العصبي الذي يربط اللوزة الدماغية وقشرة الفص الجبهي أضعف بشكل ملحوظ.
اظهار أخبار متعلقة
بعبارة أخرى؛ فإن المنطقة والدائرة التي تهدف إلى إبقاء ردود أفعالنا العاطفية تحت السيطرة تكون في الأساس خارجة عن النظام عندما يضطرب النوم. وقد وجدت دراسات أخرى أن هذا الشكل من الضعف العصبي يمكن أن يحدث بعد أن يعاني الأشخاص من الحرمان من النوم لليلة واحدة فقط أو يحصلون بشكل روتيني على أقل من ست ساعات من النوم، أو عندما يقتصر نوم المشاركين على أربع ساعات فقط في الليلة لمدة خمس ليال.
ويمكن أن يكون هذا الضعف قويًا للغاية لدرجة أنه يطمس الخطوط المحيطة بما يعتبره الناس عاطفيًا. بعبارة أخرى؛ أصبحت عتبة ما يعتبره الدماغ عاطفيًا أقل بكثير عندما لم تتمكن اللوزة من العمل بالتنسيق مع قشرة الفص الجبهي، إن ضعف التحكم العاطفي هذا يجعلنا أكثر عرضة للقلق وسوء الحالة المزاجية.
وقد يكون للتأثيرات على اللوزة الدماغية وقشرة الفص الجبهي والدوائر الموجودة بينهما العديد من العواقب الأخرى أيضًا. فقد أظهرت النتائج أن التغيرات في دائرة الدماغ هذه، بالإضافة إلى المناطق الأخرى المشاركة في الاستيقاظ، ترتبط بزيادة ضغط الدم بعد ليلة واحدة من الحرمان من النوم. وقد تساهم الآليات على مستوى الدماغ في إحداث تغييرات تؤثر سلبًا على الجسم بأكمله؛ مما يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية.
واختتمت المجلة التقرير بالقول إنه بالعودة إلى الوراء، يصبح من الواضح أن الصحة العقلية والعاطفية -مثل صحتنا الجسدية- تعتمد على توازن دقيق. إن الاختيارات التي لا تعد ولا تحصى التي نتخذها طوال النهار والليل تحافظ على هذا التوازن. وبالتالي، فإن الحرمان من النوم لليلة واحدة حتى يمكن أن يسبب ضررًا.