اكتشاف فرع جاف لنهر النيل يُعيد كتابة تاريخ بناء الأهرامات

الأهرام
يعدّ اكتشاف فرع جاف من نهر النيل بالقرب من الأهرامات إنجازا علميّا كبيرا- عربي21 لايت
  • القاهرة- عربي21 لايت- محمد سندباد
  • الجمعة، 31-05-2024
  • 10:12 ص
في خضمّ ثروات مصر القديمة المُبهرة، يبرز اكتشاف علمي هائل يُعيد كتابة تاريخ بناء الأهرامات العظيمة. فقد نجح فريقٌ من الباحثين المصريين، بالتعاون مع خبراء دوليين، في الكشف عن فرع جافّ لنهر النيل، مدفون تحت رمال الصحراء الغربية، بالقرب من أهرامات الجيزة.

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها رصد فرع جافّ لنهر النيل باستخدام تقنيات متطورة، حيث اعتمد الباحثون على الأقمار الصناعية وأشعة الرادار المخترقة للأرض لكشف أسرار هذا الفرع المائيّ القديم، ويعود تاريخ هذا الفرع الجافّ إلى ما قبل 4700 عام.

التكنولوجيا المستخدمة في الاكتشاف
في تطور علمي وتاريخي مثير، نجح فريق مشترك من الباحثين من جامعة طنطا والمعهد القومي للبحوث الفلكية في مصر، بالتعاون مع خبراء من الولايات المتحدة وأستراليا، في اكتشاف فرع جاف مدفون من نهر النيل بالقرب من الأهرامات الشهيرة في الجيزة.

يصف بعض الباحثين والآثاريين هذا الاكتشاف بالمثير الذي قد يغير الفهم التاريخي لمواقع بناء الأهرامات المصرية. هذا الاكتشاف الفريد قد يفسر سبب بناء أكثر من 30 هرما على طول الشريط الصحراوي الغربي لوادي النيل منذ آلاف السنين.


استخدم الفريق البحثي تقنيات متطورة من التصوير بالأقمار الصناعية، مما أتاح لهم الحصول على صور عالية الدقة للأرض، وتحليل الطبقات الجيولوجية تحت السطح. كما استخدموا أشعة الرادار المخترقة للأرض (GPR)، وهي تقنية تسمح برصد البنية التحتية المدفونة دون الحاجة إلى الحفر والتنقيب. هذه التكنولوجيا كانت حاسمة في تحديد موقع فرع النيل الجاف بدقة، وفهم مساره وتفاصيله.

أهمية الاكتشاف الأثري‌
هذا الاكتشاف يعيد تشكيل الفهم التاريخي والجغرافي لمنطقة الأهرامات، حيث يعتقد العلماء أن وجود هذا الفرع من النيل، كان له دور حاسم في اختيار مواقع بناء الأهرامات.

يُفترض أن هذا الفرع كان يستخدم لنقل الأحجار والمواد اللازمة لبناء الأهرامات عبر القوارب، ممّا يسهل عمليات البناء المعقدة التي قام بها المصريون القدماء.

كما يفسر هذا الاكتشاف لماذا اختار الفراعنة بناء أكثر من 30 هرما على طول الشريط الصحراوي الغربي لوادي النيل منذ حوالي 4700 عام. من المرجح أن قرب هذه الأهرامات من مصدر مائي مهم، كان يسهل عمليات النقل ويوفر موارد مائية ضرورية للعاملين في تلك المشاريع الضخمة.

ردود فعل المجتمع الأثري
‌رحّب المجتمع الأثري والعلمي بهذا الاكتشاف الذي يضيف بُعدا جديدا لفهم الحضارة المصرية القديمة، واعتبر الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات، الدكتور أحمد عامر، أن هذا الاكتشاف يمثل خطوة كبيرة نحو فهم أفضل لتاريخ مصر القديمة وآليات بناء الأهرامات. 

وأوضح عامر، لـ"عربي لايت" أنه "معروف أن نهر النيل كان لديه سبعة أفرع حتى وقت قريب، ولم يتبق سوى فرعي رشيد ودمياط، وكان هناك حديث عن وجود مجرى لنهر النيل يمر بجوار الأهرامات، ولكن كان ينقص الأثريين أدلة تؤكد هذا الاعتقاد، وهذا ما يبرر بناء أكثر من 30 هرما في تلك المنطقة بالعاصمة منف أو ممفيس، في عصر الدولة القديمة التي تعج بالكثير من الأهرامات".

إظهار أخبار متعلقة


أمّا بخصوص أهمية هذا الاكتشاف، بيّن عامر أنه "كُشف وأُكد أن نقل الأحجار كان يتم عبر نهر النيل، والمصري القديم كان يستخدم الأحواض، وكانت بمنزلة موانئ نهرية، ومجرى النهر المكتشف هو كان بمنزلة الطريق السريع لنقل العمال والأحجار".

وأضاف: "هذا الاكتشاف يدل على مدى أهمية نهر النيل في حياة المصري القديم، ويفسر وجود عدد كبير من الأهرامات في تلك المنطقة دون غيرها تحديدا، وسوف يساهم في تحديد مواقع العديد من الاكتشافات الأثرية بشكل دقيق، ويقدم مؤشرا على وجود مستوطنات بشرية قديمة هناك".

الاكتشاف أجاب عن بعض الأسئلة وطرح أخرى
ثمّن كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، مجدي شاكر، الاكتشاف الجديد الذي أجاب عن جزء من سؤالين، بالقول: "الاكتشاف الجديد أجاب عن جزء من سؤالين أو سؤال من شقين، وهو كيف تم نقل هذه الأحجار، والآخر كيف تم رفع هذه الأحجار وتثبيتها، والجزء الأول من السؤال كان معلوما منذ تسعينيات القرن الماضي، ولكنه غير مؤكد، ولكن الاكتشاف الجديد أكده بالأدلة".


وأشار في حديثه لـ"عربي لايت"، إلى أن "عالم الآثار الأمريكي مارك لينر اكتشف حينها بقايا حوض للمياه بجوار الهرم خوفو كانت ترسو به السفن، أي هرم يكون لديه معبدان؛ معبد وادي ومعبد جنائزي، وموقعه إلى جانب فرع النهر، من ثم كان لدينا يقين بوجود حوض مائي أو فرع من فروع النيل هناك، خاصة أننا نتكلم عن أكثر من 7 مليون قطعة، فكيف تم نقلها، ومن ثم كان لدينا تساؤلات".

وأوضح أن "هناك دراسات ذهبت إلى هذا القول، ثم في عام 2013، اكتشف المركز الفرنسي للآثار الشرقية بمنطقة وادي الجرف في البحر الأحمر مجموعة من البرديات لرجل كان يدعى ميرور، وكان يعمل رئيسا للعمال الذين كانوا يقطعون الأحجار وينقلونها لبناء الأهرامات، حيث كان يكتب اليوميات الخاصة، أوضح فيها الكثير من التفاصيل حول تقطيع الحجارة ونقلها لمنطقة بناء الأهرامات عبر النهر".

سوف تعطينا فكرة في المستقبل، أن نهرا بهذا الطول يؤكد أن هناك كانت مستوطنات بشرية بحضارات مختلفة ومتعددة، وبها مدن وقرى. ومع مزيد من الحفائر، سوف يظهر الكثير من الآثار المدفونة تحت الأرض، وهذا الكشف أجاب عن سؤال مهم، ولكنه يطرح أسئلة أخرى حول التغيرات التي حدثت لهذا النهر ومصير المستوطنات البشرية حوله".

إظهار أخبار متعلقة


يعدّ اكتشاف فرع جاف من نهر النيل بالقرب من الأهرامات إنجازا علميّا كبيرا، يساهم في إلقاء الضوء على جوانب جديدة من تاريخ الحضارة المصرية القديمة. هذا الاكتشاف ليس فقط دليلا على الابتكارات التكنولوجية في مجال علم الآثار، بل يعزز أيضا فهمنا للعوامل الجغرافية والبيئية التي أثرت على قرارات البناء لدى الفراعنة. مع استمرار البحث والتحليل، قد تكشف الأيام القادمة عن المزيد من الأسرار المثيرة لهذه الحضارة العريقة.
شارك
التعليقات